الخاتم الحديدي . التزام المهندس
2014 لنسامح التصميم
هنري بيتروكسكي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
التكنولوجيا والعلوم التطبيقية الهندسة
يعود أصل مراسم الخاتم الحديدي إلى أوائل العشرينات من القرن الماضي، عندما أراد البروفسور هربرت. إ. ت. هولتين (Herbert E. T. Haultain)، أستاذ هندسة التعدين في جامعة تورونتو أن يحُسّن من صورة المهنة ما بين المهندسين أنفسهم. فارتأى التأسيس لمراسم مشابهة لتلك التي يقوم الأطباء الشباب بها عندما يؤدّون قسم هيبوقراط. بعد تخرّج هولتين من تورونتو عام 1889 عمل في صناعة التعدين في أوروبا وكولومبيا البريطانية في كندا، حيث حصل على معرفة مباشرة للظروف التي أقنعته بالحاجة لاعتماد معايير عالية للأخلاق عند المهندسين الشباب، والظروف التي آلمت هوليتن تضمّنت ممارسة الهندسة من دون خبرة مناسبة، والتي بالطبع زادت من احتمال الفشل الناتج من التصميم غير المناسب، وقد كانت الممارسة غير المقيدة للهندسة منتشرة بشكل واسع في أوائل القرن العشرين، كما يدلّ عليها تبني معايير الأخلاق من قبل الجمعيات الهندسية ومؤسسات تسجيل المهنة في تلك الفترة. كما رغب هولتين أن يرى كذلك تشكيل منظمة لتوحد جميع أعضاء مهنة الهندسة من الكنديين بغض النظر عن اختصاصاتهم.
في عام 1922، تكلّم هولتين عن اهتماماته في أجتماع في مونتريـال حضره سبعة رؤوساء سابقون لمعهد [جمعية] الهندسة الكندي (Engineering Institute of Canada)، خليفة الجمعية الكندية للمهندسين المدنيين (Canadian Society of Civil Engineers)، التي كانت أكثر شمولاً مما يدل عليه أسمها. لقد بدأ استخدام مصطلح مهندس مدني (Civil engineer) في أواخر القرن الثامن عشر كإشارة إلى جميع المهندسين الذين لا علاقة لهم بالجيش، وفي منتصف القرن التاسع عشر، ومع تطوّر تكنولوجيات للسكك الحديد والتلغراف، قام مهندسون في عدد من البلدان بتمييز أنفسهم من خلال تصنيفات مثل مهندس ميكانيك أو كهرباء أو تعدين، وعندما سمح العدد قاموا بتشكيل جمعيات مهنية خاصة بهم. ففي كندا، على سبيل المثال، حيث عدد المهندسين أصغر من عددهم في الولايات المتحدة، استمرت الجمعية الكندية للمهندسين المدنيين باعتبار جميع المهندسين الذين لا يعملون في الجيش ضمن أعضائها، لكن كانت هناك مقاومة متزايدة لذلك. لذا غيّرت الجمعية اسمها إلى معهد الهندسة لغرض تحقيق الشمولية، وفي اجتماع مونتريـال، تبنّى الرؤوساء السابقون أفكار هولتين لغرض توحيد المهنة وشجعوه على الاستمرار بها.
رغب هولتين في تأسيس مراسم شخصية ورسمية لتنصيب المهندسين الشباب الذين لم يتعاملوا بعد بشكل كامل مع العالم الحقيقي خارج صفوف الدراسة، لذا كتب إلى روديارد كيبلنغ، الذي صادف أن كان في كندا في ذلك الوقت، ليعد الكلمات [المناسبة] لهذه المراسم. وكان كيبلنغ من زمن طويل بطل أدبي وقدوة للمهندسين، حيث كان قد نشر قطعاً محبوبة، كالقصة القصيرة "بناة الجسر" (The Bridge Builders) في عدد عيد الميلاد عام 1893 من مجلة الستريتد لندن نيوز (Illustrated London News) والقصيدة "أبناء مارثا" (The Sons of Martha) عام 1907. وترجع أصول القصيدة "أبناء مارثا" إلى نصوص لوقا من الإنجيل (10، 38-42)، حين زار المسيح بيت مارثا، وأيّد قيام أختها ماري بالجلوس والإنصات لتدريسه بدلاً من مساعدة مارثا، التي عادة ما تكون منهمكة في خدمة الجميع. شبّه كيبلنغ المهندسين بمارثا وأبنائها [أطفالها] المستمّرين بأداء الواجبات البيتية لضمان استمرارية تدبير المنزل، بدلاً من الجلوس عند أقدام المسيح وسماع حكمته، كما كانت تعمل ماري، وكذلك أولادها وبناتها كما هو مفترض.
ويدلّ مطلع القصيدة على نغمتها:
قلما يكترث أبناء ماري، لأنهم ورثوا ذلك الجزء الجيد؛
لكن أبناء مارثا يفضّلون أمهم ذات الروح المتأنية والقلب المضطرب.
ولأنها فقدت أعصابها مرة، ولأنها أساءت إلى ضيفها الربّ،
وجب على أبنائها خدمة أبناء ماري، عالم من دون نهاية، سامح، أو ارتاح.
هو واجبهم في جميع العهود في تحمّل الضربة ووسدّ الصدمة.
بعنايتهم يعشّق الترس، بعنايتهم يقفل المفتاح.
بعنايتهم تدور الدواليب بصدق؛ وبعنايتهم نبدأ ونجر،
نسجل وننقل، ونسلم كما ينبغي أبناء ماري بالأرض وعرض البحر.
بالرغم من أن بعض المهندسين الذين جاؤوا بعد ذلك يقرأون قصيدة كيبلنغ كإدانة للمهندسين ووضعهم في درجة ثانية مقارنة بالمدراء، لكن جيل هولتين كانوا مسرورين لدور "أبناء مارثا" كنصٍّ مُعرِّف بهم، وكان رد فعل كيبلنغ لدعوة هولتين حماسياً، وقام بصياغة "طقوس التسمية للمهندس"، بالتشاور مع مجموعات من المهندسين الكنديين، التي احتوت على "الالتزام" ليتجنّب المهندسون من خلالها العمل الرديء و"يحرسون بشرف" سمعة المهنة. وكلّ مشترك في هذه المراسم يمكنه تأطير وعرض نسخة موقعة من "الالتزام"، وفيما عدى ذلك فمحتوى الشعيرة "لم يكن للعموم ولا للصحافة". وفي محاولة لفرض المنع، تم تسجيل براءة النص للحفاظ على الحقوق. (بمرور الوقت، أُتيح حضور المراسيم لوالدي المشاركين، لذا لم يعد ممكناً أن يعتبر [النص] سرياً).
لم تأت فكرة توقيع "الالتزام" من هولتين أو كيبلنغ. فالحقيقة أن الجمعية الملكية (Royal Society)، التي تأسست في لندن عام 1660، مستمرّة حتى هذا اليوم في تقليد توقيع كتاب الدستور (Charter Book) من قبل كل عضو بدرجة زميل وأي عضو أجنبي جديد. وقد استحدث الكتاب عام 1663 عندما منحت الجمعية دستورها الملكي الثاني، الذي أسس هيكلية الجمعية. ويظهر في رأس كل صفحة توقيع [العبارة]:
"التزام زملاء الجمعية الملكية" (The Obligation of the Fellows of the Royal Society):
نحن الذي اشتركنا ها هنا، نتعهّد بموجبه أن نسعى للترويج الجيد للجمعية الملكية للندن لتحسين المعرفة الطبيعية ونواصل لبلوغ الأهداف التي من أجلها أنشئت [الجمعية]؛ أن ننفّذ، قدر ما نستطيع، الأفعال المطلوبة منا من قِبل المجلس؛ وأن نلتزم بالقوانين والأوامر القائمة للجمعية المشار إليها. بشرط أنه عندما يشير أي منا إلى الرئيس القائم، الرغبة في الانسحاب من الجمعية، نكون عندئذٍ أحراراً من هذا الالتزام في المستقبل.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]