الخرسانة
2014 أبجدية مهندس
هنري بيتروسكي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الخرسانة (Concrete). الخرسانة الحديثة هي عموماً مزيج من الماء والرمل وحصى مجروش ومادة تساعد على التماسك تعرف باسم إسمنت بورتلاند (Portland)، ويُنشَّف [هذا المزيج] ويُقسّى حتى يصبح أشبه بالكتلة الصخرية. صبّة الخرسانة البسيطة (غير المسلحة)، المعروفة أيضاً باسم الكتلة الخرسانية، كانت معروفة منذ العصر الروماني؛ أما الخرسانة المسلّحة بالفولاذ فتعود إلى منتصف القرن التاسع عشر عندما أُدخل في الخرسانة قضبان حديد وشبكات حديدية لتحسين المتانة ومنع حدوث الشقوق. وقد ازداد استعمال الخرسانة المسلحة في التطبيقات الكبيرة جداً مع بداية القرن العشرين. وبما أن الخرسانة سُمّيت خطأ إسمنت من قبل العامة، فإن استعمال الكلمة استُخدم كعلامة فارقة لتمييز المتعلّمين تقانياً عن غيرهم.
يعتبر سدّ هوفر (Hoover Dam)، الواقع على الحدود بين ولاية أريزونا وولاية نيفادا(Arizona and Nevada)، من أكبر الهياكل الخرسانية التي دارت حولها الكثير من القصص، وهو يضمّ 3.25 مليون ياردة مكعبة من الخرسانة. وأول دلو خلّاط خرسانة كبير (احتوى على ثماني ياردات مكعبة) من الخرسانة الرطبة صُبَّ في السادس من حزيران/ يونيو عام 1933، وتتالى بعده الصبّ بمعدل خلاط كل دقيقتين ونصف على مدى عامين متتاليين كان آخرها في 29 أيار/ مايو عام 1935. وفي موقع بناء السد، كان يُحْمَلُ كل دلو خلّاط مليء خرسانة على نظام متطوّر من الكابلات التي امتدت فوق الوادي الأسود (Black Canyon) واستمر العمل على مدار السنة بلا توقف أبداً.
اشتهر سدّ هوفر لاحتوائه على أنابيب ماء مغروسة في الخرسانة، لتعمل كنظام تبريد لطرد ما يسمى بحرارة امتصاص المياه الناجمة عن تقسّي نشفان الخرسانة. ولو تركت [هذه الحرارة] على حالها فإن كتلة الخرسانة في السدّ ستستغرق قرناً حتى تصل إلى درجة حرارة الجو الخارجي. ولأن الخرسانة تنكمشُ مع تبرّدها، فإن الهيكل قد يحاول الابتعاد عن مكانه ما قد يحدث التشقّق. ولحل هذه المسألة في سد هوفر، فقد صُبّت الخرسانة في كتلٍ عدّة مصمتة متجاورة، تنكمشُ مع جريان الماء المبرّد عبر الأنابيب التي كانت تحمل معها الحرارة. وهذا يترك على نحو طبيعي ثغرات بين الكتل، ولكن هذه الثغرات كانت تملء بحقن الإسمنت – وهو عبارة عن خرسانة من دون الحصى المجروش، الذي كان يتألّف في سد هوفر من حجارة مقطعها 8 إلى 9 إنشات – لإنتاج تركيبة صلدة عُتّقت مادتها جيداً. وفي ندوة عُقدت بمناسبة العيد الخامس والسبعين للسدّ نوّه خبير بالخرسانة أنه لا يوجد أي علامات تسريب. انظر:Richard L. Wiltshire, David R. Gilbert, and Jerry R. Rogers, eds., Hoover Dam 75th Anniversary History Symposium (Reston, Va.: ASCE, 2010).
تبدو الخرسانة، وخصوصاً عند صبها، جاذبة لمن يبحث عن كتابة الحروف الأولى لاسمه فيها، وكذلك أصحاب النكت الواقعية بما لهم من دوافع شيطانية أكثر. وهناك حكاية حول بناء واحدة من أنفاق التحويل في سد هوفر. وكان على هذه الأنفاق أن تنقل مياه نهر كولورادو عبر جدران الوداي، أي حول موقع البناء، ومن ثم تمكين [السد قيد الإنشاء] من البقاء جافاً بحيث يمكن توضيع الخرسانة ومن ثم يمكن إكمال بناء السد. وبعد تفجير وتفتيت الصخور ونقلها، كان على الأنفاق أن ترصف بالخرسانة مقدّمةً سطحاً أملساً تجري عليه المياه. كانت خرسانة الرصف تصب خلف قوالب خشبية تزاح عندما تجف المادة [الخرسانة]. ومرة عند إزاحة القوالب ظهر أن عاملاً قد دُفن في الرصف. وفي الواقع فإن "الجسد" كان مجموعة من ثياب العمل وقبعة صلدة وضعت في الخرسانة الرطبة لإعطاء انطباع بأن رجلاً قد دفن في الخرسانة المتصلّبة. البعض يمزح! لُوحق من قام بذلك وصرف من العمل مهندس السد الشهير فرانك كروي (Frank Crowe) (1882-1946) الذي اشتهر باسم "استعجل" (Hurry Up). فهو لم يكن يريد لمثل هذه الحماقات أن تؤخّر أو تهدد برنامج مشروع بنائه.
في عام 2008 عندما كان ملعب ستاد اليانكي (Yankee Stadium) قيد البناء في نيويورك، رمى عامل مُخرّب من مؤيّدي فريق بوسطن قميصاً داخلياً من قمصان نادي ريد سوكس (Red Sox) في بعض من الخرسانة الرطبة، والهدف من ذلك كان وضوحاً لجلب النحس في ميدان البيسبول الجديد وفريقه. وبطريقة ما فقد سرى كلام حول ذلك وبأن هذا العمل فعلَ فعله، ونقل بعض زملاء هذا العامل من مؤيدي فريق نيويورك أنّ شارة النحس أثّرت يوم الواقعة. وصُرف وقت وجهد كبيرين لطرق وتفتيت الخرسانة القاسية في المكان الذي يفترض أن القميص الداخلي دفن فيه. وبعد خمس ساعات من التقطيع حتى عمق قدمين من الخرسانة أمكن العثور على القميص الممزق باللون الأبيض والأحمر ويحمل اسم أورتيز (Ortiz) والرقم 34، [بما جعل البعض يعتقد] أن هذا أوقف فعل اللعنة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]