الحيوانات والطيور والحشرات

الخصائص التي تتمتع بها الأعشاش المختلفة لـ”الطيور”

2001 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثاني عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

عش الطيور خصائص عش الطيور الحيوانات والطيور والحشرات البيولوجيا وعلوم الحياة

تَتَّخِذُ الطُّيورُ أَعْشاشًا لتضعَ فيها الإناثُ بيضَها، ولِحَضانَةِ هذا البيْضِ، ولرِعايَةِ الأفْراخِ حتَّى تكبُرَ وتطيرَ. وتتبايَنُ طبائِعُ أنواعِ الطيورِ المختلفَةِ فـي هـذهِ الأمـورِ. وفي بعضِ الأنواعِ يعاوِنُ الذَّكرُ الأُنْثَى في حضانَةِ البيْضِ وتَرْبِيَةِ الصِّغارِ.

وفضلاً علَى هذا يُوَفِّرُ العُشُّ للبيْضِ والأفْراخِ الدِّفْءَ والأمانَ من الأعداءِ. ولذلِكَ يَتَفَنَّنُ معظمُ الطُّيورِ في إخفاءِ أعشاشِهِ عن العيونِ.

وللطيورِ أيضًا عاداتٌ عَجيبةٌ في تَخَيُّرِ الأَماكِنِ الّتي تُقيمُ فيها أَعْشاشَها، وتَوْفيرِ الموادِّ الّتي تَسْتَخْدمُها في بناءِ تلْكَ الأَعْشاشِ، وفي الطُّرُقِ البارِعَةِ الّتي تَسْلُكُها في هذا البناءِ.

 

وقليلٌ من الطُّيورِ لا يَصْنَعُ أَعْشاشًا، فإناثُ بعضِ الطُّيورِ البَحرِيَّةِ تَضَعُ بيضَها بينَ الحَصَـى أو علَى الصُّخورِ العارِيَةِ في أماكِنَ مُنْعَزِلَةٍ من الشّاطِئِ؛ وبعضُها يفعَلُ ذلِكَ في جَماعاتٍ كبيرَةٍ، كما في بعضِ أنواعِ البِطْريقِ. وكذلِكَ يَضَعُ بعضُ أنواعِ السَّبَدِ بَيْضَهُ علَى الرَّمْلِ مُباشَرَةً.

وفي جَميعِ هذهِ الأَحْوالِ يُشابِهُ البيْضُ ما حولَهُ، فلا تكونُ هناكَ حاجَةٌ إلَى إخفائِهِ.

وبعضُ الطُّيورِ، مثل القَطْقاطِ، يَضَعُ حُفْرَةً بَسيطَةً علَى سطحِ التُّرْبَةِ، تُسَمَّى «أُفْحوصًا»، يضعُ فيها بيضَهُ.

 

ولكنَّ أُنْثَى النَّعامِ تهيلُ الرَّمْلَ على الأُفْحوصِ الّذي وَضَعَتْ فيه بَيْضَها كبيرَ الحَجْمِ لتُخْفِيهُ تمامًا عن العُيونِ.

أمّا قُبَّرَةُ الغياض فتفرِشُ أُفحوصَها بالأغصانِ وتبطِّنُهُ بالشَّعْرِ والصّوفِ الّذي يحافِظُ علَى دِفْئِهِ.

ولكنَّ كثيرًا من الطُّيورِ يبني أَعشاشَهُ بينَ أَغْصَانِ الأَشجارِ والشُّجيْراتِ، وبدرجاتٍ متفاوِتَةٍ من التَّعْقيدِ والإتْقانِ.

 

فأنواعُ الحَمامِ واليَمامِ تَبْني عِشاشَها بأعْوادٍ تَصُفُّها مُتَقاطِعَةً بغيرِ انتظامٍ، تارِكَةً فيها كثيرًا من الفُرَجِ.

ولكنَّ معظمَ الطُّيورِ يُظْهِرُ مهارةً كبيرَةً في إحْكامِ نسْجِ أعْشاشِهِ.

 

وأكثرُ أَشْكالِ الأعْشاشِ المَنْسوجَةِ شُيوعًا هو الشَّكْلُ المُقعَّرُ الّذي يُشبهُ القَدَحَ أو «الفِنجانَ»: ذو فُتْحةٍ مُتَّسِعَةٍ في أَعْلاهُ، كَعُشِّ الحَسُّونِ وكثيرٍ غيرِهِ من أواعِ «العصافيرِ» والدُّجِّ والسُّمَّنَةِ، وأَمْثالِها.

وبعضُ الطُّيورِ النسَّاجَةِ يبني عِشاشًا كالكُرَةِ، لهُ فُتْحَةٌ جانبيَّةٌ صغيرةٌ في أَسْفَلِهِ. فنَسَّاجُ القَريَةِ الأَفْريقيُّ ينسجُ عُشًّا من هذا القبيلِ مُعَلَّقًا بقُوَّةٍ في غُصْنٍ يَتَدَلَّى نحو الماءِ.

 

أمّا نَسَّاجُ بايا، الّذي يستوطنُ الهِنْدَ ومناطِقَ مختلِفَةً في جنوبيِّ آسيا، فإنَّه يَبْني عُشًّا يُشْبِهُ قِنِّينَةً مَقْلوبَةً، يَنْتَهِي عُنُقُها ببابِ العُشِّ في أَسْفَلِهِ.

وهذا المَدْخَلُ الطّويلُ المُلْتَوي يمنعُ الثَّعابينَ والسّناجيبَ من التَّسَلُّلِ إلى العُشِّ لأَكْلِ ما فيهِ من بيْضٍ أو أفْراخٍ.

 

وكما توجَدُ طيورٌ نسَّاجَةٌ، توجدُ طيورٌ خيَّاطَةٌ، كذلِكَ النَّوعِ الّذي يعيشُ في جنوبِ شرقِيِّ آسْيا، ويَخْيطُ وَرَقَتَيْ شَجَرٍ كبيرَتيْن عِنْدَ حافَّتَيْهما.

وهو يَصنَعُ ثُقوبًا على مَسافاتٍ مُنْتَظِمَةٍ، ثُمَّ يَستخدمُ خيوطًا من الأَليافِ النَّباتِيَّةِ أو نَسيجِ العَناكِبِ لِحِياكَةِ هذهِ الغُرَزِ!

 

وموادُّ بِناءِ العِشاشِ مُتَعَدَّدَةٌ تشملُ أَشياءَ متبايِنَةً، كأغصانِ الأَشجارِ وأوراقِها، والأعْشابِ الطّرِيَّةِ أو الجافَّةِ، والريشِ والشَّعْرِ والصّوفِ، والأليافِ النَّباتِيَّةِ والخِرَقِ البالِيَةِ، وغيرِها.

أمّا الخطاطيفُ («عصافيرُ الجنَّةِ») فَتَبْني عِشاشَها من الطِّينِ والقَشِّ بعدَ أنْ تمزِجَها بِلُعابِها اللَّزِجِ، بلْ إنَّ بعضَ السُّماماتِ لا تبني عِشاشَها إلاَّ من لُعابِها وحدَه؛ وهذا يَسْتغرِقُ منها أيّامًا كثيرةً حتَّى تستطيعَ أنْ تُفْرِزَ اللُّعابَ الكافي للبِناءِ.

ويَجْمَعُ الصِّينيونَ هذه العِشَاشَ ويَصْنعونَ منها حَساءً لذيذًا، كما يصدِّرونها إلَى الخارِجِ.

 

وبعضُ الطُّيورِ يبحثُ عن أَماكِنَ مناسِبَةٍ لِيَتَّخِذَها عُشًّا، كالشُّقوقِ والفَجواتِ في سُقوفِ المباني ونَوافِذِها وزَخارِفِها، ونحوِ ذَلِكَ.

أمّا نَقَّاراتُ الخَشَبِ فتَنْقِرُ في أَجْذاعِ الأشجارِ حُفَرًا تصنعُ فيها أَعشاشَها. وأمّا الطيورُ ذواتُ المِنْقارِ القَرْنيِّ فأَمْرُها يثيرُ العَجَبَ والإعْجابَ حقًّا.

 

فأنثَى هذه الطيورِ تَحْبِسُ نفسَها فـي فَجْوَةٍ كبيرَةٍ في جِذْعِ شَجَرَةٍ، ثُمَّ تَسُدُّ فُتْحَتَها بالبِـــرازِ والطّينِ،ولا تتركُ إلاَّ شقًّا ضيِّقًـــا.ولا يَتَخَــلَّى الأَبُ عــن عائِلـَتِــهِ الحَبيسَةِ، فهو يَحْمِلُ إليها الغِذاءَ بانتِظامٍ، ويناوِلُهُ إلى مِنقارِ الأُمّ البارِزِ من الشَّقِّ.

وعِنْدَما تكبُرُ الأفراخُ وتَقْوَى، تَكْسِرُ الأُمُّ بمنقارِها القوِيِّ الحاجِزَ الّذي صَنَعَتْهُ وتنطلِقُ لتساعِدَ الأَبَ في جَمْعِ الغذاءِ لصِغارِهِما.

 

وللطُّيورِ «المُعَرِّشَةِ» عاداتٌ عَجيبةٌ في التَّزاوُجِ تَسْبِقُ بناءَ العُشِّ.

فَذكورُ هذهِ الطُّيورِ تُقيمُ عَرَائِشَ، كأَنَّها خَيْمةٌ أو سُرادِقٌ لِلْعُرْسِ، تحتلِفُ أشكالُها باخْتلافِ الأنواعِ، ثمَّ تُزَيِّنُ مَدْخَلَها بأجسامٍ زاهِيَةِ الألْوانِ من أوراقِ الأَزْهارِ والحَصَى والرِّيش، وأشياءَ مُخْتَلِفَةٍ يَلْتَقِطُها من هُنا وهُناك – ولكلِّ نوعٍ لونٌ مُفَضَّلٌ عندَهْ.

وعِنْدَما تَقْتَرِبُ أُنْثَى يلتقِطُ الذكرُ بمنْقارِهِ شيئًا لافِتًا للنَّظَرِ من هذهِ الأَشْياءِ ويَهُزُّهُ أَمامَها، مُصْدِرًا أصواتًا متنوِّعَةً لِجَذْبِ انْتباهِها وإغْرائِها.

فإذا راقَ هذا العَرْضُ الأُنْثَى، دَخَلَتْ، تَتَبَخْتَرُ إلَى هذا المكانِ الجميلِ الّذي بَذَلَ الذكرُ غايَةَ جُهْدِهِ وذَوْقِهِ في إعدادِهِ.

 

وبناءُ العِشاشِ يتطلَّبُ من الطُّيورِ جُهدًا كبيرًا، حتَّى إنَّ بعضَها قَدْ يحتاجُ إلَى أكثرَ من أَلْفِ رِحْلَةِ طَيَرانٍ لِجَمْعِ موادّ بنائِهِ.

ولذَلِكَ قَدْ تستخدمُ بعضُ الطُّيورِ عِشاشَها أكثرَ من مَرَّةٍ واحِدَةٍ، ولكنَّ هذا قَدْ يؤدِّي إلَى كَثْرَةِ الطُفيلياتِ فيهِ.

وبعضُ الطُّيورِ يتغلّبُ على هذا بأنْ يُزَوِّدَ العُشَّ بأوراقٍ طَرِيَّةٍ من نباتاتٍ مُعَيَّنَةٍ لها خَصائِصُ طارِدَةٌ للحشراتِ أو مبيدةٌ لها.

 

هذا فضلاً على حِرصِ الطُّيورِ البالِغِ علَى حِفْظِ أَعشاشِها نَظيفةً، وعلى عَدَمِ تَلْويثِها بالفَضَلاتِ وبَقَايا الطّعامِ الّتي تقذِفُ بها بعيدًا عن العُشِّ.

ومن الطبيعِيِّ أنْ تَعْتَمِدَ الطُّيورُ في معظمِ هذهِ الأَعْمالِ الدَّقيقَةِ والعَجيبَةِ علَى مَناقِيرِها مُتَعَدِّدَةِ الوظائِفِ والأَشْكالِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى