الخصائص التي تتمتع بها “الجزيئات” المتواجدة داخل خلايا جسم الإنسان
2013 آلات الحياة
د.ديفيد س. جودسل
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الجزيئات خلايا جسم الإنسان خصائص جزيئات الخلية البيولوجيا وعلوم الحياة
تقوم الجزيئات في خلايانا بأداء وظائفها في عالم غريب وغير مألوف بالنسبة لنا ولذا يجب أن نكون حذرين عند دراستها.
فعند محاولتنا لفهم إحدى العمليات التي تقوم بها الجزيئات فإن حدسنا قد يكون مضللاً . حيث نجد أن المبادىء التي توجه الأشياء في عالمنا اليومي – وتتضمن الجاذبية وقوى الاحتكاك والحرارة – تكون مختلفة على مستوى الجزيئات، وغالباً وبشكل مفاجىء ما يكون لها تأثيرات مختلفة.
إلا أن هناك شيئاً أساسياً لا يتغير على مستوى أحجامنا وعلى مستوى الجزيئات وهو :تماسك المادة.
فعلى مستوى الجزيئات، ليست هناك حاجة لأن نلقي بالاً لتلك الأمور التي تبعث على الضيق وتظهر عند تطبيق مبادىء ميكانيكا الكم.
فللجزيئات حجم وشكل محددان، ومن المناسب جداً أن نتخيل أنها تصطدم ببعضها البعض ويمكنها أن ترتبط معا إن كانت أشكالها متوافقة مع بعضها البعض.
واذا لاحظنا الجزيئات عن قرب، فإننا سنجد أن حوافها غير محددة الشكل بعض الشـيء، ولكن في أغلب الأحوال، يمكننا أن نتعامل مع الجزيئات كأجسام طبيعية مثل المناضد والمقاعد.
وثمة خصائص أخرى تكون مختلفة جداً عندما ندخل عالم الجزيئات، فعلى سبيل المثال، فإنه نظراً للصغر الشديد في حجم الجزيئات فإن قوى الجاذبية الخاصة بها يمكن تجاهلها تماماً 5، فحركة الجزيئات البيولوجية وتفاعلاتها فيما بنها مُسيطر عليها بشكل تام بواسطة جزيئات الماء المحيطة بها في الخلايا أو الأنسجة.
فعلى درجة حرارة الغرفة ، يستطيع جزىء البروتين متوسط الحجم أن يتحرك بمعدل خمسة أمتار في الثانية (وهذا يعادل سرعة عداء سريع).
وإذا وُضع هذا الجزىء بمفردة في الفراغ يستطيع أن يتحرك مسافة تعادل طوله في نحو نانوثانية (جزء من البليون من الثانية)، ولكن في داخل الخلية، فإن هذا البروتين يتعرض إلى الدفع من جميع الجهات بواسطة جزيئات الماء.
وذلك فإنه يرتد إلى الأمام والخلف بسـرعة عالية، ولكنه يحتاج إلى وقت أطول كي يصل إلى أي مكان بالخلية (شكل 1-4)، فعندما يكون البروتين محاطاً بجزيئات الماء فإنه غالباً ما يحتاج إلى وقت أطول بمقدار ألف مرة ليتحرك مسافة تعادل طوله.
شكل 4.1 انتشار الجزيئات: تنتشر الجزيئات بشكل مستمر داخل الخلايا، متصادمةً بعشوائية من مكان لآخر.
ويُظهر لنا هذا الشكل عدة لقطات تم عملها بواسطة برنامج كمبيوتر يقوم بمحاكاة انتشار جزىء بروتين وجزىء سكر داخل خلية بكتيرية.
ويظهر مسار جزىء البروتين في الخلية باللون الأزرق ومسار جزىء السكر باللون الأحمر، يبدأ الجزيئان حركتيهما عند طرفين متقابلين في الخلية ويقومان باكتشاف الكثير من الفراغ بالداخل قبل أن يصل كل منهما إلى الآخر.
لنتخيل موقفاً مشابهاً في عالمنا، وذلك عندما تدخل إلى إحدى صالات السفر بالمطار وتريد أن تصل إلى نافذة التذاكر في الجانب البعيد من الصالة.
حيث تُقدر مثل هذه المسافة بعدة أمتار، ومن الممكن مقارنتها بطول جسمك. إذا كانت الصالة خالية، فيمكنك أن تسرع إلى نفافذة التذاكر في بضع ثوانٍ.
ولكن تخيل بدلاً من ذلك ان الصالة مزدحمة وممتلئة بأناس آخرين يحاولون أن يصلوا أيضاً إلى نوافذ التذاكر الخاصة برحلاتهم. فمع دفع الناس بعضهم البعض وتزاحمهم، فإن الأمر سوف يستغرق منك الآن 15 دقيقة لعبور الصالة!-
وخلال هذا الوقت، من الممكن أن يتم دفعك إلى كل مكان بالصالة، وربما يؤدي ذلك إلى عودتك إلى النقطة التي بدأت منها بضع مرات. وهذا يشبه المسار المتعرّج الذي تتخذه الجزيئات في الخلية، (وذلك على الرغم من أن الجزيئات ليس لديها هدف تصل إليه).
ربما تتساءل عن كيفية إنجاز أي شيء في هذا العالم الفوضوي. وتكمن الإجابة في أنه إذا كانت حركة الجزيئات عشوائية حقاً، فإنها ايضاً سريعة جداً مقارنةً بالحركة في عالمنا الذي نألفه، فالحركة العشوائية الانتشارية للجزيئات هي حركة سريعة لدرجة تكفي لأداء أغلب المهام في الخلايا.
ومن خلالها فإن كل جزىء يتخبّط داخل الخلية إلى أن يصل إلى المكان المناسب له.
ولكي يكون لدينا تصور حول مدى سرعة هذه الحركة، فيمكننا أن نتخيل خلية بكتيرية معتادة، مثل تلك الموضحة في شكل 1-1، وبها إنزيم عند إحدى نهايتيها وجزىء سكر عند النهاية الأخرى.
سنجد أن كلاً من الجزيئين سوف يتخبط فيما حوله ويتحرك داخل الخلية، مواجهاً العديد من الجزيئات في طريقه. وعلى الرغم من ذلك، فإنه يلزم حوالي ثانية واحدة في المتوسط لكي يصطدم هذا الجزيئان معاً مرة واحدة على الأقل.
وحقيقةً فإن هذا أمراً مدهشا: حيث يعني ذلك أن أي جزىء خلال رحلته الفوضوية في خلية بكتيرية معتادة سوف يواجه غالباً كل جزىء آخر في الخلية خلال بضع ثوانٍ، ولذلك فإنه عند مطالعتك للرسوم التوضيحية في هذا الكتاب ،
عليك أن تتذكر أن هذه الصور الثابتة يمكنها فقط أن تعطي لقطة و احدة خاطفة لهذا العالم الممتلىء بالجزيئات.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]