الرسم الميكانيكي
2014 أبجدية مهندس
هنري بيتروسكي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الرسم الميكانيكيDrawing) (Mechanical. كان في السابق جزءاً مطلوباً في المسافات الدراسية الميكانيكية، لطالب الهندسة من كل الاختصاصات، يتعلّم فيه كيف يمكن رؤية الأشياء بالأبعاد الثلاثة وعرض شكلها على المهندسين الآخرين بصيغ ثنائية الأبعاد. وكان يُتوقّع من كل المهندسين القدرة على إنتاج رسوم دقيقة وممعيرة لأجزاء من آلة وتجميعياتها باستخدام المساعدات الميكانيكية لسلالم القياس، مثل المسطرة التي لها شكل الحرف T والمثلثات والفرجارات وما شابه. وبتوجيه مثل هذا الانتباه الكبير إلى كيفية إجراء رسومهم يتحضّر طلاب الهندسة على نحو أفضل لقراءة وفهم الرسوم والمخططات الهندسية التي أعدها الآخرون. ومع دخول الحواسيب الرقمية أخذ الرسم الهندسي شيئاً فشيئاً يُنتج إلكترونياً وتخلّت الكثير من المدارس الهندسية عن الرسم الهندسي في مسافاتها الدراسية. ويعتقد الكثير من المراقبين أن هذا التغيّر سيُفقد طلاب الهندسة بعض قدراتهم في التصميم والرؤية والتواصل بواسطة المخططات البيانية.
قبل أيام الرسم باستخدام الحاسوب، كان المهندسون والمهندسون المعماريون غالباً ما يستخدمون أدوات مدرّجة مثل المسطرة، بحيث يمكن قياس مقياس الرسم مباشرة وبدون أية حاجة لاستخدام معاملات التحويل. ومثل مقاييس المهندسين والمهندسين المعماريين هذه كان لها عدة نماذج؛ ولكن النموذج الأكثر شيوعاً كان المسطرة المدرجة ذات المقاطع العرضية المثلثية، بأطراف طولانية وفجوات نصف دائرية مجهزة بأماكن لإمساكها ووضعها جاسئة للتحرّك من ثم على السلم المدرّج، وتدرّج أطرافها عادة بستة سلالم مختلفة للقيام برسوم تناسبية متنوعة. ومع أن هذه المساطر تناقص شيوعها باستمرار، فقد استمر استعمال بعضها من قِبل المهندسين والمهندسين المعماريين الأكبر سنّاً الذين تعاملوا مع العديد من رسوم البناء.
لربما كانت مسطرة الـ T واحدة من أكثر الأيقونات المشهورة في الرسم الميكانيكي والأداة الرئيسية في ممارسته؛ ولها رأس ونصل يشكلان زاوية قائمة في ما بينهما. وقبل الرسم المحوسب، تعلم كل المهندسين التعامل مع زوج من مثلثات الرسم بزلقهما على طول نصل مسطرة الـ T وعلى أطراف واحدهما الآخر بتشكيلات وزوايا مختلفة للحصول على متعامدات ومتوازيات وخطوط مستقيمة أخرى بدقة. كان أحد المثلّثين القائمين عموماً بزوايا 90، 60، 30 درجة، والآخر بزوايا 45 درجة. وعند استعمالهما مع مسطرة الـ T يمكن الحصول بسهولة أيضاً على مستقيمات مائلة بزوايا 75 و15 درجة بالنسبة إلى نقطة مرجعية. وعند إرساء خط بأية إمالة، يمكن استخدام أي من المثلثين بطريق انزلاق نسبي لإعادة نسخ الميل في خط مواز. كانت المثلثات تصنع من مواد مختلفة بما فيها الخشب (خشب الكمثرى أو الماهوغاني أو الأبنوس)، والمطاط القاسي والمعدن والبلاستيك الشفاف. وأدوات الرسم الخشبية في المشاغل الراقية النادرة يمكن أن تكون أغراضاً جميلة للغاية.
كانت مسطرة الـ T، ولمدة طويلة، هي ربما الثانية بعد المسطرة الحاسبة الانزلاقية التي ترمز للهندسة. وكان التعبير T-Squares ذات مرة اسماً شعبياً للنوادي والمجموعات التي شكلتها زوجات المهندسين وأساتذة الهندسة وطلاب الهندسة، عندما كانت المهنة منحصرة تقريباً بالرجال فقط. ولم يكن مفاجئاً في العادة أن عضوات هذه النوادي كُنَّ يلتقين لاحتساء الشاي.
ومن أكثر أدوات الرسم الميكانيكي غرابة كان المنحنى الفرنسي (French Curve)، الذي يعود تاريخه إلى أوائل القرن الثامن عشر. ويسمى أيضاً المنحنى غير المنتظم، وهو أداة رسم ميكانيكي مسطحة، تُصنع من الخشب أو المطاط أو البلاستيك، ويستخدم لرسم منحنيات سلسة عبر سلسلة من النقاط لا تقع على خط مستقيم أو على دائرة أو على منحنٍ عام آخر. ومع قدوم الرسم باستخدام الحاسوب اختفى المنحنى الفرنسي من تجهيزات مدارس ومكاتب الهندسة. وأول ما صنّعت المنحنيات الفرنسية كان في فرنسا، ومنه اسمها، واستخدمت لرسم المنحنيات الصعبة للقبب أو السقوف التي تشبه البصلة الصعبة وما شابهها. أشكال أخرى من المنحنيات غير النظامية هي لرسم طرق السكك الحديدية أو هياكل السفن، مع منحنيات للأخيرة يعود تاريخها إلى مطلع القرن السادس عشر.
كل ما ذكر سابقاً كان بحاجة إلى قلم الرصاص وقلم الحبر، اللذين كانا غالباً يوضعان في أداوات رسم ميكانيكي من الكروم المصقول، توضع هي الأخرى في علبة مبطنة بالحرير أو المخمل عند عدم استخدامها. وهذه الأدوات غالباً ما كانت تصنع في ألمانيا مُمَكِّنة المهندسين من رسم خطوط مستقيمة بالحبر من سماكة وعرض متجانسين، وكذلـك الـدوائـر بنـصـف قطـر ثابت محقق. وكانت الفرجارات والبركارات المكونات الرئيسية لمجمعة الرسم الميكانيكي، وهذه الأدوات تثير الاشتباه في ما بينها أحياناً الآن. فالفرجار يستخدم لرسم الدوائر والبركار فيستخدم لنقل المسافات، مثل من خريطة إلى سلم قياس، أو لتقسيم دائرة عن طريق التجريب إلى أقسام متساوية. انظر:Maya Hambly, Drawing Instruments, 1580-1980 (London: Sotheby Publications, 1988)، يوضح فيه تاريخ أدوات الرسم الهندسي.
عند الانتهاء من رسم ما، كان من اللازم نسخ الرسم الأصلي بحيث يمكن لعامل الآلة في المشغل أو لعامل التشييد المعدني في موقع البناء العودة إلى المخطط. أدخلت طريقة المخططات الزرقاء لنسخ الرسوم الهندسية إلى الولايات المتحدة نحو عام 1876. والمخططات الزرقاء هي نسخ فوتوغرافية للرسوم الأصلية تتشكّل بتعريض ورق حساس للضوء الذي يمر عبر الرسم الشفاف، والذي يقوم بدور الصورة السلبية في التصوير الضوئي. تمنع الخطوط الضوء من التأثير في الغشاء الكيمائي لورقة الطباعة، الذي يمكن كشطه في عملية التحميض والجزء الذي تعرض للضوء يتحول إلى أزرق، في حين أن الأجزاء التي كانت تحت الخطوط في الرسم الأصلي تبقى بلون الورقة الأبيض. وبالطبع خفّض استعمال الحاسوب في مكاتب التصميم، وربما أزال فعلياً، اعتمادَ المهندسين على عملية المخططات الزرقاء. ومع هذا فإن مصطلح المخطط الأزرق أصبح يعني مخططات في العموم.
كانت الهندسية الوصفية حتى الستينات والسبعينات مادة مرافقة لمادة الرسم الهندسي. وهي تتضمّن الحل البياني لمسائل مثل التقاطع بين أسطوانتين في الفراغ. كان طلاب الهندسة يَشْقَون في العمل على مثل هذه الرسوم كوسيلة لتعلّم كيف يمكن رؤية وتخطيط الأجزاء الميكانيكية المعقدة في أيام ما قبل الحاسوب. قضية يمكن أن تقع في مملكة الهندسة الوصفية قد تكون طبيعة تقاطع مخروط دائري قائم مع أسطوانة قائمة سُداسية الأضلاع، والتي تُحدّد في كل مرة يُستخدم فيها قلم رصاص بغلاف خشبي يجري بريه بمبراة ميكانيكية. ويبرهن على كون حلول مسائل الهندسة الوصفية ليست حدسية بعدد المرات التي رسم فيها قلم الرصاص على نحو غير صحيح، حتى من قِبل فنانين تصويريين محترفين.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]