الزراعة التقليدية في حضارات العالم
2013 دليل الصحارى
السير باتريك مور
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
قامت كل حضارات العالم البارزة على مقربة من الأنهار الخارجية التي تنقل الماء الى الصحراء. وضمنت مياهها قيام اقتصاد زراعي يُعوّل عليه يمكن من خلاله بناء بنية حضارية فائقة.
وكان هذا هو الحال بالنسبة الى الفرات ودجلة (حضارة بلاد الرافدين) ونهر النيل (الحضارة القديمة في مصر والسودان) ونهر الأندس (Indus) حضارة هرابان (Harappan).
وقد اعتمد كل هذا على امدادات موثوقة من المياه، والغرين (Silt) الخصب الذي يطرحه النهر، والتربة الجيدة من الطمي والكمية العالية من أشعة الشمس.
ومكّن الري من تحقيق مستويات غير مسبوقة من انتاج المحاصيل. كما أن العديد من أنظمة الري القديمة مستمرة من دون تغيير بشكل تقريبي.
استغل نظام الري في وادي النيل في مصر والسودان الفيضان السنوي الذي يصل مصر في أواخر الصيف. وكانت المياه تحمل أيضاً الغرين الذي يُغْني كل سنة حقول وادي النيل الضيق والدلتا.
وبعد إنحسار الفيضان السنوي كان يتعين رفع المياه الى الحقول من أجل غلال الموسم الجاف. وقد تحقق ذلك من خلال مجموعة من سبل الرفع البارعة، بما فيها الشادوف (الكابول) المحوري المتأرجح ولولب أرخميدس (Archimedes Screw).
وفي أماكن اخرى من العالم الجاف، وخاصة في ايران، ضمن شكل آخر من التقنية القديمة أيضاً تحقيق انتاج زراعي يُعتمد عليه. وقد رفعت العجلة الايرانية المياه الجوفية من أعماق تصل الى 20 متراً (65 قدماً) ثم كانت تستخدم لرفع الماء من القنوات الى مستوى الحقول.
وتم استخدام هذا النظام في العديد من الأجزاء الجافة في شمال شرقي أفريقيا وحتى شمال الهند. ومن غير المعروف ما هو الأصل المحدد لإختراع آخر يتمتع بأهمية هيدروليكية بارزة في ايران وهو القناة (ويعرف أيضاً بإسم الفلج Foggara في سلطنة عمان وفقارا Foggara في شمال أفريقيا).
وقد استُخدمت القناة على نطاق واسع في ايران كما شوهدت أمثلة على هذه التقنية في الجزائر وتونس وباكستان والصين وليبيا وسوريا وأفغانستان وحتى في اليابان.
وقد نقلت هذه الأنفاق المتدرجة والتي شُيدت بجهد كبير، الماء الجوفي العميق لمسافات تصل أحياناً لعشرات الكيلومترات الى المناطق الجافة التي تتمتع بتربة جيدة وظروف أخرى ملائمة للزراعة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]