السبب الكامن وراء تغليط البصر في الإدراك بالاستقامة
2009 البصائر في علم المناظر
كمال الدين الفارسي
KFAS
تغليط البصر في الإدراك بالاستقامة الفيزياء
(قد تقدم أن الشرائط ثمان، فنقول إن لكُلٍّ منها عرضاً، إذا لم يكن المبصر في تضاعيفه لم يصح الإبصار، والعرض قد يكون ذا طرفين وقد يكون ذا طرف واحد، والخروج عن ذلك العَرض: أمّا في البُعْد، فبالإفراط في طرفي الزِّيادة والنقصان.
وأما في الوضع فبالبعد عن سهم الشُّعاع، وباختلاف وضع المُبْصر من البصرين إذا كان الإدراك بهما، وبإفراط ميل المبصر على خُطوط الشُّعاع، وأما في الضوء فبالإفراط في القوة والضعف.
وأما في الحجم فبالإفراط في الصغر، وأما في الكثافة فبالإفراط في الشَّفيف، وأما في الهواء فبالإفراط في الغلظ والكدورة، وأما في الزَّمان فبالإفراط في القصر، وأما في البصر فبالإفراط في التَّغيُّر والضَّعْف.
ولنُسمِّ هذا العَرَض عَرَضَ الاعتدال، ثم لِنَحُدّه فنقول: إن عرض الاعتدال في كلٍّ من هذه المعاني هو العرض الذي ليس يكون بين الصورة التي تدركها من المبصر في تضاعيفه وبين صورته الحقيقية تفاوتٌ محسوسٌ.
وغاية العرض في كُلِّ من هذه المعاني يختلف بحسب اختلاف المُبْصر في كلّ واحدٍ من المعاني السبعة الباقية وفي اللَّوْن أيضاً، وفي المعاني اللطيفة التي تكون فيه.
فإن المُبْصَرَ النقيَّ البياضَ تظهر حقيقته من بُعْد أعظم من غاية البُعْد الذي يدركُ منه حقيقة المنكسف اللَّون تُرابِيّة المُساوي لذلك المُبصر في جميع المعاني الباقية، فعرض البُعْد الثاني اضيق من عرض الأول.
وكذلك المُبصر إذا كان قريباً فإنه يدرك حقيقته في زمانٍ أقصر من زمان إدراكه للأبعد، وكذلك لو كان البصر قوياً سليماً، فإنه يدرك المبصر محققاً في زمان أقصر وهواء أغلظ ومن بُعد أعظم وعلى حجم أصغر وضوء أضعف ومعان أدق وشفيف أشد وميل أكثر على خطوط الشعاع.
وعلى ذلك قياس البواقين فهذه هي العُروض التي يمكن أن يدرك في تضاعيفها المبصر صحيحاً، فإذا تجاوزها: فإما ألا يُدْرك المبصر أو يدركه غير صحيح.
فالبصر لا يغلط في الإدراك بالاستقامة إلا إذا كان بعض هذه الشرائط خارجاً عن عرض الاعتدال، وهو السَّبب الكلي في أغلاط البصر).
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]