علم الفلك

الشجاع، الغراب، الباطية

2013 أطلس الكون

مور ، السير باتريك مور

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

علم الفلك

الشجاع، الغراب، الباطية

الشجاع (Hydra) هي أكبر كوكبة في السماء إذ تغطي مسافة 1303 درجة مربعة، وقد نالت هذه المكانة عندما تفككت كوكبة السفينة القديمة التي كانت صعبة التناول. كمعلومة جانبية، إن الكوكبات الوحيدة الأخرى التي تفوق مساحتها 1000 درجة مربعة هي العذراء (1294)، الدب الأكبر (1280)، قيطس (1232)، النهر )1138(، الفرس الأعظم )1121(، التنين )1083( وقنطورس (1060). وفي الناحية الأخرى من المقياس نجد الصليب الجنوبي الذي بالكاد تغطي مسافته 68 درجة مربعة.

مع أن حجمها كبير، فإن كوكبة الشجاع ليست بارزة على الإطلاق بما أنها تحتوي على نجم واحد فقط يفوق قدره 3 و فقط عشرة نجوم أعلى من القدر الرابع. الشكل الوحيد المحدد نوعا ما هو ’الرأس‘ الذي يتكون من ζ، ε، δ، و η، ويسهل العثور عليه إذ يقع تقريبا بين الشعرى الشامية (α الكلب الأصغر( و الملك الصغير )α الأسد)، ولكن ليس فيه ما هو مبهر على الإطلاق. وفقا للأساطير، قيل أن كوكبة الشجاع تُمثل الوحش ذو الرؤوس المتعددة الذي وقع أيضا ضحية لهرقل، ولكن الكثير من القوائم تحيله إلى مرتبة حية مائية غير مؤذية.

إن النجم الوحيد الساطع، α (الفرد Alphard)، ساطع بما فيه الكفاية. التوأم، رأس التوأم المقدم و رأس التوأم المؤخر )α و β التوأم) يؤشران له ولكن على أية حال يسهل التعرف عليه لأنه يقع في منطقة قاحلة جدا، وبما أنه لا توجد أي نجوم أخرى ساطعة في المنطقة، تم إطلاق لقب المنفرد الوحيد عليه. هو من الفئة الطيفية K ومن الواضح أنه يميل إلى الاحمرار، ويبعد بمسافة 180 سنة ضوئية ويبلغ تألقه 430 ضعفا للشمس.

في الثلاثينيات من القرن التاسع عشر، ذهب السير جون هيرشيل (Sir John Herschel) ابن مكتشف كوكب أورانوس، إلى رأس الرجاء الصالح لرصد النجوم البعيدة جنوبا. في رحلة العودة قام بتدوين ببعض الملاحظات عن نجم الفرد، واستنتج أنه حتما متغير. لم تؤكد هذه الملاحظة حتى اليوم، ومع ذلك فربما يجدر بنا مراقبته مع أنه من الصعب وضع تقديرات بالعين المجردة بسبب عدم وجود أي نجم مقارنة مناسب. لو كانت هناك أي تغييرات فهي بالتأكيد لن تتعدى بضعة أعشار من القدر.

مع ذلك، يوجد متغير واحد مثير للاهتمام في هذه الكوكبة، هوR الشجاع بالقرب من γ وبذلك فهو للأسف أدنى من مجال المشاهدة للراصدين من بريطانيا و أوروبا وشمال الولايات المتحدة. عند أوجه يمكنه أن يصل إلى القدر الرابع ولا يسقط أبدا تحت القدر العاشر ولذا فهو دائما ما يكون هدفا سهلا. ولكنه ليس نجم ميرا نموذجي، لأن هناك ما يشير بدون أدنى شك إلى أن دورته تغيرت خلال البضع قرون الماضية، إذ كانت مدة الدورة نحو 500 يوم وفي الثلاثينيات ثم انخفضت إلى 425 يوم، وآخر قيمة رسمية لها هي 390 يوم، فيبدو أننا نتعامل مع تغيير أكيد وفي الأغلب ثابت في دورة تطور النجم، فتدوين الملاحظات مفيد لأنه لا يوجد ما يدعو لافتراض أن الدورة قد توقفت عن التقصير.U الشجاع الذي يشكل مثلثا مع ν و μ هو متغير شبه منتظم ويستحق البحث عنه لأنه شديد الاحمرار، كما هو الحال مع كل النجوم من الفئة الطيفية N.

ε منظومة متعددة ويسهل التعرف على عنصريها الأساسيين فالنجم الأولي ثنائي متقارب جدا ودورته المدارية 15 سنة، ويوجد نجم ثالث- ورابع في الأغلب- يشترك معهما في حركة موحدة في الفضاء. β أيضا ثنائي، ولكنه يعتبر اختبارا صعبا لمقراب ذو 15 سنتيمتر (6 بوصة). مع أن النجم ينسب له ثاني حرف في الأبجدية اليونانية، β، إلا أنه أقل من القدر الرابع وبهذا فهو أخفت من γ، و ζ، و ν بما يزيد عن قدر.

هناك ثلاثة من أجسام ميسيه في كوكبة الشجاع. M48 حشد مفتوح على طرف الكوكبة بالقرب من حدوده مع ’وحيد القرن‘ (في الواقع، النجم ζ من القدر الرابع هو أفضل دليل له). هو بالكاد مرئي بالعين المجردة ولكن لا يسهل التعرف عليه. M68، الذي اكتشفه بيير ميشين عام 1780، حشد كروي يبعد نحو 39,000 سنة ضوئية ويقع تقريبا في اتجاه الجنوب من β الغراب وبين γ و β الشجاع نوعا ما. M83 تقع جنوب γ وقريبة من الحدود الفاصلة بين الشجاع و قنطورس، وهي مجرة دقيقة حلزونية تواجهنا مباشرة وتقع على بعد نحو 55 مليون سنة ضوئية. يسهل العثور عليها بمقراب ذو فُتحة تزيد عن 10 سنتيمتر (4 بوصة) وهي هدف تصوير مفضل مع أن أفضل موقع لمشاهدتها هو من نصف الكرة الجنوبي. تم مشاهدة عدة مستعرات عظمى فيها في السنوات القريبة.

يوجد أيضا سديم كوكبي، NGC3242 )C59)، الذي لقب باسم شبح المشتري (Ghost of Jupiter) وهو يضم حلقة بيضاوية ساطعة نسبيا ونجم مركزي حار من القدر 12، ويقال أن السديم يظهر لونا أزرقا يميل إلى الأخضر وهو بالتأكيد يستحق التحري عنه. يشكل السديم مثلثا مع ν و μ وبذلك فإن موقعه مناسبا للراصدين من نصف الكرة الشمالي.

يحد الشجاع كوكبتان تم رفضهما اليوم، هما بومة الليل (Noctua)، التي شوهدت بالقرب من γ (يوجد هنا حشد كروي معتم نوعا ما هو NGC5694)، في حين أن كوكبة القط (Felis)تضمها جسم الحية المائية جنوب λ. على العموم، هذه الكوكبات الصغيرة وغير الواضحة عادة ما تشوش خرائط السماء، مع أنه من المحزن نوعا ما أننا ودَّعنا البومة و القط!

الغراب (Corvus) من الكوكبات الأصلية التي سجلها بطليموس في قائمته. وفقا للأساطير، فُتِن الإله أبولو بكورونيس (Coronis) ، وهي أم الطبيب العظيم أيسكولابيس  (Aesculapius)، وأرسل غرابا ليراقبها ويرصد تصرفاتها. ومع أن تقريره عنها جاء بعكس ما كان يحبه أبولو، كافأ أبولو الطائر بمكان في السماء.

يسهل التعرف على الغراب، ويرجع ذلك لنجومه الأربعة الرئيسية γ (المنقار( و β )كراز( و δ )الغراب( و ε، إذ تتراوح أقدارها بين 2.5 و 3، وتُكوِّن شكل رباعي الأضلاع بارز جدا لأن المنطقة المحيطة خالية من أي نجوم ساطعة أخرى. لا تحتوي الكوكبة إطلاقا على أي أجسام مثيرة للاهتمام، والغريب في الأمر أن النجم الذي عين له حرف α (الخباء) هو أخفت من النجوم الأربعة التي تشكل رباعي الأضلاع بنحو قدر.

الباطية (Crater)، أو الكأس (Cup)، يقال أنها تمثل قدح النبيذ الخاص بباخوس (Bacchus)، وهي خافتة جدا وغير واضحة و لذا فإنه من المفاجئ أنها مدرجة ضمن قائمة بطليومس الأصلية التي ضمت 48 كوكبة. ليس من الصعب التعرف عليها وهي تقع بالقرب من ν الشجاع، ولكنها لا تحتوي على ما يدعو بالاهتمام.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى