علم الفلك

الشهب

2013 أطلس الكون

مور ، السير باتريك مور

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

علم الفلك

الشهب

الشهب هي بقايا المذنبات، وهذه الأجسام صغيرة الحجم نراها فقط في اللحظات الأخيرة من حياتها عندما تدخل الطبقة العليا من الغلاف الجوي بسرعة تصل إلى 72 كيلومتر )45 ميل( في الثانية، وما نراقبه بالطبع ليس الجزيئات الصغيرة ذاتها – والتي يطلق عليها النيازك – لكن الأثر المضيء الناتج عن انغماسها في هواء الغلاف الجوي. في المتوسط يصبح الشهاب مرئيا عندما يكون على ارتفاع 115 كيلومتر (70 ميل) فوق سطح الأرض ويحترق النيزك تماما مع اختراقه الغلاف الجوي حتى ارتفاع 70 كيلومتر (45 ميل) منهيا رحلته على صورة غبار دقيق. توجد جزيئات أصغر من ذلك الغبار الدقيق، لا يتجاوز عرضها عشر مليمتر (أربعة من ألف من البوصة) لا يمكن أن ينتج عنه أثر مضيء، تعرف بالنيازك المجهرية، وتلك النيازك المجهرية تنجرف للأسفل عبر الغلاف الجوي.

عندما تتحرك الأرض مارة بأثر من بقايا أحد المذنبات نرى وابلا من الشهب، كما أن هناك شهبا متقطعة الظهور وليست مرتبطة بمذنبات معروفة ويمكن أن تظهر من أي اتجاه في أي لحظة. يبلغ العدد الكلي للشهب التي تبلغ درجة سطوعها 5 أو أكثر والتي تدخل غلاف الأرض يوميا 75 مليون شهاب، ولذا فإن أي مراقب تحت سماء صافية مظلمة يمكنه أن يرى بالعين المجردة حوالي 10 شهب في الساعة و يزيد العدد عن ذلك إذا كان أثناء وابل.

مما يجدر ذكره أن عددا أكبر من الشهب يظهر بعد منتصف الليل، فخلال المساء يكون المراقب على النصف المتأخر من الأرض إذ تدور حول الشمس و يكون على الشهاب أن يلحق به، أما بعد منتصف الليل فيكون المراقب على النصف المتقدم من الأرض وبالتالي فإن الشهاب القادم يقابل الأرض وجها لوجه وتكون السرعات النسبية أعلى.

تبدو الشهب التي تظهر في الوابل و كأنها نابعة عن نقطة واحدة في السماء، و التي تعرف بنقطة الإشعاع، وهذا بسبب تأثير ظاهرية المنظور حيث أن الجزيئات تمضي في رحلتها عبر الفضاء في مسارات متوازية بالضبط كما تبدو الحارات المتوازية في الطريق السريع وكأنها تنبع أو تشع من نقطة واحدة في الأفق.

تقاس كثافة الوابل بالمعدل السمتي الساعي (ZHR) وهو يمثل عدد الشهب التي يمكن للمراقب رؤيتها بالعين المجردة خلال ساعة واحدة في ظروف رصد مثالية بأن تكون نقطة الإشعاع واقعة في السمت. لا يمكن أبدا تلبية جميع هذه الشروط معا، لذا يكون المعدل المرئي أقل من المعدل النظري بشكل ملحوظ.

لكل وابل سماته المميزة، فتكرارات الوابل الربعي (Quadrantis) التي تحدث في أوائل يناير من المحتمل أن تكون مرتبطة بالمذنب 2003 EH1 أو C/1490 Y1، إذ تقع نقطة الإشعاع في كوكبة الراعي (بوتيس)، و سميت الربعيات بسبب وجودها في موقع كوكبة سابقة هي الربعية والتي رفضها اتحاد الفلكيين الدولي وأزيلت الآن من على الخرائط. يبلغ المعدل السمتي الساعي أكثر من 100 شهاب في الساعة لكن فترة الأوج قصيرة جدا. أما قيثاريات أبريل فهي مرتبطة بالمذنب C/1861 G1 (ثاتشر) الذي تقدر دورته بـ415 عاما ولا يكون المعدل السمتي الساعي عادة مرتفعا لكن تحدث عروض كثيفة من فترة لأخرى و كان آخرها عام 1982. تأتي اثنتان منهما هما دلويات ايتا (Eta Aquarids)التي تحدث في أبريل- مايو و الجباريات Orionoids في أكتوبر من مذنب هالي، ورغم أنهما لم تكونا كثيفتين في آخر ظهور لهالي عام 1986 لكن حدثت فورة غير متوقعة في أكتوبر 2006. ترتبط تنينيات

(Draconids) أكتوبر بالمذنب (21P/جياكوبيني – زينر) وتسمى أحيانا الجياكوبينيات، وهي في العادة تكون متناثرة لكنها سببت عواصف كبرى في 1933 و 1946 إذ وصل المعدل السمتي الساعي إلى 4000 – 5000 شهاب في الساعة، لكن منذ ذلك الحين أصبحت التنينيات مخيبة للآمال للأسف.

يحدث وابلان مهمان في ديسمبر، التوأميات (Geminids) والدبيات (Ursids)، و للجوزائيات جسم أم غير معتاد وهو الكويكب 3200 فايثون و هو في الغالب مذنب ميت. أما الدبيات – التي تقع نقطة إشعاعها في الدب الأصغر ــ فهي مرتبطة بالمذنب (8P/ تتل) وأحيانا ما تكون كثيفة كما حدث في 1945 و 1986.

ويبدو أن بعض الأوبلة تناقصت مع مرور السنين، فمثلا تكرارات وابل المرأة المسلسلة (أو الأندروميديات) هي الآن على وشك الاختفاء. ولا تكون الثوريات (Taurids) المرتبطة بالمذنب (2P/إنكه) بارزة عادة رغم استمرارها لأكثر من شهر، لكن التقارير تدل على أنها كانت في الماضي بالتأكيد أكثر كثافة منها الآن.

قد تكون البرشاوسات – نسبة إلى كوكبة برشاوس

(Perseids) و الأسديات (Leonids) هي أكثر التكرارات إثارة للاهتمام، فالغوليات ثابتة جدا كما تستمر لعدة أسابيع وبموعد أوج دقيق هو 12- 13 أغسطس من كل عام، ولو نظرت لعدة دقائق إلى سماء صافية مظلمة خلال أول أسبوعين من أغسطس و لم تر عدة غوليات فأنت بالتأكيد غير محظوظ بالمرة، ويدل كون هذا العرض لا يفوتنا على أن الجزيئات كان لديها الوقت لتنتشر عبر مدار المذنب الأم وهو109P /سويفت –تتل والذي تبلغ دورته 130 عاما و كان آخر مرور له بنقطة الحضيض عام 1992. لم يكن المذنب في ذلك المرور واضحا لكنه سيكون قريبا جدا في المرة القادمة – بالتأكيد على مسافة لا تزيد عن عدة ملايين من الكيلومترات و ربما حتى أقرب من هذا، بل إن هناك توقعات أنه سيصدمنا مع أن تبلغ احتمالية حدوث ذلك 1 إلى عدة مئات لكن الأكيد هو أن109P /سويفت – تتل سيكون مشهدا رائعا، و للأسف فإن أي أحد ولد قبل بدايات القرن الحادي و العشرين لن يمكنه رؤيته.

تعتبر الأسديات مختلفة إلى حد كبير، فالمذنب الأم55P /تمبل – تتل تبلغ دورته 33 عاما، والوقت الذي يبلغ المذنب فيه نقطة الحضيض هو الوقت الذي نرى فيه عروض الأسديات الكبرى مع أن الجزيئات لا تكون قد انتشرت عبر كل مدار المذنب بعد. شوهدت عواصف شهب فائقة في 1799 و 1833 و 1866، و لكن لم تشاهد العروض التي كانت متوقعة في 1899 و 1933 لأن حشد الشهب تم تشتيته بسبب تأثير المشتري و زحل لكن الأسديات عادت في عام 1966 و بقوة إذ بلغت ذروتها ما يزيد عن 140,000 في الساعة. وللأسف فقد استمرت لـ 40 دقيقة فقط، وقد حدثت أثناء النهار في أوروبا لذا توفرت للمراقبين من أمريكا أفضل فرصة رؤية، كانت الأسديات كثيفة في 1999 و2001 رغم أنه لا يمكن مقارنة أي من العروض بعرض 1833. وقد أمكن تتبع ظهور الأسديات في عدة قرون سابقة بل إن عام 902 سمي بعام النجوم.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى