البيئة

الصحارى الحديثة

2013 دليل الصحارى

السير باتريك مور

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

البيئة علوم الأرض والجيولوجيا

لدى كافة صحارى العالم اليوم عدد من السكان أعلى بكثير من أي وقت مضى. وينطبق هذا تماماً على صحارى أميركا الشمالية واستراليا، حيث توجد مراكز حضرية رئيسية وبعض المدن الكبرى – فينكس، تكسون، سولت ليك سيتي وحتى لوس أنجلس – في مناطق جافة.

واجتذب التعدين والتطوير الزراعي الإستيطان في عدد قليل من الأنحاء الجافة في استراليا، أما في الشرق الأوسط فقد أفضى اكتشاف النفط والتنمية التي أعقبت ذلك الى ازدهار مراكز جوهرية حضرية وصناعية.

وفي غالب الأحيان يكون أصل الأشخاص الذين تم تشغيلهم لبناء هذه المراكز السكانية الجديدة ومن ثم العيش فيها متنوعاً جداً. ويوجد الملايين من الناس من جنوب وجنوب شرق آسيا يعيشون في مدن على السواحل الجافة للغاية في منطقة الخليج، وتعتبر دبي مثالاً حياً في هذا الشأن.

وتشتمل أطراف الصحراء اليوم على أدلة واسعة عن مجتمعات وثقافات تقليدية، غير أن نمط حياة السكان في كل مكان فيها تقريباً قد اندمج بصورة وثيقة مع العالم الحديث.

واضافة الى ذلك، ولأن العديد من الأنشطة الإقتصادية في صحارى العالم يوفر عوائد عالية ناجمة عن المعادن والنفط يُظهر المجتمع الدولي قدراً كبيراً من الإهتمام في الشؤون الاقتصادية والاستراتيجية لهذه المناطق. ونتيجة لذلك فإن المجتمعات التي تقيم هناك هي في الغالب دولية حقاً.

وتفرض أطراف الصحراء الجافة قليلة النبات متطلبات كبيرة على براعة السكان الذين يعيشون فيها. وفي المناطق الحارة وشبه الجافة تستدعي الحاجة عزل الناس –وحيث يمكن عزل الماشية– من الحرارة الشديدة في منتصف النهار.

 

ومن الضروري أيضاً ضمان تهوية أماكن المعيشة وأن يكون جريان الهواء والتبريد في القدر الممكن من الفاعلية. وثمة تحديات اضافية في المناطق التي تتعرض لليالي الشتاء الباردة. وفي الصحارى تتمثل الحاجة الرئيسة في العزل، ولكن من البرد وخاصة من الشتاء قارس البرودة.

مواد البناء نادرة في الصحارى الحارة والباردة على حد سواء. ونتيجة لذلك فإن البعض من أولى المساكن كانت عبارة عن كهوف، وتوجد أدلة واسعة على هذا من الفترات الميزوليتية (Mesolithic) «العصر الحجري الأوسط» والعصر الحجري الحديث (Neolithic) في الصحراء الكبرى وصحارى الشرق الأوسط. وفي شمال أفريقيا تم توسيع الكهوف الكبيرة الطبيعية وفي أماكن قليلة استخدمت حتى الماضي القريب جداً. كما اقيمت مساكن مماثلة في المناطق الجافة بما يعرف اليوم بجنوب غربي الولايات المتحدة.

وقد جاءت مواد البناء، طوال استيطان البشر لأطراف الصحراء، وللمأوى الدائم أو المؤقت من الأرض والنباتات والحيوانات. والصحارى غنية بالصخور وفي بعض الأماكن غنية أيضاً برواسب من الطين. وجلود الحيوانات والصوف وشعر الحيوان متوافرة بصورة نسبية مقارنة بالعدد القليل من البشر في الصحارى، على الرغم من أن مؤن النباتات المفيدة قليلة في غالب الأحيان.

وتم بناء المساكن الدائمة بشكل تقليدي بالقرميد الطيني والآجر في المناطق التي يتجمع فيها الطين. وقد وفرت وديان الأنهار مادة سهلة وجاهزة من أجل صنع القرميد الطيني المجفّف بأشعة الشمس وللآجر الناري فيما بعد.

 

وخلال الحضارات الرئيسة القديمة التي عاشتها المناطق شبه الجافة من العالم أصبحت عمليات حفر ونقل كميات كبيرة من الحجارة المُعدّة بمهارة وبراعة من الصناعات المهمة مع نمو البلدات والمدن في هذه الحضارات.

وَوُجِدت مراكز حضرية في أطراف صحارى العالم من أقدم الأزمان، غير أن أعماق الصحارى كانت تُسكن فقط من قبل الأشخاص الذين يتبعون نمط حياة متنقل يمكنهم من استخدام الندرة من العلف والماء في الأصقاع النائية من الصحراء. وهؤلاء الأشخاص في حاجة إما الى مأوى محمول أو مؤقت.

وكانت الخيام تُصنع إما من القماش أو من جلود الحيوانات وتمثل النوع الرئيس من المأوى الذي يمكن نقله والذي استُخدم من قِبَل بدو الصحراء طوال الـ 10000 سنة الماضية. وقد استخدم الكوخ المصنوع من قماش ممدود فوق اطار خشبي على نطاق واسع من جانب البدو في آسيا الوسطى.

ويمكن بناء المأوى المؤقت بسهولة تامة حيث توجد جنبات (شجيرات) وأشجار يمكن أخذ المواد الخشبية منها.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى