العلاج الدوائي المستخدم لـ”ألم أسفل الظهر” والأمور الواجب مراعاتها من قبل المريض عند استخدام الأدوية
2008 آلام أسفل الظهر
سعاد محمد الثامر
إدارة الثقافة العلمية
ألم أسفل الظهر العلاج الدوائي لألم اسفل الظهر الطب
تشمل علاجات ألم أسفل الظهر كل من العلاج التحفظي والعلاج الجراحي، إذ يشمل العلاج التحفظي كل من : العلاج الدوائي، والطب المكمل (البديل)، والعلاج الطبيعي.
فعلى الرغم من أن العلاج الدوائي لا يعد العلاج الوحيد بل هو علاج مساعد إلى جانب الراحة والعلاجات الأخرى إلا أن معظم المرضى لا يمكنه الاستغناء عنه في تخفيف الآلام الشديدة.
وهناك مجموعات عديدة من الأدوية التقليدية المعروفة إضافة إلى ما ظهر منها حديثاً من أدوية عالية الفعالية مثل أدوية العوامل البيولوجية والعلاج بالحقن الموضعي.
ولقد لوحظ في الآونة الأخيرة لجوء الكثير من المرضى إلى التداوي بالطرق الطبيعية مثل العلاج الصيني والعلاج بالأعشاب الطبية وبالزيوت العطرية وغيرها من العلاجات ذات الوسائل الطبيعية.
بل أن الأصحاء أيضاً يتردد على مراكز الطب المكمل والمصحات القائمة على مبادئ الطب الصيني بهدف الاسترخاء والراحة والوقاية.
أما علاج ألم أسفل الظهر بوسائل الطب الطبيعي يختلف تماماً عن الطب البديل.
فالعلاج الطبيعي له مدارس ونظريات مختلفة ووسائل علاجية عديدة قائمة على أساس طبي بحت، فهو يهتم بالتشخيص الدقيق لكل حالة بشكل فردي وتحليلها لاستنباط المسببات ووضع الخطة العلاجية ووسائلها.
– العلاج الدوائي
تلعب الأدوية دوراً مهماً في تسكين آلام الظهر بأنواعها. فهناك فئات عديدة من الأدوية التي تستطيع أن تساعد على تخفيف الألم والأعراض التي يشكو منها المريض إلى حدٍ ما.
ولكن العلاج بالأدوية في حد ذاته لا يستأصل العلة الأساسية ولن يعالج أو يعيد انفتاق القرص الغضروفي مثلاً إلى مكانه الأصلي، كما إنه لا توجد أدوية تستطيع أن تشفي ألم أسفل الظهر الناتج من الأمراض الروماتيزمية.
ولكن تلعب هذه الأدوية دور الفرق بين حالة المعاناة من الألم الشديد وعدم القدرة على إنجاز أنشطة الحياة اليومية بشكل طبيعي وبين الشعور بألم خفيف لا يمنع من الحركة ولا يعيق من ممارسة العمل والتمتع بالحياة.
وتوجد مجموعات عديدة من الأدوية بمختلف أنواعها تفيد مرضى ألم أسفل الظهر والتي يمكن للطبيب أن يصفها حسب كل حالة مرضية على حدة بناءً على التشخيص ومعرفة طبيعة الأعراض التي يشعر بها المريض.
إلا أن هناك أمور في غاية الأهمية يجب على المريض مراعاتها عند الاستعانة بالأدوية مثل :
1- يجب أن تؤخذ الأدوية بناءً على وصفة طبية وتحت إشراف الطبيب المعالج.
2- تختلف الأدوية الموصوفة لمريض ألم أسفل الظهر حسب المسببات ومعرفة ما إذا كان الألم ذو طبيعة التهابية، أو مجرد تيبس في العضلات نتيجة وضعات خاطئة، أو نتيجة أمراض أخرى مثل الأمراض الروماتيزمية وغيرها .
3- مراعاة عدم تداول الأدوية من مريض إلى آخر. فالدواء الذي ينفع مريضاً قد لا يتناسب وحاجة المريض الآخر حتى وإن تشابهت الأعراض.
4- بعض الأدوية قد تسبب بعض الأعراض الجانبية (الآثار السلبية) التي قد تختلف من مريض لآخر.
كما أن هناك بعض الأدوية التي يُمنع وصفها لبعض المرضى ومن أمثلة ذلك الأدوية المضادة للالتهاب التي يحظر وصفها لبعض المرضى المصابين بالربو الشعبي والفشل الكلوي ومرضى الاضطرابات المعوية.
5- بعض الأدوية قد تتفاعل مع بعضها البعض أو تتعارض مع ما يستخدمه المريض مسبقاً من أدوية لأمراض أخرى، لذا فإنه من الواجب إحاطة الطبيب من البداية بجميع الأدوية التي يتم استخدامها.
6- الأدوية تحتاج إلى بعض الوقت حتى يظهر مفعولها. كما أن نتيجة العلاج المرتقبة من استخدام نوعاً من الأدوية ربما تختلف من مريض لآخر فقد يحتاج بعض المرضى فترة من الوقت لكي يشعر بالراحة من العلاج الموصوف له. ولذا على المريض أن يتحلى بالصبر ويلتزم بالفترة العلاجية التي يقررها له الطبيب.
7- إن العلاج الدوائي يعد مجرد علاج مساعد يصفه الطبيب إلى جانب الالتزام بالراحة أو أن يكون مقروناً بالعلاجات الأخرى مثل العلاج الطبيعي توخياً لنتائج أفضل.
وهناك عدداً هائلاً من الأدوية التي توصف لألم أسفل الظهر يمكن توضيحها بالمجموعات الآتية:
– مضادات الالتهاب (Anti-inflammatory)
قد يصف الطبيب نوعاً من مضادات الالتهاب إذا كان الألم ناشئاً عن سبب التهابي، وتعالج هذه الأدوية الأعراض عوضاً عن معالجة المرض بحد ذاته فهي تقل الألم والتورم والتيبس، كما تعمل كذلك كمسكن فعّال للألم.
إن معظم الأدوية المضادة للالتهاب المتوفرة والمستخدمة حالياً هي مضادات الالتهاب غير الكورتيزونية (NSAID)أي التي لا تحوي على الكورتيزون، وهناك مجموعة كبيرة من هذه المضادات تأتي في أشكال مختلفة منها الأقراص والشراب والتحاميل، من أمثلة ذلك: الاندوسيد – البروفين – الفولتارول .. الخ.
ومثل أي دواء آخر فإن أدوية الـ (NSAID) لها تأثيرات جانبية متعددة مثل الاضطرابات المعوية، والكلوية، والجلدية إضافةً إلى فقر الدم وآلام الرأس والدوار. لذا يجب الانتباه إلى إمكانية حدوث مثل هذه التأثيرات إذا تم استخدامها بدون وصفة طبية أو بدون التقيد بتعليمات الطبيب المعالج.
– مسكنات "الأدوية القاتلة للألم" (Painkillers)
هذه الأدوية لها تأثير جيد في تسكين وتخفيف ألم أسفل الظهر ولكن رغم تسميتها بالأدوية المسكنة كما يطلق عليها أيضاً الأدوية القاتلة للألم إلا أنها لا تقتل الألم ولا تفعل شيئاً لمعالجة السبب الرئيس للمرض أي المشكلة المرضية المسببة للألم، ويمكن تسميتها باسم أفضل وهو متبلد الألم (Pain dullers).
فهذه الأدوية تعمل من خلال تفاعلها مع العملية التي من خلالها يرسل الجسم إشارات الألم التي يلتقطها الدماغ.
إذ تعترض بعض الأدوية سبل انتقال هذه الإشارات في طريقها إلى الدماغ، في حين يؤثر البعض الآخر في الدماغ فيهمل الإشارات التي يتلقاها.
وقد يكون للأدوية القاتلة للألم تأثيرات جانبية إذا أخذت بكثرة أو بدون إشراف الطبيب ومن هذه التأثيرات النعاس والإمساك وغيرها.
ومن أمثلة الأدوية القاتلة للألم مثل الاسبرين، البراسيتامول والتايلينول.
وفي بعض الأحيان إذا كان الألم شديداً ولا يستجيب للأدوية المسكنة البسيطة قد يصف الطبيب أدوية مسكنة قوية ومخدرة (addictive drugs) مثل الكوديين، المورفين، البثدين، الميثادون، دِكسترو برو بوزيفين إلا أن الخطورة المترتبة على تناول هذا المسكنات هي أنها تولد الإدمان وهو لا يقل خطورة عن الألم ذاته، لذا فهي نادراً ما تستعمل.
– مرخيات العضلات (Muscle relaxants)
مرخيات العضلات هي بالحقيقة مجموعة من الأدوية المختلفة المركبة لكل منها تأثير مسكن عام على عضلات الجسم ككل، وهذه الأدوية لا تعمل مباشرة على العضلات وإنما ميكانيكية عملها يتم في الجهاز المركزي (الدماغ) ويظهر تأثيرها على إرخاء عضلات الجسم عامةً بما فيها عضلات الظهر.
و هي توصف عادةً في أول الأمر عند بداية ظهور ألم أسفل الظهر ولمدة قصيرة لتخفيف تقلص عضلات الظهر ومساعدتها على الاسترخاء مما يساعد على زيادة النشاط الحركي.
ومن هذه الأدوية: الروباكسين، كولتراميل، نورفلكس، فليكسريل، وهناك بعض الأدوية تجمع بين خاصية تسكين الألم وإرخاء العضلات ومن أمثلها نورجيسك، جلفاريلاكس.
– الأدوية المعروفة بمجموعة العوامل البيولوجية (Biological agents)
ظهرت الآن مجموعة جديدة من الأدوية تسمى أدوية العوامل البيولوجية وهي فئة من الأدوية القوية التي تعمل كمضاد للمواد الالتهابية التي يفرزها الجسم عند حدوث الالتهابات الفقرية المفصلية، ويمكن وصف هذه الأدوية لآلام الظهر الناتجة من التهاب الفقري القسطي الشديدة (Ankylosing spondylitis).
ومن أمثلة هذه الأدوية (Remicade) infliximatوكذلك (Enbrel) Etancept.
– الأدوية التكميلية المقوية (Supplementary agents)
وهذه المجموعة تشمل أدوية عديدة أهمها: الفيتامين (ب) المركب: يعطى بغرض تنشيط وظائف الاعصاب والمحافظة على صحتها، وكذلك لبناء كريات الدم الحمراء، إضافة إلى فيتامين (ج) و (ك)، المغنيسيوم، المنغنيز، البورون، الزنك، الفسفور، النحاس.
– الأدوية الخاصة بضعف وهشاشة العظام (Anti osteoporosis)
أ. مركبات الكالسيوم مع الفيتامين (د) لتقوية العظام. ومن هذه الأدوية كالتيريت، ميكاغال، كالسيوم ساندوز وغيرها.
ب.أدوية تمنع تحلل العظام وهي توصف إذا اكتشف وجود هشاشة بالعظام، ومن أمثلة هذه الأدوية ما يلي البيسفوسفونيت، وتشمل هذه مجموعة العقاقير مثل :
– ديدرونل، أرديا، فوسوماكس: هذه الأدوية تقلل تحلل العظام وتنقل التوازن إلى عملية تصنيع الأنسجة السليمة.
– مياكالسين: وهو مستحضر هرموني يمكن أن يؤخذ على شكل حقن أو كرذاذ أنفي ليزيد كثافة العظام ويقلل معدلات حالات الكسور في العمود الفقري.
– إفيستا: وهو دواءجديد يقي من الإصابة بهشاشة العظام عن طريق تعديل مستقبلات الإستروجين في الجسم. ويوفر هذا الدواء – رغم أنه ليس هرموناً – فوائد عديدة مماثلة لفوائد الإستروجين دون أن يزيد خطر الإصابة بسرطان الثدي والرحم.
وفي حال ألم أسفل الظهر الناتج من وجود مسببات عضوية كالأمراض الروماتيزمية فإنه من الأهمية أن يخضع المريض لمعالجة شاملة يتم خلالها السيطرة التامة على المرض.
وفي هذه الحالة يمكن أن يصف الطبيب أدوية خاصة منها: أدوية الكورتيزون، الأدوية المضادة للروماتيزم، الأدوية الكابتة المناعة وغيرها من الأدوية ذات تأثير على المرض وذلك من أجل تخفيف آلام المريض ومن ضمنها ألم أسفل الظهر.
العلاج بالحقن الموضعي (Epidural injection)
العلاج بالحقن يمثل اختيار آخر من العلاجات الدوائية المتاحة لعلاج ألم أسفل الظهر، وهو يعد الاختيار الأمثل الممكن اللجوء إليه بعد فشل العلاجات التحفظية الأخرى مثل كل من العلاج الدوائي والطبيعي.
لذا فإنه في هذه الحالة يمكن تجربة الحقن الموضعي كإجراء علاجي يتخذ قبل التفكير في الحل الجراحي.
وعرفت هذه الطريقة العلاجية لأول مرة في التاريخ الطبي منذ سنة 1901، ولقد تم العلاج باستخدام دواء الكورتيزون عن طريق الحقن الموضعي لأول مرة في سنة 1952 وذلك لعلاج ألم أسفل الظهر الناتج عن العصب الوركي.
أما الآن فقد أصبح العلاج بالحقن جزء مكمل للعلاج التحفظي لحالات ألم اسفل الظهر لتخفيف الألم المزمن أو ألم الساق، كما أن هذه الطريقة من العلاج تعد مفيدة جداً للمرضى الذين يعانون نوبة ألم حاد تمنعهم من ممارسة أنشطة الحياة اليومية أو من أداء التمرينات العلاجية.
وتتم طريقة الحقن في المنطقة القطنية المؤلمة من العمود الفقري لتوصيل الدواء إلى السائل المخي الشوكي (Cerebrospinal fluid) عبر موضع أو حيز خارج الأم الجافية يسمى "فوق الأم الجافية من النخاع الشوكي "Epidural matter).
ليساعد في تخفيف الالتهاب المسبب للألم، كما يعتقد أن لطريقة الحقن تأثير – يسمى Flushing effect– في إزالة المواد الالتهابية البروتينية (Inflammatory proteins) من التراكيب المحيطة والتي ممكن أن تسبب الألم.
إن الحقن الموضعي فيد في حالة استخدامه كعلاج لتخفيف ألم أسفل الظهر كما أنه يمكن استخدامه كأسلوب تشخيصي إذ يعتبر أداة مساعدة للتحقق والكشف عن مصدر الألم.
فالعلاج بالحقن الموضعي يعد وسيلة فعالة في تخفيف الألم لأنها توصل الدواء مباشرةً إلى الموقع التشريحي المعني المتسبب في حدوث الألم هي وسيلة تفوق بالطبع قدرة الأدوية الأخرى التي تؤخذ بشكل اعتيادي عن طريق الفم أو التي تؤخذ على شكل تحاميل.
وعادةً ما يستخدم الحقن في حالات الانفتاق القرص الغضروفي وغالباً ما تحقن أدوية الكورتيزون ليتم توصيلها كمحلول قوي مضاد للالتهابات مباشرة إلى منطقة مصدر الألم.
وتبعاً لنوع هذه الحقن وعوامل أخرى مثل شدة ونوع الإصابة أو طبيعة التهابات الحادثة أو نوع المرض المتسبب، فإن بعض ألم أسفل الظهر يمكن أن يسكن لفترة طويلة وبعضها يكون مؤقتاً لفترة قصيرة.
ولقد لوحظ نحو 50% من الحالات – وخاصة مَنْ يعانون ألم أسفل الظهر يسبب وجود تضيق في القناة الفقرية – يشعرون بتحسن كبير بعد العلاج بالحقن على الرغم من نتائجه المؤقتة، لذا يخضع هؤلاء المرضى إلى الحقن ثلاث مرات سنوياً تقريباً.
وربما يرجع السبب في تخفيف الألم إلى التأثير الثنائي للدواء المحقن وهو تأثير الكورتيزون المضاد للالتهابات وتأثير حجم السائل المحقن في جعل الأنسجة تزهو بالنضارة والنماء والتوهج بالحيوية والنشاط.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]