القانون الثاني في الترموديناميك
2013 الرمل والسيليكون
دنيس ماكوان
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
في التطور التاريخي للثرموديناميك، دُرست القوانين الناظمة لخواص الغازات خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر.
وبعد ذلك، قاد توضيح العلاقات بين الأطوار المختلفة (الصلب والسائل والغاز) لمادة ما خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر إلى القانون الأول والثاني في الثرموديناميك. أخيراً، تم صياغة العلاقات بين الأطوار المختلفة لمزائج المواد في نهاية القرن التاسع عشر. وقد شكل ذلك أساسيات علوم الكيمياء والتعدين خلال القرن العشرين وأساسيات تنقية السيليكون.
بدأ فهمنا لخواص الغازات مع ملاحظة العلاقات بين الضغط والحجم ودرجة حرارة الغازات خلال القرن السابع عشر. نشر روبرت بويل، العالم الإنجليزي الذي يعتبره العديد مؤسس علم الكيمياء الحديث، دراساته حول انضغاطية الهواء عام 1662.
وقد وجد أن ضرب ضغط الغاز بحجمه يساوي ثابت لا يتعلق بالغاز. درس غيوم أمونتونس (Guillaume Amontons)، العالم الفرنسي وصانع الآلات، العلاقة بين حجم ودرجة حرارة الغازات عام 1702، وبناءً على هذه القياسات، توقع أنه إذا أمكن تخفيض درجة الحرارة بشكلٍ كافٍ، فإن الحجم، عند ذلك، يمكن أن ينتهي نحو الصفر. وشكل ذلك الاقتراح الأول حول وجود درجة حرارة الصفر المطلق.
وبعد قرن تقريباً، حقق جاك تشارلز (Jacques Charles) وبالتوازي جوزيف لويس غي لوساك (Joseph Louis Gay- Lussac) قياسات جسيمة لتغيرات حجم الغاز مع تغيرات درجة الحرارة ووجدا أن حجم الغاز يتناسب مباشرة مع درجة الحرارة المحددة على السلم المطلق (-273°م=Kelvin T=0°)، كما قادت قياساتهم الأولية إلى درجة الحرارة المطلقة عند 273°م التي تقارب تماماُ القيمة المقبولة حالياً عند –273.16 °م وفي جامعة تورين (Turin)، اقترح العالم الايطالي أميديو أفوغادرو (Amedeo Avogadro) أن حجوماً متساوية من الغازات الكاملة تحتوي على نفس العدد من الجزيئات.
ويقود الترابط بين هذه النتائج إلى صياغة قانون الغاز الكامل الذي يربط بين ضغط (P) وحجم (V) وكمية (N) ودرجة حرارة (T بالدرجة المطلقة) الغاز بواسطة معادلة بسيطة ومع ثابت عمومي (R). يساوي ضرب ضغط الغاز بحجمه ضرب ثابت عمومي بكمية الغاز ودرجة حرارته (PV=NRT).
في منتصف القرن التاسع عشر، طور جيمس كليرك ماكسويل (James Clerk Maxwell) ولودفيغ بولتزمان (Ludwig Boltzmann) بين آخرين النظرية الحركية للغازات التي تقدم وصفاً مجهرياً لقانون الغاز الكامل. تعتمد النظرية على التصادمات المرنة للجسيمات الصغيرة حيث تتبادل الطاقة الحركية مع بعضها دون حصول تغير للطاقة الحركية الكلية للجسيمات. ويتولد الضغط بفعل تصادمات ملايين وملايين الجسيمات على جدران الوعاء، وإذا ازداد الحجم، يتناقص عندها الضغط لأن الجسيمات تصدم بشكلٍ أقل وسطياً جدران الوعاء.
من جهة أخرى، تمثل درجة الحرارة الطاقة الحركية الوسطية للجسيمات، وتتناسب الطاقة الحركية مع مربع سرعة الجسيمات. يمثل الصفر المطلق درجة الحرارة التي تقارب عندها الطاقة الحركية الوسطية للجسيمات في غازٍ الصفر (وبالنتيجة سرعاتها)، وإذا لم يتحول الغاز إلى سائلٍ أو صلب، فإن الحجم يساوي الصفر.
تعتبر النظرية الحركية للغازات إنجازاً كبيراً للميكانيك التقليدي في منتصف القرن التاسع عشر، فهي تصف عدد من الخواص المختلفة للغازات بالاعتماد المباشر على ميكانيك حركة تجمع من الجسيمات. يتشابه ذلك مع لعبة حوض ثلاثي الأبعاد حيث تقفز الكرات عن بعضها وعن المساند (الجدران) التي تحيط بالكرات.
يعتبر البخار واحداً من أهم الغازات من وجهة نظر صناعية، ففي محرك بخاري، تُعطى الحرارة للحرّاق لإنتاج البخار عند ضغط عالٍ حيث يدفع بعد ذلك البخار المكابس. تُنتزع الحرارة من أجل تكثيف البخار إلى ماء سائل تقوم مضخة بتخزينه عند ضغط مرتفع. ويتمثل الأثر الصافي في أن الحرارة تنخفض من درجة الحرارة العالية إلى درجة الحرارة المنخفضة وفي خروج العمل إلى المكابس ودخول كمية عمل صغيرة إلى المضخة.
ومع تطوير محركات البخار، ازداد الاهتمام بالعلاقة بين الحرارة والعمل الميكانيكي وبتعظيم فعالية ومردود محركات البخار، وفي عام 1824، حدد سادي كارنو المردود الأعظمي لمحرك بخار مثالي.
في بداية القرن التاسع عشر، لم يكن العلماء يدركون أن الحرارة شكل آخر من أشكال الطاقة، وقد كانوا يعتقدون أن الحرارة كانت مائعاً عديم الوزن سُمي " السيال الحراري " الذي يسيل كالماء نحو الأسفل. اقتنع كارنو بنظرية السيال الحراري وتأثر تفكيره حول مردود محركات البخار بالأعمال التي أنجزها والده، المهندس أيضاً، حول مردود دواليب الماء.
فقد نشر والده، لازار كارنو (Lazare Carnot)، عام 1783 أطروحة حول ميكانيك دواليب الماء، وكانت فكرته الأساسية أنه يجب تحاشي التسارعات والاصطدامات على الأجزاء المتحركة في الآلة لأنها تتسبب في ضياعات ميكانيكية متنوعة مثل الاحتكاك.
وفي آلة مثالية، تنتقل الطاقة باستمرار على مراحل صغيرة، وهذا ما جعل سادي كارنو يبتكر محركاً حرارياً مثالياً يعمل بطريقة مماثلة ويقيم التشابه مع دولاب الماء حيث يزداد العمل الناتج في وحدة الماء الداخل مع ازدياد ارتفاع سقوط الماء (Cropper 2001).
لإظهار حلقة كارنو، لنعد إلى غليان السائل من خلال وضع الشكل 5.3 في شكل بياني (الشكل 8.3).
يبين الشكل التغير المستمر للضغط والحجم عند درجتي حرارة مختلفتين الفرق بينهما ΔT. على اليسار، يتناقص الحجم مع ضغط الطور السائل، وعلى اليمين، يتمدد طور البخار مع انخفاض الضغط. وفي الوسط، يبقى الضغط ثابتاً ويتغير الحجم مع تحول السائل إلى بخار
في الشكل الإضافي، تتصل خطوط عتبات كل درجة حرارة لتشكيل متوازي أضلاع يمثل حلقة تشبه تقريباً حلقة محرك البخار. وانطلاقاً من النقطة 1، يتمدد البخار مع امتصاص الحرارة من خزان الحرارة، وهذا ما يسمى التمدد متساوي الحرارة لأنه يحدث عند درجة حرارة ثابتة. بعدئذٍ، يُنزع خزان الحرارة ويتمدد الغاز من النقطة 2 إلى النقطة 3 مما يؤدي إلى تبريد البخار بمقدار ΔT° درجة ويطلق على ذلك التمدد الثابت الحرارة (adiabatic) لأنه لا يحصل تبادل حرارة مع المحيط.
وفيما بعد، يُضغط البخار مع إعادة تحوله إلى الطور السائل وإعادة نشره الحرارة إلى خزان عند درجة حرارة أصغر (النقطة 3 إلى النقطة 4). أخيراً، يعود النظام إلى درجة الحرارة الابتدائية بواسطة ضغط ثابت الحرارة للسائل.
ابتكر كارنو محركاً حرارياً ذا حلقة تماثل تلك في الشكل 8.3 مع الفارق في أن المراحل المختلفة في الحلقة تحصل في طور الغاز. واستعمل في حلقته غازاً كاملاً حيث يمكن حساب كمية العمل الميكانيكي وتغير الحرارة في كل ضلع من الحلقة بواسطة قانون الغاز الكامل (Feynman et al. 1975). بيّن الحساب أن نسبة الحرارة المضافة مع الضلع الأول، Q1، إلى درجة الحرارة T1 تساوي نسبة الكميات الموافقة مع الضلع الثالث، أي أن Q1/ T1 = Q2/ T2 .
بناءً على القانون الأول في الثرموديناميك، يساوي العمل الميكانيكي الحرارة الصافية المتوفرة للنظام. ويتمثل ذلك في حلقة كارنو في الفرق بين الحرارة المكتسبة في الغاز في الضلع الأول للحلقة ناقص الحرارة الصادرة عن النظام في الضلع الثالث، أي Q1 – Q2)). (لا يعتمد تحليل كارنو على القانون الأول للثرموديناميك لأنه ظهر لاحقاً بعد سنوات، لكن استعمال هذا القانون يسهل التحليل).
يتمثل مردود المحرك الحراري بالحرارة الصافية الناتجة عن الحلقة Q1 – Q2)) مقسومة على الحرارة الداخلة إلى النظام في الضلع الأول من الحلقة (Q1). وباستعمال النتيجة أعلاه أي Q1/ T1 = Q2/ T2، يساوي المردود Q1 – Q2)/ Q1= (T1 – T2)/ T1). لدى حساب مردود المحرك الحراري بالاعتماد على غاز كامل، توصل كارنو إلى اكتشاف أساسي جديد، فأكبر المحركات الحرارية مردوداً، لا يستطيع توليد عمل إذا لم يحصل تغير في درجة الحرارة. وتعني نتيجته أيضاً أن كل المحركات الحرارية تتمتع بمردود أقل من الواحد.
يمكن استعمال نتائج حلقة كارنو لاشتقاق العلاقة بين تغير ضغط البخار وتغير درجة الحرارة. ويعتبر متوازي الأضلاع في الشكل الإضافي في الشكل 8.3 حلقة كارنو تقريباً، وتشير النتيجة أعلاه إلى أن الحرارة الصافية الناتجة عن النظام تساوي Q1( ΔT )/ T1. وحيث تتمثل الحرارة اللازمة لغليان جزيء غرامي [مول] واحد من السائل في حرارة التبخر التي يُرمز لها ΔHv، يعطى العمل الصافي بـ ΔHv(ΔT / T1).
يُعطى العمل الميكانيكي بتكامل ضرب الضغط بتغير الحجم، ويتمثل ذلك بيانياً في المساحة تحت منحني كل ضلع من الحلقة في الشكل 8.3. في الضلعين الأول والثاني، يكون العمل موجباً لأن الحجم يزداد، أما في الضلعين الثالث والرابع، فإن العمل سالب لأن الحجم يتناقص.
ويساوي العمل الصافي مساحة متوازي الأضلاع المتشكل عند طرح المساحة تحت منحنيي الضلعين 3 و 4 من مجموع المساحة تحت منحنيي الضلعين 1 و 2. وهكذا، يكون العمل الصافي بيانياً مساوياً إلى ضرب تغير الحجم ΔV وتغير الضغط ΔP.
من أجل الامتثال للقانون الأول في الثرموديناميك، يجب أن يساوي العمل الحراري الصافي العمل الميكانيكي، ويؤدي ذلك إلى العلاقة، ذات الأهمية الأساسية بين تغير الضغط والحجم ودرجة الحرارة، التي تساوي بين ضرب تغير الحجم بتغير الضغط وضرب حرارة التبخر بالتغير الجزئي في درجة الحرارة (ΔV ΔP= ΔHvΔT/T).
ويعتبر ذلك صياغة بديلة للقانون الثاني في الثرموديناميك حيث يمكن اشتقاق معظم الثرموديناميك من هذه المعادلة والقانون الأول في الثرموديناميك (Feynman et al.1975)
عند إعادة ترتيب هذه العلاقة على شكل تغير ضغط البخار مقسوماً على تغير درجة الحرارة، تصبح تسميتها معادلة كلاوزيوس- كلابيرون (Clausius- Clapeyron) التي استُعملت لحساب منحنيات ضغط البخار في الشكل 6.3 باستخدام قانون الغاز الكامل ودرجات حرارة التبخر المقاسة عند الضغط واحد جوي وحرارتي تبخر الأسيتون والماء.
يعتبر تطور علم الثرموديناميك المرسوم أعلاه ذو طبيعة تاريخية ويؤكد التوصيف الحديث الناتج عن أعمال لودفيغ بولتزمان وج. ويلارد جيبس وغيرهما على الطبيعة الإحصائية لعلم الثرموديناميك. وتُعرِّف الكمية Q/ T في حلقة كارنو الكمية المسماة الأنتروبية (Entropy) التي ترتبط بكمية اللانظام في نظام وتعتبر توصيفاً إحصائياً لللانظام. وينص القانون الثاني للثرموديناميك على أنه عندما تنتقل الحرارة من نظام إلى آخر من أجل توليد عمل، فإن الأنتروبية وكمية اللانظام تزداد
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]