الرياضيات والهندسة

القديس باتريك

2014 أبجدية مهندس

هنري بيتروسكي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الرياضيات والهندسة الهندسة

القديس باتريك (St. Patrick). من الحكايات الساخرة قليلاً التي رويت لتفسير سبب اعتبار القديس باتريك هو القديس الراعي للمهندسين تلك الحكاية التي تقول إن السجلّات الأيرلندية قد أسيئ تفسيرها لوقت طويل. وبحسب هذه النظرية فليس القديس باتريك من طرد الأفاعي خارج أيرلندا ولكنه "جلب الأفاعي إليها"، لذا فيجب أن يكون مسّاحاً أو مهندساً. وبحسب قصة أخرى، فقد كان له "شرف أن يكون أول مهندس، إما لاكتشافه حجر "المُداراة" (Blarney Stone) أو بسبب تطويره الشهير لأول "علبة تجميع المسننات"(Warm Drive). وبعض المهندسين ادعوا أن نبتة البرسيم الرباعية الأوراق التي صممت شعاراً للجمعية الأميركية لمهندسي المكانيك اختيرت في الواقع لمشابهتها نبات النفل (Shamrock)، التي هي بالطبع رمز أيرلندا.

يُعتقد أن ارتباط القديس باتريك باحتفاليات المهندسين يعود إلى جامعة ميسوري في كولومبيا. ووفقاً لكتيّب حَصلتُ عليه أثناء زيارتي لهذه الجامعة عام 2003، فقد كان ذلك قبل مئة عام، أثناء حفريات لبناء ملحق [لتعليم] الهندسة، حيث اكتُشف هناك حجر كتب عليه بلغة قديمة. وتفيد مصادر أخرى بأن الحجر تدحرج بين حشد من طلاب الهندسة. ولكن أحداً لم يتمكّن من فك شيفرة الكتابة الغيلية (Gaelic) على الحجر، إلى أن تقدم مهندس غير معروف وأعلن أن الكتابة تقول بأن "القديس باتريك كان مهندساً"، ثم اختفى في الحشد. واحتُفظ بالحجر في الحرم الجامعي على أنه مقدّس باعتباره "حجر المداراة". وبالتطابق بالصدفة مع حكاية أخرى، فإن طلاب الهندسة كانوا يناقشون الحاجة إلى عطلة دراسية بين عطلة رأس السنة ويوم التخرّج، وقرروا أنه من الأفضل أن تكون في منتصف الفصل الدراسي وهو يوم القديس باتريك. وأصبح من المعتاد للمهندسين وقف الصفوف والاستعراض حول الحرم الجامعي محدثين الكثير من الضجة احتفالاً براعي المهندسين القديس باتريك. وقد خُلّدت أصول هذا التقليد بأبيات من الشعر في قصيدة بعنوان "إيرن غو براه" (Erin Go Bragh)، التي ظهرت في عدد شباط/ فبراير عام 1935 لمجلة (Technograph)، وهي مجلة طلاب الهندسة في جامعة إلينوي التي يعود تاريخها إلى العام 1885. في السطور الافتتاحية لهذه القصيدة نجد:

كان ذلك في ميسوري عام 1903

وفي عيد القديس باتريك؛

أن وجد المهندسون بأعجوبة

حجراً غريباً تحت الأرض

حمل وجهه أسطورة

حيّرت جموع الدارسين.

قيل أيضاً إن هذا التقليد بدأ في جامعة منيسوتا (University of Minnesota)، حيث احتفظت بالحجر جمعية سرية تعرف باسم بلمب بوب (Plumb Bob)، حيث كان يتوقع من أعضائها الأتقياء أن يحافظوا على معدل دراسي يساوي 3.1416 وهو شيء ليس بسهولة العدد الشهير باي (pi). ولكن وبحسب موقع الجامعة على الإنترنت، فلم يقترن يوم القديس باتريك باحتفاليات الهندسة في حرمها الجامعي حتى عام 1914.

مع هذا، فقد انتشرت حركة القديس باتريك بين المدارس الهندسية، واجتمع ممثلون عن إحدى عشرة مدرسة هندسة في ميسوري عام 1919 وأُسست "رعوية القديس باتريك الوطنية". عارضت بعض المدارس الأخرى الصلة مع القديس باتريك، ومن ثم مع الأمل في توسّع المنظمة المستمر، التي تغير اسمها ليصبح جمعية كليات الهندسة (Association of College Engineers)، التي نجم عنها كما يُعتقد نمو مناسبات جامعية سنوية مثل يوم المهندسين (Engineer’s Day) أو أسبوع المهندسين (Engineer’s Week) (الذين يسمونه تحبباً: E-Day أو E-Week) والتي يقوم خلالها طلاب الهندسة، من بين أنشطة أخرى، بإقامة معارض وإثباتات عملية في مختبراتهم. وتختتم الاحتفالية عادة بمائدة جماعية أو بحفلة رقص. وللحصول على المزيد من التفاصيل انظر مقال:Mary Frances Pope, "The Apocryphal Saint of the Engi­neer," The Kentucky Engineer, February 1948, pp. 5-6, 30.

من بين المدارس التي لها فرع من "رعوية القديس باتريك" جامعة ميسوري في رولا (Rolla)، التي كانت معروفة سابقاً بمدرسة ميسوري للمناجم والمعادن، وتسمى الآن جامعة ميسوري للعلوم والتكنولوجيا (Missouri S&T). وعند حصوله على لقب الفروسية في الرعوية عام 1933، منح أحد طلاب الهندسة والذي سيصبح والد زوجتي وثيقةً كتلك المنسوخة هنا. والمعادن تفترض في كلماتها وحروفها الطبيعية المقلّلة ذاتياً الدعابة الهندسية وتعطي انطباعاً عن جدّية المنظمة ونواياها.

نشطت رابطة القديس باتريك بعد تأسيسها في العديد من المدارس الهندسية؛ ولكن هذه مجموعة ذات القيادة السرية يبدو الآن أنه لم يعد لها نشاطات تنسيق تنظيمية وطنية تحافظ لها على تاريخها. الغرض من رابطة القديس باتريك كان للاعتراف بطلاب السنة الأخيرة في الهندسة وبالهيئة التدريسية ذات الشعبية لدورهم القيادي ولجمع قادة الجمعيات الهندسية المختلفة، التي تنحو لأن تكون متوجهة بحسب اختصاصها. تُنظم احتفاليات الانتساب إلى تنظيم القديس باتريك في فترة قريبة من يوم القديس باتريك.

أُسس في المعهد الذي أعمل فيه تنظيمٌ للقديس باتريك عام 1945. وبدأ في الحال رعاية حفلة القديس بات (تحبباً بباتريك) السنوية، وهي حفلة راقصة رسمية عُرف عنها أنها المناسبة الاجتماعية الأهم في الحرم الجامعي. وتضمّ أنشطة خدمات التنظيم مساعدة الطلاب الجدد في أعمالهم الهندسية عبر محاضرات عن استخدام المسطرة الحاسبة الانزلاقية، وجلسات مساعدة خاصة بالدروس. كان أحد أكبر النشاطات في ثمانينات القرن العشرين هو التحضير ليوم القديس باتريك المتمثل في رسم براسيم خضراء على الممرات (وأي صخرة أو أعمدة إنارة بقربها) المؤدية إلى مدرسة الهندسة. يبدأ الحفل بظهور الأعضاء الأقدم في الرابطة، فرسان القديس باتريك المرتدين لأثوابهم وقبعاتهم على أبوب قاعات الدروس مستدعين الأعضاء الجدد للمثول أمامهم، والذين طُلب إليهم سابقاً المجيء إلى مدخل بناء الهندسة. هنا، وغالباً قبل ارتباك العابرين، يطلب من المتقدمين الإمساك بفردة من حذائهم ووضعها على رأسهم بينما يكونون واقفين على ساق واحدة ويبدأون باستظهار عهد انتسابهم إلى الجمعية التي لم تكن معروفة جيداً. ومن المحزن أن رابطة القديس باتريك أصبحت غير فعالة في جامعة ديوك وفي مدارس أخرى حيث كانت مزدهرة ذات مرة.

كانت جامعتا ميسوري في كولومبيا ورولا استثناءين بارزين. ففي ميزو (Mizzou)، كانت النشاطات الممتدة على طول أسبوع تتراوح بين مسابقة منجنيق البيض إلى الاختبارات المعرفية لجمعية الشرف. وأهم أحداث الأسبوع تكون حفلة تنسيب الفرسان إلى الرابطة وحفلة رقص القديس باتريك الرسمية. أما حفلة التنسيب التي يقوم خلالها قدامى المنتسبين الملقبين الفرسان بالركوع وتقبيل حجر المداراة، ومكان الاحتفالية هذه هو في موقع يعرف باسم نفل المهندسين. ولكل المهندسين على أبواب التخرج المتقدمين الحق بالانتساب، ويسمى المنتسب عندها فارساً، ودرجة الفروسية يحددها مدى الانخراط في أنشطة الأسبوع الهندسي، ودورهم القيادي في منظمات الهندسة وإنجازهم الأكاديمي.

أما في رولا، فهناك أسبوع من الألعاب واللهو يتضمن عادة طلاء الطلاب للشارع المؤدي إلى مركز المدينة باللون الأخضر تحضيراً لاستعراض يوم القديس باتريك. وحفلة الرقص الكبيرة، التي تقام في قاعة رقص القديس باتريك، كان يرأسها في السابق الرئيس الشرفي السنوي لرابطة القديس باتريك وملكة الحب والجمال للسنة. ولكن التقاليد تتغير، ومؤخراً أضيف إلى الملكة وحاشيتها أميرة السلام والسعادة، وكونتيسة العفة والفضيلة، ودوقة الرغبة والوجد، وسيدة الشرف والتفاني. وقد أُبقي على القديس باتريك في كل جوانبه في جامعة رولا، وهناك تمثال للقديس الراعي يهيمن على ساحة مهمة في الحرم الجامعي ويمثّل مكان ارتكاز لأنشطة مختلفة. انظر مقال:“A Century of St. Pats” and related articles, UMR Magazine, Winter 2007, pp. 6-21.

 

 

 

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى