القضايا التي تعاني منها المرأة الفقيرة المحرومة وضرورة الاهتمام بها
1996 تقنيات الطب البيولوجية وحقوق الإنسان
الدكتور يوسف يعقوب السلطان
KFAS
العلوم الإنسانية والإجتماعية الطب
العدالة والاهتمامات الرئيسية بالمرأة الفقيرة المحرومة
لم تتغير قضايا المرأة الفقيرة المحرومة في اي مكان نتيجة للتقدم التكنولوجي الجديد.
فما زالت مدخلا أو وسيلة للوصول إلى تنظيم الأسرة الذي يتصف بالفعالية والأمان بما في ذلك وسائل منع الحمل والإجهاض، وكذلك إلى وسائل العناية الصحية والتناسلية الأخرى، والأمن في المنزل وفي مكان العمل (اليونسكو / الجمعية الدولية للعلوم الاجتماعية / الاتحاد العالمي للصحة العقلية WFMH 1987).
والفقر هنا يعني الحرمان من الاكتفاء من هذه الحاجات الأساسية. أو بمعنى آخر من الفرص المتكافئة للانتفاع بالرعاية الصحية .
ولقد أدى الاهتمام بأمن مكان العمل في الدول الصناعية إلى ظهور مجموعتين من القضايا المتعلقة بحقوق المرأة.
إحداهما حق العمل في بيئة خالية من الأخطار الصحية التي قد تهدد النسل، والثانية حق التحرر من التمييز على أساس الجنس بناء على مجرد تقدير صاحب العمل لخطورة قابلية وحساسية المرأة لمثل تلك المخاطر.
وقد روجع هذا الموضوع بمعرفة مكتب الكونغرس الأمريكي لتقويم التكنولوجيا (الكونجرس Congress، 1985).
ولقد أدى تطور المعلومات التي توافرت عن فسيولوجيا الأجنة فيما بعد ببعض أصحاب الأعمال إلى استبعاد المرأة الحامل (أو النساء اللاتي لا يردن الإقرار بانهن لن يصبحن حوامل) من أماكن العمل بحجة احتمال التعرض للكيماويات التي قد تؤثر تأثيرا ضارا على نمو الجنين.
وقد قوبل هذا الاستبعاد بتحديات فسرت على أنه إنكار للحقوق مبني على أساس الجنس، وهو ما أيدته محاكم الولايات المتحدة مبدئيا ثم عادت فاستنكرته. وقد سبق أن نوقشت هذه القضية باستفاضة في الفصل الثاني.
وترتبط سلسلة القضايا المتعلقة بتقنيات التناسل مع بعضها البعض بتساؤل واحد يتعلق بتخصيص وتوزيع المواد توزيعا عادلا.
فهناك نقص في الموارد وقلة اهتمام من جانب القيادات، وهما أي توفير المواد واهتمام القيادة أمران ضروريان لتطوير الخدمات والتوعية بتنظيم الأسرة للفقراء ويرتبطان في النهاية ارتباطا كاملا مع الاستثمار القومي والمهني في مجال تطوير تقنيات التناسل الصناعي التي تتاح اساس للأغنياء والميسورين.
فمثلا يؤدي الاهتمام والتركيز على الإخصاب في الأنابيب إلى إبعاد المواد وتركيز السياسة العامة عن دراسة اسباب عدم الخصوبة والوقاية منها، مما قد يفيد النسبة العظمى من المصابين بالعقم في العالم.
ومن الاسباب التي تؤدي إلى العقم ويمكن الوقاية منها أمراض التهاب الحوض التي ترجع غالبا إلى عدوى الأمراض التناسلية وسوء التغذية والإصابات والأمراض التي يهمل علاجها. ولا تحتاج حملات علاج هذه الإصابات إلى تقنيات باهظة التكاليف.
أما عن حقوق النساء الفقيرات في العالم الثالث فإن لهن قضايا خاصة ترتبط بانتماءاتهن الثقافية فبالنسبة لعدد كبير منهن تثير هذه القضايا تساؤلا حول حق المرأة في أن تبحث لنفسها عن وظيفة وعن دور بديل لمجرد الإنجاب، وهو دور غير مألوف في الثقافات التقلدية.
كما تشمل بالنسبة لبعضهن القدرة على تجنب مشوهات بعض أعضاء التناسل مثل ختان البنات أو قطع البظر. فقد تبين ان مثل هذه الأمور تسهم في حدوث الخمج او العدوى، ومن ثم تؤدي إلى العقم وعدم الخصوبة في المجتمعات التي تُقيم المرأة على اساس قدرتها على الإنجاب.
وتمثل سلطة صنع القرار التناسلي أو القرار بالإنجاب في داخل الأسرة، بالنسبة للغالبية، كسبا ذا معنى عن طريق الاستقلال. بيد أن هناك ما يثبت ان القدرة على تحديد نوع الجنين والتي اصبحت متاحة حديثا في بعض المجتمعات التقليدية ذات السلطة الابوية وبخاصة في آسيا، قد استخدمت بالفعل كطريقة تناسب سيطرة الذكور التقليدية.
وعلى ذلك فهناك تقارير تدل على تعميم إسقاط الأجنة أو الإجهاض إذا تبين أنها إناث على نحو يخل بالتناسب الطبيعي وهو عودة معاصرة لما كان يعرف في الماضي بوأد البنات. ولا يوجد ما يدل على درجة موافقة المرأة الحامل على إنهاء الحمل بناءا على هذه الاتجاهات.
وليس من السهل تعريف الاختلافات الثقافية على سبيل التحديد والحصر في اوساط الطبقة المتوسطة في كثير من دول العالم، وبخاصة الدول الصناعية، كما هو الحال بالنسبة لنساء الطبقات الفقيرة في دول العالم النامي.
فإن قضايا الحقوق الاساسية، بدأت، كما في سائر الجهات، بالمشاركة في صنع القرار الإنجابي والانتفاع بوسائل تنظيم الاسرة، والتحكم في الخصوبة الشخصية.
ولكنها تتضمن ايضا تجنب تدخل تقنيات الطب في الحمل والوضع، كما تتضمن الانتباه إلى وجود التقنية اللازمة للرعاية الصحية التناسلية المناسبة، مثل تحليل السائل الأمنيوني "السلوي".
ويزداد اهتمام نساء الطبقة العليا والنساء المهنيات عن غيرهن من النساء بتحسين النسل التماسا للطفل السليم. لذلك نجد بينهن ميلا إلى طلب فحوص ما قبل الوضع، والتخصيب في الانابيب، والتلقيح الصناعي واستعارة رحم ام أخرى، والوسائل الطبية لتحقيق هذه الرغبات.
وهناك قضية أخرى متعلقة بالتقنيات يزداد الاهتمام بها في العالم المتقدم هي الاهتمام بمقارنة حقوق النساء الحوامل بالنسبة للأجنة التي تعيش في داخلهن ومعتمدة عليهن اعتمادا كاملا.
ويرجع هذا الاهتمام إلى التعريف الطبي الجديد للجنين على أنه (المريض الثاني) "سبالون Spallone، 1989)، مما تاتي كنتيجة مباشرة لعمليات الإخصاب في الأنبوب وزرع الجنين في الرحم وبحوث الأجنة.
وسوف تناقش هذه القضايا من حيث علاقتها بالإجهاض المحدث أو المستحث في الفصل الرابع من هذا الكتاب عند تناول زرع الخلايا الجنينية وتتضمن مناقشة التطور من العلقة إلى المضغة إلى الجنين الكامل مع إشارة خاصة إلى ما إذا كانت الأجنة في مراحلها الانتقالية تستحق أن تعتبر كائنات إنسانية لها حقوق تساوي أو تفوق حقوق المرأة التي تحيا تلك الأجنة داخل جسمها.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]