الكربوهيدرات وتأثيرها على السكري
2013 أنت والسكري
نهيد علي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
رغم أننا قد ناقشنا الكربوهيدرات في الفصول السابقة، فإننا سنعيد الحديث عنها مرة أخرى بسبب دورها الهام في المعالجة.
وللكربوهيدرات التأثير الاكبر على رفع مستوى سكر الدم، وليس من الغريب أن نعرف أن الكربوهيدرات هي من أشكال السكريات، وأن السكر يشكل الوحدات الرئيسية المكونة للكربوهيدرات، ويعتقد الكثيرون من السكريين في أيامنا هذه بأن السكريات البسيطة أو الكربوهيدرات البسيطة هي السكريات ذات التأثير السيء، وأن الكربوهيدرات المركبة أو السكريات المركبة ذات تاثيرات أقل ضرراً من البسيطة، أما إذا أجرينا تحليلاً حقيقياً لهذه الحقائق فسنجد أن تلك الاعتقادات غير صحيحة، والسبب هو ما ستقرأه في الفقرات التالية.
إنك تجد الكربوهيدرات البسيطة في الأطعمة التي تعرضت للتصفية أو التي استخلصت منها المغذيات الأخرى، إلا أنها قد توجد أيضاً في الحبوب غير المقشورة وما يشابها من الفواكه والخضروات، كما أنك ستجد الكربوهيدرات المركبة في الأغذية التي خضعت لعمليات صناعية مثل الخبز والمعجنات كما يمكن أن توجد في الأطعمة الغنية بالمغذيات مثل البقوليات والتوت وغيره من الثمار اللبية، ويعتمد تفاعل الجسم لدينا تجاه تناول السكريات على عوامل متعددة، نخص بالذكر منها ما يلي:
• عدد غرامات الكربوهيدرات المتوافرة، فكلما كانت الكربوهيدرات في الطعام أكثر كثافة كلما زاد مستوى سكر الدم ارتفاعاً.
• نوع السكر، فهناك الغلوكوز والسكروز والفركتوز واللاكتوز، وهكذا نجد أن الغلوكوز يؤدي إلى منسب أكثر ارتفاعاً لازدياد غلوكوز الدم مما يؤدي إليه السكروز (سكر المائدة)، ومما يؤدي إليه سكر الفركتوز (سكر الفواكه)، وسكر اللاكتوز (سكر اللبن).
• نوع النشاء/ سواء كان من الأميلاز أم من الأميلوبكتين، وفي واقع الأمر يستهلك الإنسان كمية تتفاوت بين حين وآخر من حيث الكمية ومن حيث النوع، ويمكن امتصاص سلاسل الأميلوبكتين وتفكيكها، وذلك بخلاف الأميلوز، وهكذا فإن ما يوصف بأنه طعام نشوي يختلف من حيث الصفات ومن حيث المكونات، فالرز مثلاً يتضمن كمية من الأميلوبكتين أكثر مما تتضمنه المعجنات، لذا فإنه يترافق بإمكانية أكبر منها في إحداث ارتفاع سكر الدم.
• كمية الألياف التي يحويها الطعام، فالطعام الغني بالألياف قد يؤدي إلى إبطاء امتصاص الكربوهيدرات، كما أن الألياف الذوابة تبطئ امتصاص الكربوهيدرات أكثر مما تبطئه الألياف غير الذوابة.
• طريقة تحضير الطعام، فمن الطعام ماهو مطبوخ ومنه ماهو طازج يؤكل نيئاً، ومنه ما هو سائل ومنه ماهو جاف، ومنه ماهو مطحون أو على شكل معجونة أو مصنَّع بطريقة أخرى، فعمليات تصنيع الطعام وطبخه قد تغير ما يحتويه من السكريات تغييراً واضحاً، فالطبخ يقلل من كثافة الجزيئات السكرية ويجعل تأثيرها على مستوى سكر الدم أقل لدى السكريين، أما الأطعمة ذات الكثافة العالية فلا تستطيع زيادة مستويات الكربوهيدرات لدى السكريين بالسهولة التي تسببها المنتجات المنخفضة الكثافة. وهكذا تسبب المعجنات ازدياداً في سكر الدم أقل مما يسبب الخبز.
• وجود بعض المكونات الغذائية الأخرى في نوع محدد من الأطعمة، فالدهون من المكونات الغذائية التي لديها القدرة على إبطاء الامتصاص، والشوكولاتة الغنية بكل من السكر والدهن، يمكن أن تؤثر على مستوى سكر الدم أفضل من تأثير الرز البني، ورغم كل ما ذكرناه فإن معظم المرضى يعتقدون أن تناول الرز البني أفضل من تناول الشوكولاتة بكميات كبيرة.
ويقدم المنسب السكري المعلومات اللازمة لفهم التأثير المباشر للطعام على مستوى سكر الدم، فالمنسب السكري هو أحد الوسائل التي تسمح بتصنيف الأغذية إلى فئات استناداً إلى قدرتها على ضبط الحالات الشديدة من السكري.
ولحساب المنسب السكري تقدم للمريض كمية من الطعام تتضمن 50 غراماً من الكربوهيدرات، وتقاس مستويات سكر الدم بعناية خلال فترة 3 ساعات من تناول ذلك الطعام، ويرسم مخطط لمنحنى النتائج، ويوضح ذلك المخطط المستوى الذي يصل إليه سكر الدم والزمن الذي يستمر فيه ارتفاع سكر الدم، ثم تقاس تلك النتائج بمنحنى مرجعي لطعام آخر وهو في غالب الأحوال إما الغلوكوز وإما الخبز الأبيض، ويعطى الطعام المرجعي أو القياسي قيمة 100، ثم يعطى الطعام الذي يخضع للاختبار قيمة نسبية مقارنة للطعام المرجعي تحدد مدى بعده عن القيمة المرجعية، أو مدى الوقت الذي يستغرقه زيادة سكر الدم.
ويجدر بالملاحظة أن المنسب السكري لايقتصر ببساطة على قياس المدة الزمنية التي يبقى فيها السكر مرتفعاً في مجرى الدم، ولا على مدى الازدياد في ارتفاع سكر الدم لأقصى درجة، أو ما يعرف بالقمة، فكلما زادت كمية الغلوكوز التي تدخل مجرى الدم في الساعات الثلاث الأولى زادت قيمة المنسب الغلوكوزي.
ولا يعتبر المنسب السكري قياساً مبرءاً من العيوب، إلا أن فائدته تزداد عند استعماله مع العوامل الأخرى، مثل القيمة الغذائية الإجمالية والمحتوى الطعامي.
وهناك قياس آخر يدعى الحِمْل الغلوكوزي الذي يعتقد بعض الباحثين أنه سيصبح القياس المفضل في المستقبل، ويعرِّفونه على أنه كمية الكربوهيدرات الموجودة في الطعام مضروبة بالمنسب الغلوكوزي، وهو لذلك يعطي المزيد من الفهم للعبء الذي يحمله الطعام من السكريات من خلال الأخذ بالحسبان لكمية الطعام المتناول، وهكذا سيكون لكمية صغيرة من الطعام ذي المنسب السكري المرتفع نفس الأثر الذي تسببه كمية أكبر من الطعام ذي المنسب السكري المنخفض.
وفي حين أن استخدام الحمل الغلوكوزي يتم على نطاق أضيق من نطاق استخدام المنسب الغلوكوزي، فإن الأطعمة التي تتمتع بحمل غلوكوزي مرتفع هي التي تزيد، حسب ما يعتقد العلماء، من خطر الإصابة بالسكري من النمط 2، إلا أنه هو نفس الطعام الذي سيزيد من مستوى كوليستيرول البروتينات الدهنية الرفيعة الكثافة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]