الرياضيات والهندسة

اللفظات الأوئلية

2014 أبجدية مهندس

هنري بيتروسكي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الرياضيات والهندسة الهندسة

اللفظات الأوئلية (Acronyms). وهي ليست تماماً مثل الاختصارات بالطبع، ولكن المصطلحين يُستخدمان غالباً باعتبارهما مترادفين. واللفظة الأوائلية هي بالتحديد مجموعة الحروف الأوائل من كلمات لاسم أو جملة تجتمع لتشكّل كلمة جديدة، مثل كلمة السونار (Sonar) المشكّلة انطلاقاً من الجملةSound Navigation Ranging [تحديد المسافة باستخدام الصوت] وكذلك كلمة رادار (Radar) المشكّلة من جملةRadio Detecting And Ranging [الرصد وتحديد المسافة بالراديو]. ومع أن مثل هذه اللفظات الأوائلية يمكن أن يقال عنها إنها غير صافية، بمعنى أنها لا تستعمل الحروف الأولى فقط استعمالاً متجانساً، والكلمة الأخيرة التي قدّمناها للتو تُظهر ذلك جلياً لأن الحروف المتناظرة للكلمة تُعبّر عن المبدأ الذي يقف وراء الاختراع. فالمبدأ الفيزيائي الذي يرتكز عليه السونار هو نفسه الذي يستخدمه الدلفين والخفّاش في تحديد مسارهما. وقد طوّر الإنسان أجهزة الأمواج الصوتية في البداية عقب غرق باخرة التايتانك (Titanic)، واستخدمت للكشف عن الجبال الجليدية. واعتُمدت التقنية نفسها لملاحقة إبحار الغوّاصات خلال الحرب العالمية الأولى، ولكن كلمة سونار (Sonar) لم تُصكّ حتى الحرب العالمية الثانية كتقليد لكلمة رادار (Radar).

غالباً ما يستخدم عملياً مصطلح "اللفظة الأوائلية" على نحو مطّاط ليشير إلى أية مجموعة من الحروف التي ترمز لعنوان أو جملة (يُفضّل) أن تكون قابلة للّفظ، مثل ناسا NASA التي تمثّلNational Aeronautics And Space Administration الإدارة الوطنية لعلوم الطيران والفضاء، وهي ليست كلمة في حدّ ذاتها. ومع هذا فإن هذا الاختصار يُلفظ عموماً ورسمياً كما لو أنه كلمة "ناسا Nasa"، كما لو أن المقصود كخطأ لا يمكن تفسيره أحياناً هو مدينة ناسو Nassau، عاصمة جزر الباهاما (Bahama Islands) وأيضاً مقاطعة ناسو (Nassau) في منطقة لونغ آيلاند التابعة لولاية نيويورك (New York's Long Island). وبعض الموظفين القُدامى الذين عملوا مع الوكالة التي سبقت ناسا، وهي "اللجنة الاستشارية الوطنية لعلوم الطيران" (ناكا) (National Advisory Committee For Aeronautics) (Naca) التي أُسِّست عام 1915، يلفظون كل حرف من حروف ناسا (N-A-S-A) على طريقة لفظهم لاسم المؤسسة الأولى (N-A-C-A) بالحروف المفصولة إن آي سي آي كما في (N A C A Ames Aeronautical Laboratory)  أي مخبر الطيران إن آي سي آي في مدينة آيمس، قرب سان فرانسيسكو (San Francisco)، التابع للجنة الاستشارية لعلوم الطيران. وغالباً ما ظهر اسم الوكالة مطبوعاً على الشكل N.A.C.A حيث تشير النقاط إلى أنه يجب لفظ الحروف منفصلة. ويتذكّر موظّفو الناسا في مركز أبحاث لانغلي (Langley) في مدينة هامبتون بولاية فيرجينيا (Hampton, Virginia) حتى عهد قريب، أنه عندما حلّت وكالة الفضاء محلّ N.A.C.A. عام 1958 فقد كان مألوفاً رؤية N.A.S.A على شاخصات الطريق السريع بالقرب من المركز. ومن المثير أن الكثيرين ممن هم أصغر سناً من موظّفي الناسا الآن يشيرون إلى Naca بكلمة ناكا (NACCA) إذا لم يكونوا على دراية بتاريخها وثقافتها وتقاليدها. (هذه وغيرها من الحكايات، في حالة مخبر لانغلي للطيران – كما كان المركز معروفاً من عام 1917 وحتى 1958 – مذكورة تحت العنوان الشيّق (Engineer in Charge, Written by James R. Hansen and Published in 1987 as Part of the NASA History Series).

كيفية لفظ المرء لكلمة ناسا (Nasa) تُستعمل كنوع من الدالّة لتمييز قدماء المنظمة الحقيقيين. وكثير من هؤلاء الذين يتذكّرون لحظة تأسُّس الناسا يتذكّرون أيضاً نكتةً كانت معروفة في ذلك الوقت. فقد كان يُقال إن الحرف C في كلمة NACA يصبح الحرف S في كلمة NASA للدلالة على أن السنتيمات (Cents) في الميزانية للوكالة الأولى أصبحت دولارات في الوكالة الثانية، وهذا تلميح للموارد الكبيرة للناسا، التي امتلكتها في ذروة أيامها أثناء سباق الفضاء. ومن المثير للسخرية أنه في أواخر التسعينيات، عندما لم تكن النقود المخصّصة لسبر الفضاء وفيرة، عانت الناسا من إحراجات متكرّرة عُزيت إلى فلسفتها المعلنة: "أسرع، أفضل، أرخص".

بعض ما يسمّى ألفاظاً أوائلية يمكن ألا يلتبس مع كلمات. فعندما كان برنامج المفاعل السريع للتغذية باستخدام المعدن السائل (Liquid Metal Fast Breeder Reactor) جزءاً كبيراً من جهد وزارة الطاقة لتطوير برنامج وقود طاقة نووية ذاتي الاستدامة، شعر المهندسون والإداريون والبيئيون، جميعهم، بالراحة لترديدهم مجموعة الحروف اللاصوتية LMFBR كما لو أنها شعار لماركة سجائر، كما كان هو الحال في LSMFT، وهي اللفظة الأوائلية لـ Lucky Strike Means Fine Tobacco التي تعني لاكي سترايك تعني التبغ الجيد والتي طُبعت في أسفل كل علبة سجائر من نوع لاكي (Lucky). ولم يكن هناك مع هذا أي ادّعاء في أي من الحالتين بأن الحروف تشكّل كلمة.

مع وصول لغات الحاسوب وبرامج الحاسوب الكبيرة بدأ هوس إعطائها ألفاظاً أوائلية ذكية، كانت أحياناً قسريّة أكثر منها قاسرة. (فمن سيخمّن مثلاً أن بي أف أكس (BFX) هو كناية عنBridge Fabrication Error Solution eXpert System؟). بعض الجهود الأولى كانت ناجحة نوعاً ما وغير قسريّة، ولكن هذا بدا حافزاً للمقلّدين [للغوص] في منطقة لم تخضع بعد للتنظيم والقوانين. ومن أولى لغات الحاسوب لغة الكوبول (COBOL)، المأخوذة من جملة Common Business-Oriented Language. واسم اللغة المُوجهة للتطبيقات العلمية فورتران (FORTRAN) كان يمثّل على نحو جميل الجملة التي تميّز هذه اللغة في ترجمة الصيغ الرياضياتية (FORmula TRANslation). ومثال لغة البايزك (BASIC) التي صُكّت عام 1964 والمأخوذة من Beginner’s All-Purpose Symbolic Instruction Code توضح كيف أن قواعد تشكُّل الألفاظ الأوائلية، حتى أفضلها، تميل أحياناً، وغالباً ما تقسر، إلى تطابق اللفظ الأوائلي المرغوب.

سواء كان ذلك مشروعاً أو لا، لمّاحاً أو لا، قابلاً للفظ أو لا، فإن الألفاظ الأوائلية والمهندسين يبدوان متماشين معاً. فقد اشتهر المهندسون في نثْر الألفاظ الأوائلية بحريّة عبر كتاباتهم وخطاباتهم. وهو نقد عادل للعديد من محاضرات المهندسين غير المفهومة للمبتدئين، وهو ما يُشار إليه مراراً في الكتب والتقارير المكتوبة حيث تُحشر قائمة مهمة من الألفاظ الأوائلية والاختصارات في مطلع التقرير أو الكتاب أو في ملحقاتهما. وقراءة مثل هذه التقارير هي في الواقع تمرين مكرّر لتقليب الصفحات في اتجاه وعكسه بين النص والقائمة. ولسوء الحظّ فإن المسألة هي هكذا، إلا أن عدداً قليلاً من المهندسين يبدون قادرين على السيطرة على أنفسهم عندما يتعلّق الأمر باستخدام الألفاظ الأوائلية.

البديل الأكثر شيوعاً عن استخدام قائمة بالألفاظ الأوائلية هو وضع الاختصارات والألفاظ بين قوسين مباشرة عقب أول استخدام للمصطلح. (كما أن المهندسين يحبّون صياغة أفعال من الأسماء). وهكذا فمن الشائع نثر أقواس مملوءة بسلاسل من الحروف الكبيرة في التقارير الهندسية. وهذه الطريقة مقبولة عندما يقرأ المرء تقريراً من البداية حتى النهاية، ولكن هذا قد يمثّل إرباكاً وإحباطاً عندماً يغوص قارئُ التقريرِ في فصل متأخّر منه (هذه المشكلة ليست خاصّة بالمهندسين بالطبع، فكما هو واضح لأي شخص قرأ مقالاً منشوراً بمجلة عن الإنجليزية أو مجلة تاريخية ووجد في الهامش 201 اختصاراً يرجع إلى عمل يمكن أن الحديث عنه قد جرى بتفصيل كامل في أي واحد من الهوامش المئتين في ما سبق. فلا المقالات البحثية ولا التقارير التقنية تنحوان لأن تكونا جذابتين طباعياً أو يمكن استخدامهما بسلاسة).

بدأ المهندسون وغيرهم على نحو متزايد بالاهتمام بمظهر تقاريرهم، وهم أكثر حذراً بخصوص استعمالهم الألفاظ الأوائلية والأقواس التي تحيط بهذه الألفاظ في النص. وبالفعل فإن الحالة التي يجد فيها المرء الاختصارات والألفاظ الأوائلية تستعمل على نحو غير بارز في تزايد، حيث المعنى واضح من النص. وعليه فعندما يذكر في مقال اسم منظّمة لأول مرة مثل الجمعية الوطنية للمهندسين المحترفين(National Society Of Professional Engineers) فلن يكون هناك توضيح بين قوسين لما هو واضح، فالاختصار هو NSPE. وعند الإشارة إلى هذه المنظمة في المرة الثانية؛ الأمر الذي يحدث عادة في الجملة أو الفقرة التالية، فإن الاختصار سيستخدم من دون تعليق، وهذه الطريقة تجعل قراءة التقرير أسهل وأنقى وأكثر تنظيماً.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى