المأوى حسب التقاليد الإسلامية
2013 دليل الصحارى
السير باتريك مور
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
التاريخ علوم الأرض والجيولوجيا
في الهندسة الإسلامية يعتمد اسلوب بناء المساكن على عدة عوامل: البيئة الطبيعية، بما في ذلك امدادات المياه ودرجة الحرارة والريح وهطول الأمطار والعناصر الثقافية، مثل النماذج الاجتماعية والقيود الدينية. واضافة الى ذلك يؤثر التقليد الإسلامي على تطوير اسلوب المنازل الخاصة والبناء في مستوطنات المدن.
وبُغية تصوير تطور مستوطنات المدن الإسلامية والمنازل الملائمة للبيئة الحارة الجافة وشبه الجافة، بوسعنا أخذ ايران على سبيل المثال لهذا الغرض. وتوجد بعض العوامل الدينية والاجتماعية التي تنفرد بها ايران والتي أثرت على طريقة تطوير تلك المنازل.
وعلى أي حال فإن عناصر البناء التي تأثرت بمتطلبات المناخ والبيئة الطبيعية قد انعكست في مناطق صحراوية اخرى من العالم الإسلامي، وفي البعض من المناطق غير الإسلامية.
تطوير المدن والبيئة المادية: في ايران، وبطريقة نموذجية للدول الجافة، كبرت المدن الى حد كبير في مناطق يسهل فيها الوصول الى الماء وتتوافر فيها مساحة كافية من الأرض قابلة للري من أجل تلبية احتياجات السكان. والمصدر الرئيس للماء في المنطقة يتمثل في القنوات الاصطناعية التي تحكم توزيع مستوطنات المدن.
وأنظمة القناة التي تحيط بصحراء الملح الشمالية الكبيرة في ايران، على سبيل المثال، تعكس تطورات المدن التي تحيط بالسهل. ويتمثل عامل آخر في الريح التي تميز المنطقة والتي تحد من استخدام السهول لأغراض الزراعة أو الإستيطان.
وتؤثر المتطلبات السياسية والاستراتيجية (العسكرية وغيرها) أيضاً على مواقع المراكز الحضرية.
وقد بُنيت المدن الحديثة في ايران وبإزدياد من دون أن تأخذ ظروف المناخ في الحسبان. وأمكن تشييد تلك المدن عبر استخدام كميات كبيرة جداً من الطاقة بغية تشغيل المعدات اللازمة لجعلها قابلة للسكن، مثل أنظمة تكييف الهواء ومضخات المياه.
تصميم المنازل: يتمثل النموذج العادي للمنزل في بناء ساحة مركزية مكشوفة تحيط بها غرف من جانبين أو ثلاث جوانب. وتشييد المنازل وفقاً لبنية خلية (Cell Structure)، أي مشاطرة الجدران مع الأبنية المجاورة، من ثلاثة جوانب عادة، وترك الجانب الرابع في مواجهة الشارع.
وتكون الجدران عادة سميكة، وتصنع من طبقات من الطين أو القرميد الطيني، من أجل تقليل دخول الحرارة الى المنزل.
وتكون الأرض في منطقة فناء المنزل في الغالب تحت مستوى الشارع بُغية زيادة كمية الظل والمساعدة على الإحتفاظ بهواء الليل البارد خلال النهار مما يسهم في خفض درجة الحرارة في داخل المنزل. كما أن الجدران العالية حول الساحة تضيف المزيد الى هذا التأثير.
المنازل التقليدية، وخاصة تلك المشيدة في الأحياء الأكثر غنى، تحوي مسبح أو حتى نافورة في فناء المنزل، ويسهم ذلك من جديد في خفض درجة الحرارة داخل البيت.
ويتمثل المظهر الآخر الذي يقتصر كذلك على الأغنياء الى حد كبير في بناء حديقة في ساحة المنزل، ويمكن استخدامها لتوفير المزيد من الطعام، غير أن الهدف الرئيس من استخدامها هو، اضافة الى الجانب التزييني الصرف، تبريد المنزل.
ولا يقتصر وجود الحدائق الداخلية على الأبنية الخاصة، وهي موجودة في الغالب في المساجد والأبنية العامة الاخرى، وخاصة تلك التي ترجع الى العصور الوسطى.
وحتى في الأحياء الأكثر فقراً في المدن الايرانية التقليدية، فإن المنازل في أغلب الحيان تشتمل على غرف تواجه الشمال صممت لإستخدامها في الأشهر الأشد حرارة. وتحتوي تلك الغرف في الغالب على مسبح آخر اضافة الى مسبح فناء المنزل.
والشيء الفريد في ايران، والذي يمثل اهتماماً خاصاً بالنسبة الى المهندس العصري الذي يحاول خفض الاعتماد على أنظمة تبريد الهواء الاصطناعية هو صائد الريح وهو عبارة عن برج بارتفاع 20 متراً (60 قدماً) فوق الأرض ويحتوي على فتحتين في قمته: الأولى أصغر وتواجه الريح السائدة، والثانية أكبر وتواجه المدى البعيد.
وتتدفق الريح الباردة نسبياً الى داخل البرج حيث تدفعها الكثافة الأشد للهواء البارد الى الهبوط نحو داخل المنزل، فيما يرتفع الهواء الساخن الأقل كثافة في داخل المبنى الى الفتحة الخلفية ويطرد الى الخارج. ويتم في غالب الأحيان تبريد الهواء المتجه نحو الأسفل من خلال تمريره فوق مسبح أو عبر فلتر من أوراق رطبة.
شدة مناخ الشتاء في أطراف الصحراء دفعت أصحاب البيوت الأكثر ثراء الى بناء أجنحة شتوية، تقع في الجانب الجنوبي من المنزل بغية الإستفادة من الحرارة التي تمتصها الجدران من أشعة الشمس شتاء.
وكما هو متوقع، تكون المداخل وقنوات الهواء أصغر حجماً من تلك الموجودة في الأجنحة الصيفية، كما أن جريان الهواء يقيد بقدر أكبر عبر وضع أغطية من القماش فوق الباب والنوافذ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]