إسلاميات

المراحل التي يتم بها “الزواج” بين الشاب والفتاة

1999 موسوعة الكويت العلمية الجزء العاشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

مراحل الزواج إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة

الزَّواجُ في لُغتِنا العربيّةِ يَعْني: الاقْتِرانَ، والارْتِباطَ. ولذلك فإن اقترانَ الرجل بالمرأةِ وارتباطَه بها يقالُ له زواجٌ.

والزّواجُ في الإسلام هو عَقْدُ اتفاقٍ ورضاً بينَ رجلٍ وامرأةٍ مقصودٌ منه إقامةُ أُسْرة، وتربيةُ الأبناء، والتزامُ كُلِّ واحدٍ منهما بالواجبات، وتمتُّعُ كُلِّ واحدٍ منهما بحقوقه تجاهَ الآخر.

والإسلام يَعُدُّ عقْدَ الزّواجِ عَقْداً هامّاً جداً، وهو مِنْ نِعمِ الله على عبادهِ لأنّهُ عقدٌ يُحقِق مقاصدَ وغاياتٍ نبيلةً وعظيمةً، ودونها تقومُ الحياةُ الإنسانيَّةُ على الفوضى والاضطراب.

 

فالزّواجُ يحقِّق الاستقرارَ والسّكَنَ الطيّبَ، وتترسخ فيه بيْن الزَّوجَيْن المحبةُ والمودة والأُلْفةُ والرَّحمةُ وهذه كلُّها نِعمٌ من الله العظيم.

ونجدُ هذا كلَّه في قوْل الله عزَّ وجلَّ: قال تعالى(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) الروم (21).

والزَّواجُ نعمةٌ على الزَّوْجين وعلى المُجتمع كُلِّه، لأنَّ الزوجينْ سيكونان أباً وأماً لأولادٍ ذُكورٍ وإناثٍ، وهؤلاء الأبناءُ سيتزوّجون ويَكونون أُسراً، ويرزقهُم الله بأبناءٍ أيضاً فيكونون أحفاداً لآبائهم وأمهاتهم.

 

ويُبيّنُ الله تعالى أنَّ الزّواجَ نعمةٌ للجميع، فيقول: قال تعالى(وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) النحل (72).

ونبيُّنا، صلواتُ الله وسلامُه عليه، يحُثُّنا حثاً عظيماً ويُرغِّبنا في الزواج فيقول: «يا معْشرَ الشبابِ مَنْ استطاعَ منكم الباءةَ – أي القدرةَ على تكاليفِ الزواج – فليتزوَّجْ».

وهنا قضيةٌ مهمّةٌ يُبيِّنُها لنا الإسلام إذا كُنّا نُريدُ إقامة أسرةٍ سعيدةٍ، فيرشِدُنا إلى صفةٍ مهمةٍ في الزوجِ والزّوجةَ، وهو الدِّين.

 

فالرجلُ الذي يريدُ السعادةَ له ولأبنائهِ بعدَ ذلك يُمكنُه أن يختارَ المرأةَ ذاتَ الدِّين، التي تعرفٌ حقوقَ الله وتُؤدّي الواجباتِ من الصلاةِ والزّكاةِ وبرِّ الوالدينْ وتخافُ الله عزَّ وجلَّ. فالدِّينُ يجعلها زوجةً صالحةً تُراقبُ الله وتقومُ بحقوقِ زوجِها وأبنائِها وبيْتِها.

ولذلك يقولُ النبيُّ – صلّى الله عليه وسلّم -: «تُنْكَحُ – أي يتزوّجُ الرّجُلَ المرأةَ – لأرْبَع: لِمالِها، ولحَسَبها، ولجمالها، ولدينِها، فاظفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَداك».

فالدِّينُ هو أهمُّ صفةٍ في المرأةِ، رغمَ أنّ هناك صفاتٍ أخرى مرغوبةً وجيّدةً، مثل أن تكون المرأةُ ذاتَ مالٍ، وحسَبٍ، وجمالٍ، ولكنَّ هذه الصفات دون صفة الدِّين لا قيمة لها.

وكذلك ينبه النبي – صلى الله عليه وسلم – المرأة إلى أن تختارَ الرجل صاحب الدِّين، وتُقدّم هذه الصفة على صفاتٍ مثل المالِ والحَسبِ والمنْصِبِ وغير ذلِك. فيقول – صلّى الله عليه وسلّم -: «إنْ جاءَكُمْ مَنْ تَرضَوْنَ دِينَه وخُلَقَه فزوِّجُوه».

 

وإنما يُؤكِّد النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – صِفة الدِّين، لأن الزّوجة المُتَدينة، والزوجَ المتديِّن يُراقبانِ الله، فيؤدِّي كلُّ واحد منهما التزاماتِه وواجباتهِ، ويُعطي ما عليهِ للآخر من حقوقٍ، فيتبادلان الحقوقَ والواجبات. وبهذا تتحقّقُ سعادةُ الأسرةِ، وتكونُ أُسرةً ناجحةً، تحقِّقُ لأفرادها صِغاراً وكباراً الهناءَ والسَّعادة.

وقد نَسألُ أنفسنا كيف يعرِفُ الرّجل أخلاقَ المرأة وتعرِفُ المرأةُ أخلاقَ الرّجل، مِنْ أجل أن يكون الاختيارُ للرّجل الصالح، وللمرأةِ الصالحة. هنا نقولُ: إنّ الإسلام لم يغفل ولم يَنْسَ هذه المسألة.

فجعل لنا مرحلةً مهمةً قبل الزواج، وتُسمّى الخِطبةَ، وهي أن يلتقي الشابُّ الذي يريد الزّواج والفتاةُ التي تريد الزواجَ ويجتمعا في مكانٍ بحضورِ أهل الزوجة وأمّها أو إخوانها أو غيرهم، ويتمُّ الكلامُ والحوارُ والنِّقاشُ بين الشابّ والفتاةِ، ويسألها عمّا يُريد، وتسأله عما تُريد.

 

وبعد هذا الاجتماع يشعر كلُّ واحدٍ منهما برغبته وميله للآخر، أو عدم رغبته وميلة، فإنْ كان هناك قبولٌ، تبدأ مرحلةُ السُّؤال عن الشابِّ والفتاةِ.

كلُّ واحدٍ منهما بمساعدةِ أهله، يسألُ عن الآخر، ليتمَّ الاطمئنانُ قبل أن يتمَّ عقدُ الزواج، فيعرفَ كلُّ واحدٍ عن الاخر بطريقة السؤالِ والاستفسارِ ممّن يعرف الشابّ وكذلك ممّن يعرفُ الفتاة، الكثير عن أخلاقيات زوج المستقبلِ وزوجةِ المستقبل. وأكثُر هذه الأجوبةِ نجدُها عِندَ أصدقاء الرّجُلِ وأصدقاء المرأة، فهُم على علمٍ بهما.

فإذا تمّتْ المعلوماتُ وعُرِفَت الصِّفاتُ، وكانت معلوماتٍ وصفاتٍ مرغوبةً يتقدم الخاطبُ الذي يرغبُ أن يكونَ زوجاً، إلى أهلِ المرأة، فإذا قَبِلَتْ الفتاةُ هذا الشابَّ بعد مرحلة الخِطبة، يتمُّ عقدُ الزواجِ بحضور والدِ الفتاة وحضورِ الزّوج وبعضِ أهله، على يَد مُوثِّقٍ شرعيِّ وبحضور شهودٍ على هذا العقدِ الهامِّ.

ويطلب الموثقُّ الشرعيِّ من الشابِّ أن يُعلِن أمام الجميعِ رغبته في الزّواج، ويطلبُ من والدِ الفتاة إن كان موجوداً، أو مِمّن يقومُ مقامَه إن لم يَكُنْ موجوداً، أن يُعلِنَ أمامَ الحضورَ قبولَه للزواجِ «نيابةً» عن الفتاةِ وبتوكيلٍ منها. وبهذا يتمُّ عقدُ الزواجِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى