المسائل المتعلقة بعملية نقل الاعضاء من متبرعين أحياء
1996 تقنيات الطب البيولوجية وحقوق الإنسان
الدكتور يوسف يعقوب السلطان
KFAS
من بدائل اخذ الأعضاء من الجثث هناك نقل أعضاء كاملة (كُلية مثلاً) أو مادة أو جزء من عضو (كبد أو نخاع عظام) من متبرع حي.
ويبدو أن هذه العملية قد أخذت تتوسع وبخاصة مع تزايد المحاولات الناجحة لزرع أجزاء من الكبد مأخوذة من أحد ابوي الطفل.
وإلى جانب ميزة تَوافر مصدر جديد للعضو المنقول، فإن لهذه العملية ميزات أخرى تتمثل في إمكان إجراء عملية النقل في الوقت الذي يكون فيه الطفل ما زال صحيحا وقبل أن يؤدي العيب الخلقي في الكبد إلى تدمير فسيولوجي خطير (وهذا أي العيب الخلقي في الكبد هو أهم دواعي الحاجة إلى عضو جديد).
والمخاطرة من وجهة نظر حقوق الإنسان هي أن احد الوالدين الذي قدم كليته، أو جزءا من كبده تحت تأثير الضغوط الاجتماعية ربما يعاني في المستقبل من آثار ضارة نتيجة جراحة النقل.
وقد تنشأ الآثار النفسية الضارة من إحساس الأب أو الأم بأن العطاء كان إجباريا مما يؤدي إلى احتمال الإساءة إلى العلاقة المتكاملة بين الابن والوالدين.
هذا وقد تؤدي الظروف التي تكون فيها المشاعر الإنسانية عميقة أحيانا إلى غموض القرارات الأخلاقية المبنية على المبادئ العامة.
ولقد نشرت صحف الولايات المتحدة قصة عن زوجين في أواسط عمرهما عمدا إلى الحمل لإنجاب طفل بهدف واحد هو الأمل في أن خلايا نخاع عظمه ستنقذ ابنة لهما ماهقة مشرفة على الموت بسبب اللوكيميا. (وكان احتمال توافق دم الطفل مع دم الفتاة بنسبة 1 إلى 4).
وكما ذكر الأبوان أنهما ظلا يبحثان بجد وبدون جدوى عن متبرع، فلما لم ينجحا لم يرضيا أن يقفا مكتوفي الأيدي دون أن يفعلا شيئا، وهما ينتظران موت ابنتهما (نيويورك تايمز عدد 16 فبراير 1990).
وتركزت انتقادات أخصائيي الأخلاقيات على أنهما انتهكا المبدأ الرئيسي الذي يعتبر الشخص ذاتا مستقلة ولا يمكن استخدامه أو استخدامها لتحقيق أهداف خاصة بشخص آخر دون موافقته.
ولم يتجه النقد إلى توجيه الاتهام للوالدين مباشرة بل اكتفى بتصوير قلقهما إزاء هذا الموقف. أما الوالدان ذاتهما فقد أكدا من جانبهما أن حبهما لا يقتصر فقط على الفتاة المراهقة بل يشمل أيضا الوليد الجديد.
وحينما فكرت عالمة الأورام التي كانت تتولى هذه الحالة في السبب الخاص لإنجاب الطفل لم تتردد في أن تتخذ الإجراءات اللازمة للعملية.
وتبين آنذاك أن عملية النقل والزرع لم تكن ضرورية إذ أمكن الحصول على الخلايا الجذعية الضرورية من دم الحبل السري مباشرة في لحظة ولادة الطفل.
كما لاحظ الأطباء ايضا أن نخاع العظام يمكن الحصول عليه بأقل أخطار ممكنة يتعرض لها الطفل الوليد، إذا تمت العملية حينما يكون عمره ستة اشهر على الأقل.
ولقد تمت عملية نقل نخاع العظام بنجاح كما يبدو في عام 1991، وبينما كان الانتقاد الرسمي الأخلاقي (فيما يتعلق بحقوق الإنسان) مستمرا أصر الوالدان على انهما يحبان وليدهما حبا بلا حدود، ويبدو أن الرأي العام نظر إلى هذا العمل على أن له مبرار عاطفيا وأنه تصرف تلقائي واتجه الرأي إلى أن الاهتمام بحق الابنة المراهقة في الصحة يغلب على الاهتمام بانتهاك حقوق الطفل.
وفي الوقت نفسه كان هناك أربعون حالة أخرى التزم فيها الآباء الصمت بشأن الحمل في أطفال كمصدر للأنسجة (أو لعضو من أعضاء الجسم في إحدى هذه الحالات) مما يدل على إمكان إثارة المتابع نتيجة لهذا الفعل (كولاتا kolata 1991)
وهناك حالة أخرى عرضها كوران Curran (1991) وهي أن طلب أب نخاع عظام متوافقة من أحد توأمين مولودين لهم، زوجته لزرعها في أخ غير شقيق لهما، فواجه المعارضة الشديدة من زوجته أم التوأمين.
وبعد جلسات طويلة في المحكمة صدر الحكم برفض الدعوى، نظرا لعدم وجود إحساس وشعور بالعلاقة الأسرية، وأن التوأمين البالغين من العمر ثلاثة سنوات ونصف ليست لديهما الكفاءة لإبداء الرأي وأنه إذا ما نفذت العملية فلا بد أنهما سيحتاجان إلى مساعدة أمهما، وهي معترضة أصلا لأنها تشعر بأن العملية كانت خطيرة على ولدها..
وعلق كارين على ذلك بأن "القانون لا يمكن أن يقدم كل الإجابات المتعلقة بشئون العلاقات الإنسانية" (ص 1819).
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]