التاريخ

المشروع الذي اقترحه ملك صقلية على الإدريسي لتنفيذه

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول

صبري الدمرداش

KFAS

ملك صقلية الإدريسي التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

في عام 1138 استقبل الملك روجر الثاني بنفسه الإدريسي على باب قصره في (بالرم) عاصمة صقلية التي كان قد استولى عليها من المسلمين.

وكانت الثقافة الإسلامية لا زالت مزدهرة في الجزيرة، وكانت صقلية بحكم وضعها المتوسط في بحر الرّوم مركزاً للتبادل التجاري وملتقى الفكر العالمي. وهي – كشقيقتها الكبرى الأندلس- همزة الوصل بين العالمين: الإسلامي في الشرق والنصراني في الغرب.

ويصحب الملك ضيفه حتى قاعة عرشه، وجلسا معاً في مكان آخر يتحدَّثان وحيدين بعد أن خلا لهما المجلس، وظلا كذلك حتى صافحت آذانهما تسابيح الفجر فافترقا على وعدٍ بلقاء في اليوم الجديد.

وقد أفرد روجر لضيفه قصراً وأجرى عليه راتباً، وتعدَّدت بينهما اللقاءات حتى صارا صديقين حميمين.

ولما كان الإدريسي رجل علم ولم يكن سمير ملوك، فقد تاقت نفسه إلى الأسفار، وكم تمنَّى أن يُنفق الملك على أسفاره ليؤلِّف مؤلَّفاً كبيراً عن الممالك والمدائن، يزوِّده بالخرائط.

 وذات ليلة باح عالمنا بما في نفسه للملك. فاقترح الملك: ماذا لو جعلت مائة يسافرون في أرجاء الأرض بدلا منك؟ ألا نعرف أكثر عن الأرض ونختصر الوقت ولا نضيِّع عشراتٍ من السنين قد لا يتسع لها عمرك ولا عمري.

وتنفيذاً لمقترح الملك، عكف الإدريسي أسابيع يختار الرجال وراح يُدرِّبهم على المشاهدة في أرجاء صقلية وتصوير ما يرونه برسومهم. وحسن اطمأن قلبه أعطى الإشارة فانطلق الرجال في البحر إلى مختلف الاصقاع. وربما كان هؤلاء الرجال أول بعثة علمية تجوب ممالك العالم الوسيط في القرن السادس الهجري، الميلادي الثاني عشر.

ولم يعد للإدريسي في نهاراته من همٍّ سوى السؤال عن البريد القادم من رجال بعثته، تحمله السفن القادمة إلى صقلية من موانيء البحار.

وتمر السنون والإدريسي يجمع معارف رجاله ويرتبها ويبوبها ويعيد صياغتها، وما تزال مهمة رجال البعثة مستمرة ورسائلهم لا تنقطع عنه ومعها ما يحصلون عليه من كتبٍ في الجغرافيا والتاريخ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى