المكتبات

2014 أبجدية مهندس

هنري بيتروسكي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الرياضيات والهندسة الهندسة

المكتبات (Libraries). درجت معظم الجامعات الكبيرة على أن يكون لها مكتبة جامعية هندسية مميزة ومنفصلة؛ ولكن انتشار نشرات الكتب على الإنترنت والنشر الإلكتروني جعل من نسخة المكتبات المبنية بالطوب والملاط والكتب المرصوصة على رفوفها أهمية أقل للباحثين والمهندسين العاملين على السواء. وهذا أدى إلى فضّ المجموعات المتراكمة من الكتب واستيعاب الكتب الهندسية التي كانت محتواة في مجموعات الكتب الجامعية العامة. ومع هذا فلا يزال هناك كنوز على الرفوف المغبرة القديمة للمكتبات في كل مكان بحاجة إلى اكتشاف. وقبل أن تغلق مكتبة مدرستي للهندسة، كان مكاني المفضل فيها يقع في مواجهة الرفوف العميقة جداً التي تصطف عليها أكوام الأجزاء الكبيرة. وكانت تضم هذه الكتب الضخمة مقترحات مفصلة لمشاريع كبيرة، لم تنفّذ أبداً، مراكمة في تقارير نهائية للجان مكلفة بالتحقيق في حالات فشل فاضحة. واحد من مجموعات الأجزاء المفضلة لديّ كان تقرير فشل جسر كيبيك وإعادة تصميمه.

وفي إحدى المرات رغبت في الاطلاع على كتاب جون سكوت رسل Modern System of Naval Architecture، ولكنه لم يكن متوفراً في مكتبتي. ومن دون أن أفكر كثيراً في الأمر طلبت الأجزاء الثلاثة للكتاب عبر "الاستعارة بين المكتبات"، وهذه مؤسسة لا تُقدّر قيمتها ومناسبتها للدارسين بثمن. وكما كان الأمر يجري في تلك الأيام، فقد أُعلمت بوصول الكتاب ومررت بمكتبتنا لأخذها. وما لم أكن معتاداً عليه، أن هذه الكتب كانت غير قابلة للاستعارة إلى خارج بناء المكتبة. وعندما رأيت الكتب فهمت السبب. فقد كان كل جزء بطول 28 بوصة وعرض 20 بوصة وسماكة 2 بوصة وكانت ثقيلة بما يتناسب وحجمها. وكان من المستحيل قراءتها إلا على طاولات مكتبة كبيرة. وهذه الآثار المطبوعة في لندن عام 1865 أرسلت من مكتبة جامعة برنستون لقراءة على راحتي في مكتبة جامعة ديوك (Duke)، وقد كنت مثقلاً بكرم وثقةِ نظام الإعارة بين المكتبات. بلا شك فإن هذه الكتب قد تم مسحها ضوئياً وأصبحت نسختها الإلكترونية متوفّرة، ولكن لا شيء يقارن بتجربة التعامل مع حجم وثقل مثل تلك الأجزاء المادية. كان لها رائحة الكتب القديمة، ونسيج الرسائل المطبوعة بالأحرف المنسّقة، وصفحات الرسوم المنفصلة التي نسخت في العصر البخاري.

ومثل هذه الكنوز لا تزال محفوظة بشكلها المادي في المكتبات الحقيقية. إحدى هذه المكتبات هي مكتبة هنتنغتون (Huntington) الواقعة في سان مارينو (San Marino) بولاية كاليفورنيا. وفي هذه المكتبة مجموعة كتب في الهندسة المدنية، تقدم كتبها الفريدة لمكاتب التصميم صورة عن كيفية إنجاز الأشياء. وهنتنغتون هي الآن موطن مكتبة بورندي (Burndy)، التي كانت مستضافة سابقاً في معهد ديبنر (Dibner) في معهد ماسّاتشوستس للتكنولوجيا. كان بيرن ديبنر (Bern Dibner) (1897-1988) مخترعاً ومؤسساً لشركة بورندي للهندسة، وهي شركة تصنّع أجهزة التوصيل الكهربائي، كان مقر إدارتها الرئيسي يبعد بمقدار بناء عن المكتبة العامة في مدينة نيويورك. قادته قراءاته الجانبية للاهتمام بليوناردو دافنتشي الذي تابعه في رحلاته إلى أوروبا. وهناك بدأ بشراء الكتب والمخطوطات القديمة المتعلقة بتاريخ العلم. وهذا الكنز النفيس شكّل جوهرياً أساس مكتبته في بورندي. كوّم مجموعات فريدة تضم كتباً ذات قيمة كبيرة لتاريخ الهندسة. وفي أواسط سبعينات القرن العشرين قُدمت مجموعات كثيرة منها إلى المؤسسة السميثسونية، ولاحقاً وضع الباقي في عهدة ماسّاتشوستس للتكنولوجيا، حيث كانت مكتبة بيورندي جزءاً من معهد دنبر لتاريخ العلم والتكنولوجيا. كانت هي تلك المجموعة التي منحتها عائلة ديبنر عام 2006 إلى مكتبة هنتنغتون. انظر النسخة المعدلة لكتاب:Bern Dib­ner, Heralds of Science, revised edition (Norwalk, Conn., and Washington, D.C.: Burndy Library and Smithsonian Institution, 1980); See Also “From Connections to Collections,” American Scientist, September-October 1998, pp. 416-420).

كان موقع مكتبة الجمعيات الهندسية خلال معظم القرن العشرين في بناء المقرات الإدارية الرئيسية في نيويورك لما سُميّ بالجمعيات الهندسية المؤسسة. وعندما اتفقت الجمعيات على بيع البناء الذي سكنوه معاً والذهاب كل في طريقه مع مقرات إدارية رئيسية منفصلة المواقع أعطيت ممتلكاتها من المكتبات لآخرين. استملكت معظم المواد من قِبل مكتبة ليندا هول (Linda Hall) المستقلة للعلوم والهندسة والتكنولوجيا الواقعة في مدينة كانساس في ولاية ميسوري (Kansas City, Missouri). وهذا المعهد ذو الشأن العالمي هو هبة من الصناعي هربرت ف. هول (Herbert F. Hall) (1858-1941) وزوجته ليندا هول (1859-1938) ومقره يقوم على العقار الذي خلّفاه. بدأت هذه المكتبة العمل عام 1946، وهي لا تضم فقط مواد نادرة وعزيزة ولكن أيضاً مجموعات كبيرة من المجلات والتقارير التقنية.