النظم الصحية الهشة
2013 استئصال الأمراض في القرن الواحد والعشرين
والتر ر.دودل ستيفن ل.كوشي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
لا تستطيع النظم الصحية بسبب هشاشتها وتشظيها أن تقدم الكمية والنوعية من الخدمات إلى من يحتاجونها إذ تشكل المعضلة الأولى في تحقيق أهداف التطوير الواردة في الذكرى الألفية للبلدان ذات الدخل المنخفض.
ولقد وصف التقرير العالمي حول الصحة لعام 2000، المنظومة الصحية على أنها "كافة الأنشطة [بما فيها كل المنظمات والمعاهد والمصادر المالية، والبشر ونشاطاتهم] والتي تهدف إلى إرقاء واستعادة أو الحفاظ على الصحة". (WHO 2000b:5) واستخلص أربعة وظائف أساسية لها: توفير الخدمات، وتأمين المصادر، والتمويل والإشراف والتدبير.
وعرفت منظمة الصحة العالمية في عام 2006 تقوية النظم الصحية بأنها" إيجاد القدرة لدى المكونات الحاسمة في النظم الصحية لتحقيق التحسينات الأكثر إنصافاً ودواماً في أرجاء الخدمات الصحية ونتائجها" (WHO 2006b:10). وهذا يعني عملياً التصدي للقيود الأساسية في المنظومات التي تتعلق بالقوة العاملة الصحية والبنية التحتية، والسلع الصحية (مثل التجهيزات والأدوية) واللوجستيات والتموين، وتعقّب وملاحقة سبل النجاح والتمويل الفعال الضروري في تأمين الخدمات التي تستجيب للحاجات بالإنصاف من الناحية المالية.
وهنا هي كحاجة عارمة للتصدي لفكرة كون النظم الصحية معقدة، وإزالة الابتذال والتعفن عن أجندة تقوية النظم الصحية، وتحسين أجهزة الإدارة والحكم والتخطيط الاستراتيجي الذي يساند الأداء ويدعمه. كما أن هناك نقطتان في " أجندة النظم الصحية " تستحقان اهتماماً خاصاً: التمويل الصحي المعقد، وأزمة القوة العاملة في مجال الصحة في العالم.
لقد ازداد التمويل الصحي في العالم من 2,5 مليار دولار أميركي في 1990 إلى ما يقارب 14 مليار دولار أميركي في 2005 (World Bank 2007). فبالإضافة إلى الزيادة في المساعدة الرسمية في التطوير، يغطي التمويل الخاص لشؤون الصحة في العالم ربع كافة معونات التطوير الصحي (Bloom 2007).
كما أن زيادة عدد العوامل الفاعلة في الشؤون الصحية في العالم قد جعل تعقب التمويل الصحي الدولي بالغ الصعوبة. ويؤكد ماك كوي (McCoy) وزملاؤه على تعقيد وتشظي التمويل الصحي الدولي، والمراقبة والتعقب غير الوافيين فيه.
كما أن كثرة العوامل وتعقيدات أقنية التمويل تؤدي إلى أكلاف صفقات باهظة وصعوبات أكبر في ضمان المساءلة أمام الجمهور. وقد بين البنك الدولي أنه "مالم تصحح نواحي النقص في تنظيم المساعدات وتجرى الإصلاحات الأساسية على مستوى الدولة المحلية فإن مجموعة البلدان العالمية والدول ذاتها تواجه احتمالاً مؤكداً بتبديد "الاهتمام المتصاعد والمال الموجهين لتحسين صحة فقراء العالم (World Bank 2007:149).
هناك مخاوف من أن تؤدي "الاستعاضة" Substitution بزيادة المساعدات الدولية إلى خفض التمويل الحكومي في مجال الصحة. وقد بين لو (Lu) ورفقاه (2010) أنه مقابل كل دولار من المساعدات ينخفض التمويل الحكومي 0,43 – 1,14 دولار أميركي.
ويقترح أومز (Ooms) ورفقاه (2010) بأن تعوض الحكومات الإحسان الدولي الاستثنائي لقطاع الصحة بإعادة تخصيص التمويل الحكومي لقطاعات أخرى، التي تتوقع عدم الاعتماد على المعونات الدولية في مجال الصحة في المدى البعيد بإيقاف الزيادات في الإنفاق على الصحة. أو بتخفيف المساعدة بمدها عبر عدة سنوات. فالمعونة الدولية في المجال الصحي لا يمكن التنبؤ بها ولا تفي بتمويل الأكلاف المتلاحقة.
التحدي الرئيسي الثاني هو أزمة القوة العاملة في مجال الصحة التي تعزى إلى عدة أسباب: الإنتاج غير الوافي، والأجور الهزيلة، وظروف العمل، وازدياد الهجرة، والخسارات من خلال AIDS.
وقد أثارت المبادرة التعليمية المشتركة (JLI) Joint Learning Initiative التي بادرت بها مؤسسة فورد والتقرير العالمي حول الصحة في 2006، وإنشاء التحالف العالمي للعاملين في الشؤون الصحية دور وحجم هذه المشكلة وساعدت في إنشاء إجماع حول الحلول الفعالة الممكنة لها (Rockefeller Foundation 2003; WHO 2006b)، وقد أكدت مجموعة المبادرة التعليمية المشتركة العاملة في مجال الأمراض ذات الأولوية على تأثيرات عدد كبير من المبادرات الصحية العالمية في البلدان السائرة في طريق التطور .
حتى عهد قريب كانت جماعة المتبرعين مترددة في تقديم الدعم البنيوي الضروري للقوة العاملة في مجال الصحة أكثر من تمويل دورات تدريبية قصيرة. ولقد كان كبار المتبرعين، من أمثل مؤسسة بيل ومليندا غيتس Bill and Melinda Gates Foundation و متحفظين جداً رغم إدراكهم أن التنفيذ الناجح للمبادرات يعيقه كثيراً قلة العاملين بها. فدور العمال المدربين هو في صميم المنظومة الصحية.
فالدولة الأصولية تخصص أكثر من 42 % بقليل من نفقات الحكومة على الصحة لدفعها إلى العاملين في الصحة لديها، رغم وجود فروق بين البلدان والأقاليم.
ففي أفريقيا يجاهد 3% من القوة العاملة في الشؤون الصحية الدولية لإدارة 24% من عبء الأمراض (WHO 2006e).
كما تواجه الدول ذات الدخل المنخفض تحديات مشتركة: كيف تتوصل إلى زيادة سريعة في من يؤمن لها الموظفين المهرة والذين لديهم الحافز للعمل في الخدمات الصحية، ويضمن توزيعهم بالتساوي؛ وكيف تصاعد من إنتاجيتهم؛ وكيف نحفز عمال الصحة ليبقوا في مواقعهم ويخدموا مجتمعاتهم ويقللوا من الخسائر.
وتشير الدلائل المتجمعة إلى أن المقاربات التالية قد أدت إلى النجاح:
– تحويل المهام إلى الموظفين ذوي الكفاءة الأدنى
– تغيير تشكيلة الموظفين المهرة
– توسيع وزيادة كفاءات أطر الموظفين على أساس المجموعة السكانية، و
– أحدثت تأثيراً في توزيع الموظفين من خلال استخدام الحوافز لتحقيق الأهداف.
فقد وجذبت مبادرات الاستئصال/ الإزالة "المتطوعين الإنسانيين" Philanthropic Volunteers لجباية التمويل والأنشطة الداعمة (مثل أيام إكساب المناعة من شلل الأطفال والحصبة، وحملات توزيع الأدوية الجماعية من NTDs (الأمراض الاستوائية المهملة).
واستناداً إلى نجاح العلاج الموجه إلى كامل الجماعة السكانية في الوصول إلى السكان في الأماكن البعيدة، درس القائمون على البرنامج الإفريقي للسيطرة على داء كلابية الذنب (APOC) إمكانية استخدام هذه المقاربة في إيصال تدخلات أخرى، وحققوا نجاحاً لا بأس به في إيصال علاج الملاريا وشبكات صد البعوض المعالجة بالمبيدات، والفيتامين أ (UNICEF et al. 2008). وكثير من البرامج الأخرى الصحية وغير الصحية تستفيد أيضاً من المتطوعين، وهكذا تتواجد الفرص المتاحة لمزيد من التنسيق حول التدريب، وتتابع الأنشطة، وانسجام الحوافز في عموم المبادرات.
جاء قانون الصحة العالمي الذي صدر في 2010 في الولايات المتحدة استجابة على إدراك أن النظم الصحية في كثير من الدول ذات الدخل المحدود قد أحبطت. فهو يتضمن مبادرة جديدة حول القوة العاملة في مجال الصحة في العالم لتدعيم مقاربة شاملة تلبي حاجات تلك القوة العاملة.
وهذه هي جزء من مبادرة صحية أوسع، التي تبشر بإحداث تحول جذري في النموذج التطويري في الولايات المتحدة، أكبر الدول المتبرعة، مع الانتقال المحتمل من مقاربة هادفة إلى مقاربة تسعى لتحسين جهود التعاون والتنسيق بين حكومات الولايات المتحدة ومتبرعين آخرين، وتساهم في إحداث نظم صحية مستديمة (U.S. Global Health Initiative 2010).
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]