انتشار الموجات الكهرومغنطيسيّة الجوّي
2013 تبسيط علم الإلكترونيات
ستان جيبيليسكو
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
يُمكن للتأيُّن في طبقات الغلاف الجوّي العلوي -والذي يُسبِّبه الإشعاع الشمسي – أن يُعيدَ بعض الموجات الكهرو مغنطيسيّة EM إلى الأرض عند تردّدات مُعيّنة.
يحدث التأيُّن في أربع طبقات مُتمايزة كما يلي:
1- توجد الطبقة د D على ارتفاع حوالي 50 كم (أي حوالي 30 ميل)؛ ولا توجد اعتياديّاً إلّا في الجانِب المُضيء النهاريّ من الكوكب. تمتصّ هذه الطبقةُ الموجاتِ الراديويةَ عند بعض التردّدات، ممّا يمنع الانتشار في الأيونوسفير لمسافات طويلة.
2- توجد الطبقةُ إي E – الواقعة على ارتفاع حوالي 80 كم (أي 50 ميل تقريباً) فوق سطح الأرض – بشكلٍ رئيسيّ خلال النهار أيضاً، بالرغم من ملاحظة تأيُّن ليلي في بعض الأحيان. يمكن للطبقة E أن تؤمِّنَ اتّصالاتٍ راديوية لمسافات متوسّطة عند بعض التردّدات.
3- تتشكّل الطبقة ف1 F1 الموجودة طبيعيّاً فقط في الجانب المضيء من الأرض على ارتفاع حوالي 200 كم أو 125 ميل. توفِّر الطبقةُ وسطاً للاتّصالات ذات المسافات الطويلة
4- تقع الطبقة ف2 F2 تقريباً على ارتفاع 300 كم أو 180 ميل فوق أغلب – أو مجمل- سطح الأرض. تُسهِّل هذه الطبقةُ – مثلُها في ذلك مثل الطبقة ف1 – الاتّصالاتِ لمسافات طويلة
إن الاتّصالَ عبر الانتشار في الطبقتَين ف1 وف2 ممكنٌ دوماً تقريباً بين أيّ نقطتَين على الأرض ضمن مجال تردّدي مُعيَّن بين 5 ميغا هرتز و30 ميغا هرتز.
يتغيّر هذا المجالُ باستمرار تبعاً لشروط الغلاف الجوّي، وللفعاليّة الشمسيّة، وللوقت خلال اليوم، ولمواضِع المحطّات المُرسِلة والمُستقبِلة. يُدعى التردّد الأخفض في هذا المجال بـالتردّد الأدنى القابل لاستعمال، بينما ندعو التردّد الأعلى في هذا المجال بـالتردّد الأعظمي القابل للاستعمال.
فكرة مفيدة: يتجاهل بعض المهندسين والمشتغلين الهواة بالراديو الفرقَ بين طبقتَي F1 وF2، فيتكلّمون عنهما معاً باسم الطبقة F.
– الانتشار في طبقة التربوسفير من الغلاف الجوّي
تقومُ الطبقات السفلى من الغلاف الجوي عند تردّدات أعلى من حوالي 30 ميغا هرتز بحَنْيِ الموجات الراديوية نحو سطح الأرض.
يحصل الانحناء التربوسفيري لأن انكسار الهواء بالنسبة للموجات الكهرو مغنطيسيّة EM يتناقص مع ازدياد الارتفاع.
يمكِّن هذا الأثرُ محطّتَين لاسلكيّتَين من المحافظة على اتّصالٍ مباشرٍ بينهما على مسافاتٍ تمتدّ لعدّة كيلومترات، حتى عندما لا تُعيد طبقةُ الأيونوسفير الموجاتِ إلى الأرض.
يُشكِّل النقلُ بواسطة مجارٍ نوعاً آخر من الانتشار عبر التربوسفير، ويحدث بشكل أقلّ من الانحناء التربوسفيري ولكنه يُنتِج آثاراً أكثر دراميّة. يحدث النقل بواسطة مجارٍ عندما "تُحجَز" الموجاتُ الكهرو مغنطيسيّة EM في طبقةٍ من الهواء الكثيف ومعتدل البرودة محصورةٍ بين طبقتَين من هواء أكثر سخونة. يحصل النقل بالمجاري -مثل الانحناء – تقريباً دوماً عند تردّدات أعلى من 30 ميغا هرتز.
هناك أيضاً نمطٌ آخر للانتشار عبر التربوسفير، ويُعرَف باسم المُبعثِر التربوسفيري (Troposcatter). تحدث هذه الظاهرة لأن جزيئات الهواء، وحُبيبات الغُبار، وقُطيرات الماء تُبعثِر بعضاً من الحقل الكهرو مغنطيسي EM -تماماً كما يُبعثِر الدخانُ أشعةَ الضوء-.
نلاحظ ظاهرةَ المُبعثِر التربوسفيري عند التردّدات نفسها التي نرى عندها الانحناءَ والنقلَ بالمجاري. تحدث البعثرةُ التربوسفيريّة دوماً – إلى حدّ ما – بغضّ النظر عن شروط الطقس، فهي توجد حتّى عندما يكون الهواءُ صافياً نقيّاً.
فكرة مفيدة: ندعو أحياناً الانتشارَ التربوسفيري في الحالة العامّة -دون ذكر نمطه الخاصّ – باسم التربو.
– الانتشار بالسطوع الشفقي – القطبيّ
يمكن لـ"الأضواء الشماليّة" (Aurora Borealis) أو لـ"الأضواء الجنوبيّة" (Aurora Australis) أن تُعيد الموجاتِ الراديويةَ إلى الأرض سامِحةً بما يُعرَف باسم الانتشار بالسطوع الشفقي – القطبيّ.
يحدث السطوع الشفقي عند ارتفاعاتٍ عن سطح البحر من 65 إلى 400 كم تقريباً (أي من 40 إلى 250 ميل) في المناطِق الدائريّة المحيطة بقطبَي الأرض المغنطيسيَّين.
يمكن للانتشار الشفقي أن يحدث بين أيّ نقطتَين على سطح الأرض يُرى منهما نفس الجزء من السطوع الشفقي على خطّ النظر. قلّما يحدث الانتشار بالسطوع الشفقي عندما تقع إحدى المحطّتَين المُرسِلة أو المُستقبِلة في المنطقة الاستوائيّة، أمّا الناس القاطنون قرب القطب الشمالي أو في المناطِق الأبعد جنوباً في أميركا الجنوبيّة وأستراليا فيشاهدون الظاهرةَ بشكلٍ مألوف.
يتسبّب الانتشارُ بالسطوع الشفقي باضمحلال سريع للإشارة، ممّا يجعل – تقريباً دوماً – إشاراتِ الفيديو والصوت التماثليّةَ غير واضحة. إن الأنماط َالرقميّة أكثرُ فعاليّةً نوعاً ما من التماثليّة من أجل تحقيق الاتّصالات عبر الانتشار بالسطوع الشفقي، ولكن الحامِلَ يكون غالباً ممتدّاً ليغطّيَ عدّةَ مئاتٍ من الهرتزات نتيجةً للترنيم الطوري العشوائي الذي تستحثه حركةُ السطوع الشفقي.
يحِدّ "أثرُ تلطيخ الطيف" بشكلٍ كبير من وتيرة نقل المعطيات الأعظميّة. يُرافِق الانتشارُ بالسطوع الشفقي عادةً الانتشارَ السيّئ النوعية عبر الأيونوسفير الناجِمَ عن هيجاناتٍ تحدث عند سطح الشمس تُدعى باسم الوهج الشمسي.
– الانتشار بواسطة الشهب المُبعثِرة
تُنتِج الشهُبُ وتجرجر وراءها ذيولاً مُؤيَّنةً تبقى لفتراتٍ زمنيّة تمتدّ من جزءٍ من الثانية ولغاية عدّة ثوان. تعتمد قيمةُ المدّةِ الزمنيةِ الدقيقةُ لذيلٍ خاصّ على حجم الشهاب المسؤول عن خلق الذيل، وعلى سرعته، وعلى الزاوية التي يدخل بها الغلافَ الجوّي.
نادراً ما يدوم ذيلٌ شهابيٌّ وحيدٌ فترةً كافيةً للسماح بإرسال معطيات كثيرة. مع ذلك، وعند حصول وابلٍ من الشهب، يمكن لعدّة ذيولٍ معاً أن تُنتِجَ تأييناً مستمرّاً تقريباً ولفترةٍ زمنيةٍ تدوم عدّة ساعات. يُخلَق هنا عددٌ كبيرٌ جداً من الذيول – وبفتراتٍ زمنيّة متقاربةٍ جداً – بحيث ينجم عنها نوعٌ من "طبقة أيونوسفيريّة اصطناعيّة".
يمكن للمناطق المُؤيَّنة من هذا النوع أن تعكسَ الموجات الراديوية عند تردّدات معيّنة. يدعو مهندسو الاتّصالات هذا الأثر بـ الانتشار بواسطة الشهب المُبعثِرة، أو أحياناً بـالمُبعثِر الشهابيّ للسهولة. يمكن لهذا الانتشار أن يحصل من أجل تردّدات أعلى بكثير من 30 ميغا هرتز، ولمسافات تصل إلى حوالي 2400 كم أو 1500 ميل.
فكرة مفيدة: يعتمد مجالُ الاتّصالات الأعظمي الذي يمكن الحصولُ عليه في نمط الشهاب-المُبعثِر على ارتفاع الذيل المُؤيَّن، وكذلك على الموضِع المكانيّ النسبيّ للذيل، وللمحطّتَين المُرسِلة والمُستقبِلة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]