بناء البلدات والمدن في الصحراء
2013 دليل الصحارى
السير باتريك مور
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
التاريخ علوم الأرض والجيولوجيا
عمل الناس بصورة بطيئة في بناء مستوطنات في الصحارى. وقد واجهت المجتمعات القديمة المشكلة الكبرى المتمثلة في العثور على امدادت مائية موثوقة من أجل الشرب والزراعة.
وفي بعض الأحيان، وبسبب العزلة الشديدة وصعوبة الوصول اليها، تم بناء المستوطنات الصحراوية على شكل مأوى للأشخاص الذين كانوا يُهجّرون من قبل الغزاة من مناطق أكثر خصوبة.
وفي وادي النيل وبلاد الرافدين والسهل الايراني ووادي الاندس الأسفل (Lower Indus Yalley) بدأ بناء المستوطنات قبل 6000 سنة. وقد اعتمدت مستوطنات مصر وبلاد الرافدين على أنظمة ري فعالة أفضت، اضافة الى التربة الخصبة، الى انتاج محاصيل ضخمة.
وبعد وقت قصير وفي مناطق مثل تلك الموجودة حول «ادفو» والأقصر على ضفاف نهر النيل تطورت ثقافة حضرية معقدة ومتقدمة. وازدهرت مدن اخرى في ظروف صحراوية في دلتا النيل وحولها. وتوسعت المدن الرائعة مثل «اور» وبابل في بلاد الرافدين، وموهنجو – دارو وهرابا في باكستان.
واستمرت الحياة الحضرية في مصر منذ ذلك الوقت، على الرغم من الغليان السياسي والاقتصادي العرضي. أما المستوطنات في بلاد الرافدين فقد تداعت بسبب ملوحة التربة، وذلك على الرغم من أن بغداد ودمشق ظلتا من المراكز السكانية المهمة طوال معظم فترات التاريخ.
واستخدم قدماء الفرس مياه النهر وأنظمة القنوات الجوفية من أجل دعم واسناد المدن الكبيرة في الصحراء.
وعلى سبيل المثال فقد تطورت امبراطوريات سيروس (Cyrus) وداريوس (Darius) في السهل الجاف من الصحراء الايرانية وفي مواقع مثل برساغارد وبيرسيبولس، وعلى الرغم من أن تلك المراكز تعرضت للتدمير في مابين 330 و 336 قبل الميلاد من جانب الغزاة اليونانيين والعرب، فإن الاسكندر الأكبر أقام محافظات (ولايات) في المناطق النائية ضمن الامبراطورية الفارسية وقد حافظت تلك الولايات على الشكل الحضري الايراني – اليوناني لقرون عديدة بعد موته.
وتعتبر «بلخ» (Balkh) في صحراء تركستان في آسيا الوسطى أحد الأمثلة على تلك الولايات. وبالمثل حمل الأباطرة المغول في الهند أشكال الثقافة الحضرية الفارسية الى المناطق الصحراوية من الهند، وخاصة الى صحراء «ثار» (Thar) في الشمال الغربي.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]