تأثير مرض الملاريا على الإمبراطورية الرومانية
1995 أمراض لها تاريخ
حسن فريد أبو غزالة
KFAS
الإمبراطورية الرومانية مرض الملاريا التاريخ المخطوطات والكتب النادرة
لا شك أن قيام الامبراطورية الرومانية، وما بعدها من ممالك، كان قد تاخر على الأقل توقيتها. وبالتالي تغيرت الوجوه التي يسجل التاريخ اليوم أخبارها وحكاياتها… إنه أمر في علم الله .
ثم شاء الله أن تقوم إمبراطورية روما، التي لم تستثنها الحمى من ضرباتها الموجهة، والتي لا يعرف الناس لها سبباً في ذلك الزمان، لدرجة أنهم آمنوا بأن هناك آلهة متخصصة في أمر هذه الحمى، كما كان للحرب آلهة عندهم، وللجمال آلهة، وهكذا كان أن أطلقوا عليها: اسم "فيفوس" بوصفها هي التي تصيب، وهي التي تشفي على هواها، ومن اسم "فيفوس" هذا نجد في قواميس اللغة الأعجمية اسم "فيفر" fever تحمل معنى الحمى.
وكعادتهم مع كل آلهة في تقديم فروض الطاعة والولاء لها والقرابين في هيكلها خوفا من غضبها وطلباً لرضاها، كان عليهم تقديم مثل تلك الطقوس لآلهة هذا المرض، غير أن هذا كله لم يمنع الحمى أن تعمل بمعول الهدم في إمبراطورية روما.
فكانت الملاريا أحد عوامل انهيارها وزوالها جنباً إلى جنب مع عوامل أخرى عديدة، بعد أن أضعفت الجند، وأهلكت المواطنين الأبرياء، فتلاحقت الهزائم، وعم الفقر والدمار بين الناس لم تعد الامبراطورية أناساً أذكياء.
حاولوا تدبر الأمر، وإيجاد الحلول في نطاق فهمهم لمدلول الحمى وأسبابها، إذ كانت قناعة أطبائهم في ذلك الزمان هي أن المستنقعات تطلق روائح عفنة سموها "الميازما". كانت هي السر عندهم في إصابة الناس بالحمى التي سموها بحمى المستنقعات.
كانت قناعة الرومان بان هواء المستنقعات الفاسد هذا هو سر البلية الذي كانت تسخره الآلهة فيفوس، ولهذا قام اباطرتهم بتصريف مياه المستنقعات، وفتح قنوات لها، أو ربما تجفيفها خلاصاً من حمى المستنقعات هذه.
والتاريخ يسجل فيما يسجل من أحداث القرن الخامس قبل الميلاد، حكاية "امبيروكل" الذي حكم مدينة "سيلينيوس" المشهورة في صقلية، حين قام بتصريف مياه المستنقعات من حولها بواسطة قناتين لتصريف المياه، عمد بعدها إلى استحداث فجوة في الصخر خلف المدينة، طلباً للريح الطيبة التي تدفع بالأبخرة السامة الجالبة للحمى نحو البحر!!.
وذكرى لهذا العمل المجيد، فقد صكت نقود خاصة لا زالت تحتفظ بها بعض المتاحف حتى يومنا هذا، كما أقيمت النصب والأعمدة التذكارية تخليداً لهذه الخطوة الصحية الجبارة واحتفالاً بها.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]