علم الفلك

تعريف بالنجوم

2013 أطلس الكون

مور ، السير باتريك مور

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

علم الفلك

تعريف بالنجوم

كم هو عدد النجوم التي يمكنك رؤيتها بالعين المجردة في ليلة مظلمة صافية؟ يعتقد البعض أنها قد تصل إلى الملايين، ولكن هذا الاعتقاد خاطئ. هناك حوالي 5800 نجما ضمن مجال الرؤية بالعين المجردة، وعند أية لحظة لا يعلو أكثر من نصف هذه النجوم عن مستوى الأفق، بالإضافة إلى أن النجوم الخافتة المنخفضة في الأغلب لن تُشاهد. هذا يعني أنك لو تمكنت من رؤية مجموع 2500 نجم فأنت تبلي بلاء حسنا.

وقد قسم القدماء النجوم إلى مجموعات من الكوكبات وقاموا بتسميتها بطرق متعددة، فللمصريين طريقة وللصينيين طريقة وهكذا، والكوكبات التي نستخدمها اليوم هي في الأصل لليونانيين (مع أن الأسماء لاتينية) ولو أننا استخدما إحدى الأنظمة الأخرى لاختلفت خرائط السماء كثيرا مع أن النجوم كانت ستبقى كما هي. في الواقع، ليس لترتيبات الأبراج أي أهمية لأن النجوم تقع على مسافات متباعدة منا والذي نراه هو مجرد ناتج عن تأثير خط الرؤية.

وضع بطليموس، وهو آخر الفلكيين العظماء من العصر الكلاسيكي، قائمة ضمت 48 كوكبة جميعها تُستخدم حتى يومنا هذا على الخرائط الحديثة مع أنه قد أجريت تعديلات في بعض الحالات. سميت بعض المجموعات بأسماء كائنات خرافية مثل كوكبة الجبار

(أصلها أوريون) و كوكبة حامل رأس الغول (أصلها برشاوس)، وبعضها بأسماء الحيوانات أو الطيور مثل كوكبة الدجاجة (أصلها سيجنوس) والدب الأكبر (أصلها أورسا ميجور) وبعضها بأسماء جمادات مثل كوكبة المثلث (أصلها تريانجولم). وقد أضيفت بعض الكوكبات منذ ذلك الوقت، وبالتحديد تلك التي في أسفل جنوب السماء وهي التي لم تعل أبدا فوق خط الأفق في مصر، حيث يبدو أن بطلميوس قضى حياته.

وبعض الكوكبات تبدو وكأنها حديثة التسمية، مثل كوكبة المقراب من أصل تيليسكوب و كوكبة الثمن أصلها أوكتانوس. قام عدة فلكيين في القرن السابع عشر بجمع فهارس للنجوم عادة عن طريق أخذ نجوم من المجموعات القديمة. صمدت بعض هذه الإضافات حتى الآن، ولكن لحسن حظنا تم حذف البعض، فخرائطنا لم تعد تحتوي على كوكبة المنطاد (جلوبوس أريستاتيكوس) وكوكبة المطبعة (أوفيسينا تيبوجرافيكا) وكوكبة صولجان براندنبرغ سيبتروم براندنبرغيكوم). والمعترف بها اليوم هي 88 كوكبة، متفاوتة في الحجم والأهمية والبعض منها مخفي لدرجة أنه من الصعب وصفها بأنها كيان منفصل، وعلينا أن نلتمس العذر لسير جون هيرشل الذي قال في مرة أنه يبدو أن الكوكبات رتبت هكذا عمدا لإثارة أقصى درجة من الإزعاج والارتباك.

للنجوم فائقة السطوع مثل الشعرى اليمانية و سهيل و منكب الجوزاء و رجل الجبار أسمائها الخاصة ومعظمها باللغة العربية ولكن في بعض الحالات يستخدم نظام آخر. في عام 1603 وضع هاوي الفلك الألماني يوهان باير (Johann Bayer) فهرس نجوم قام فيه بتسمية كل نجوم الكوكبات بأحرف من الأبجدية اليونانية ابتداءا من ألفا

(α) لأشدها سطوعا وانتهاءا ب أوميجا (ω). أثبتت هذه الطريقة فاعليتها ولازالت أحرف باير تستخدم حتى اليوم مع عدم التقيد بالترتيب الأبجدي الصحيح في حالات كثيرة، فمثلا في كوكبة الرامي (ساجيتاريوس) أسطع النجوم هو إبسلون (ε) و سيجما (σ) و زيتا (ζ) في حين أن ألفا α بيتا β الرامي تأتي في ترتيب متأخر. وفي وقت لاحق من القرن، حدد أول عالم فلكي ملكي جون فلامستيد (John Flamsteed) أرقاما للنجوم ما زالت تستخدم حتى الآن، وبناءا عل ذلك، نجد في كوكبة الكلب الأكبر (كانيس ماجوريس) نجم α الكلب الأكبر بالإضافة إلى 19 الكلب الأكبر.

تنقسم النجوم إلى فئات أو أقدار على حسب سطوعها الظاهر. يعمل هذا النظام بطريقة مماثلة لتقييم لاعبي الغولف، فاللاعب اللامع يكون تقديره منخفض، ولهذا فالنجم من القدر 1 أكثر سطوعا من القدر 2، وقدر 2 أسطع من قدر 3 وهكذا. تأخذ أشد النجوم خفوتا والتي ترى بالعين المجردة قيمة 6 مع الأخذ في الاعتبار أن المقاريب الحديثة باستخدام الأجهزة الإلكترونية بإمكانها النزول إلى قدر 30 على الأقل. أما على الطرف الآخر للمقياس، نجد نجوما قليلة بقدر يساوي الصفر أو له قيم سالبة: الشعرى اليمانية قدره 1.46- والشمس على نفس المقياس قدرها 26.8-. والمقياس لوغاريتمي بما معناه أن نجما بقدر يساوي 1.0 أسطع من نجم بقدر يساوي 6.0 بمائة ضعف بالضبط.

لاحظ أن القدر الظاهري للنجم ليس له علاقة مباشرة مع سطوعه الحقيقي، فالنجم يبدو ساطعا لأنه قريب جدا على المقياس الكوني، أو لأنه كبير جدا شديد السطوع فيكون سطوعه حقيقيا، أو نتيجة للجمع بين السببين. أشد نجمين سطوعا هما الشعرى اليمانية بقدر 1.46- و سهيل بقدر 0.73- ، وهذا يعني أن الشعرى اليمانية أكثر سطوعا بمقدار نصف قدر، ولكن الشعرى اليمانية أسطع من الشمس ب26 ضعف، في حين أن سطوع نجم سهيل الأبعد مسافة يضاهي سطوع الشمس ب 15,000 ضعف. فالمظاهر أحيانا تكون خداعة.

وهناك حالة واحدة شاذة، فالمتعارف عليه هو أن وصف أكثر 21 نجما سطوعا هم من القدر الأول، ابتداءا من الشعرى اليمانية وانتهاءا بالملك الصغير (ألفا الأسد) وقدره 1.35، وبعده يأتي نجم عذارى

(إبسلون الكلب الأكبر) ومع أن قدره يساوي 1.5 فهو ليس عضوا في مجموعة نخبة النجوم.

ليست النجوم مُثبَّتة في مواقعها في الفضاء، إذ تتحرك في جميع الاتجاهات بكل السرعات ولكن حركتها الذاتية أو الحقيقية بسيطة جدا لأنها بعيدة جدا، وينتج عن هذا عدم حدوث تغيير ملحوظ في ترتيب الكوكبات عبر الأزمنة فيظل شكلها تقريبا كما كان في عهد يوليوس قيصر أو حتى في عصر بناء الأهرامات. تتحرك فقط أعضاء المنظومة الشمسية الأقرب لنا من كوكبة إلى أخرى، حيث أن أقرب نجم لنا من بعد الشمس تقع على بعد 4.2 سنة ضوئية- والسنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها شعاع من الضوء خلال سنة واحدة وهي أكثر من 9.5 مليون مليون كيلومتر (نحو 6 مليون مليون ميل).

ولهذا السبب طبعا تبدو النجوم صغيرة وخافتة نسبيا، فالمقراب العادي لن يظهر النجم إلا كنقطة مضيئة، ومع هذا فإن بعض النجوم ضخمة مثل منكب الجوزاء (ألفا الجبار) إذ يمكنه احتواء كل مدار كوكب المريخ حول الشمس. والنجوم الأخرى أصغر كثيرا من الشمس أو حتى الأرض ولكن الفرق في الكتلة ليس كبيرا كما هو المتوقع وذلك لأن النجوم الصغيرة أكثر كثافة من النجوم الكبيرة، وهو تماما مثل موازنة قطعة من المرنغ الهشة مقابل كُريَّة رصاصية.

هناك نطاق واسع لمقاييس السطوع، ونحن نعرف عن نجوما تفوق الشمس قوة بأكثر من مليون ضعف في حين نجد نجوما أخرى لا تتعدى قوتها جزءا بسيطا من قوة الشمس. وتختلف الألوان أيضا، فشمسنا صفراء في حين تميل ألوان النجوم الأخرى إلى الأزرق والأبيض والبرتقالي والأحمر، وترجع هذه الاختلافات إلى اختلافات حقيقية في درجات الحرارة السطحية. تصل درجة حرارة أشد النجوم حرارة إلى 80,000 درجة سيليزية وأقلها حرارة تكون خافتة لدرجة أنها لا تكاد تسطع إطلاقا.

والكثير من النجوم مفردة، مثل الشمس، والبعض الآخر إما تكون ثنائية أو تكون عضوا في منظومة متعددة. نجد نجوما تتفاوت في الإضاءة، وحشودا نجمية، وسحابات هائلة من الغبار والغاز تسمى بالسدم. ومنظومتنا النجمية، أو مجرتنا، تحوي نحو 200,000 مليون نجم ومن ورائها نجد مجرات أخرى نائية إذ يستغرق ضوئها ملايين أو مئات الملايين أو حتى آلاف الملايين من السنوات ليصل إلينا. وأنت حين تنظر إلى هذه االمنظومات النائية اليوم، فإنك تراها كما كانت عليه عندما كان الكون يافعا- قبل فترة طويلة من وجود كوكب الأرض أو حتى الشمس.

والشمس هي نجم عادي ترافقه مجموعة من الكواكب، وللنجوم الأخرى منظوماتها الكوكبية الخاصة بها، وتم تحديد مواقع أكثر من 200 ’كوكب غير شمسي’ حتى عام 2007 مع أنها لم تُشاهد مباشرة، فالكوكب ليس مصدرا للضوء ويغمره الضوء الصادر من نجمه الأب تماما مثلما يصعب رؤية ضوء المصباح اليدوي الصغير لو كان قريبا من ضوء كشاف. ولحسن الحظ هناك طرق لتفادي هذه المشكلة، فعندما يمر كوكب ضخم حول نجم عادي يجعل النجم يترنح قليلا مما يُمَكنُنا من قياس هذا الانزياح البسيط، وأيضا عند مرور كوكب كبير أمام النجم فإنه يحجب بعض ضوئه فيقل سطوع النجم قليلا حتى يعبر الكوكب. والمشكلة هي أن معظم الكواكب التي اكتشفت حتى الآن هي عمالقة غازية وهي أشبه بالمشتري منها للأرض وتسمى عادة ’كواكب المشتري الساخنة’، ولابد من وجود كواكب مثل أرضنا ونأمل أن نكتشفها في المستقبل القريب.

هل توجد ’كواكب أرض’ أخرى؟ ماذا عن كائنات حية أخرى- وعلماء فضاء آخرين؟ لا يوجد ما يمنع وجودها إطلاقا. حقا، هي فكرة منبهة تبعث على التأمل.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى