تفسيرات نتائج “عدم وجود فروق بين أداء الأطفال الكويتيين نتيجة اختلاف المستوى”
1995 مستويات النمو العقلي
الدكتور محمد مصيلحي الأنصاري
KFAS
تفسيرات نتائج عدم وجود فروق بين أداء الأطفال الكويتيين نتيجة اختلاف المستوى العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
ولتفسير النتائج الخاصة بالفرض الرئيسي الثاني وما تبعه من فروض فرعية ثلاثة ، ينبغي الإشارة بداية إلى أن هذه النتائج تتفق تماماً مع ما انتهى إليه بياجيه عند طرحه لمفهوم مراحل النمو العقلي العرفي.
حيث حدد أربع خصائص أو محكات يمكن الاعتماد عليها في التمييز بين مرحلة وأخرى ، أو بين الفترات الفرعية داخل المرحلة الواحدة وهذه الخصائص أو المحكات تتمثل في ثبات نظام تتابع المراحل ، التكامل بين المراحل ، التكامل داخل المرحلة الواحدة ثم وجود فترة للتحضير والإنجاز في كل مرحلة .
وفيما يتصل بالفرض الرئيسي الثاني وفروضه الفرعية الثلاثة فإن من الجدير بالذكر أننا لسنا بصدد التكامل بين المراحل ، كما أننا لسنا بصدد تتابع هذه المراحل ، بل غن ما يهمنا هو التكامل داخل المرحلة وما تبدأ به من تحضير وما تنتهي إليه من إنجاز.
وفي هذا الصدد يزعم بياجيه ان مختلف البنى المعرفية التي تحدد خصائص مرحلة لا بد أن تتسق في كل موحد Structure D’en-semble، وأن تصل إلى توازن نسبي يكشف بصورة متميزة عن درجة عالية من الترابط (كرم الدين ، 1976: 30) ، أما بخصوص فترتي التحضير والإنجاز أو الإعداد والاكتمال في كل مرحلة.
فإن بياجيه يشير إلى ذلك بالقول بأن أي مرحلة جديدة لا يتجسد تفتحها الكامل في لحظة ما محددة من الزمن ، بل إن هناك تتابعات من تحسينات تراكمية ، في البنى المعرفية لتتضمن مدى أوسع من المعلومات والمواقف ، والعلامة الرئيسية المميزة للفترة التحضيرية في أي مرحلة هي إن خصائص المحتوى المعرفي في هذه المرحلة تكون غير مستقرة.
إذ يجعلها سلوك الأطفال تبدو كما لو كان الأطفال أحيانا داخل هذه المرحلة واحيانا اخرى خارجها ، لكن عندما تختفي تدريجياً هذه السلوكيات غير المستقرة من خصائص المحتوى المعرفي عندئذ يقول بياجيه غن الطفل قد انتقل إلى فترة الانجاز ، وهذا الانتقال من فترة التحضير إلى فترة الإنجاز في كل مرحلة تجعل عملية النمو العقلي المعرفي ليست متجانسة في جميع نقاطها من وجهة نظر التنظيم المعرفي (Tanner & Inhelder, 1971, P. 75).
وعندما تعرض بياجيه للجدل الدائر حول سرعة تغير السلوك كوظيفة للعمر . حاول أن يباعد بين هذا الجدول وبين التمييز بني مرحلتي التحضير والإنجاز، وليقرر أن الفترة التحضيرية تسمح بسرعة تغير السلوك كما تسمح في نفس الوقت للبنى المعرفية للمرحلة الجديدة (Beilin, 1971) .
في هذا الإطار وبالنظر إلى ما كشفت عنه فروق متوسطات أداء الأطفال في عمر الثالثة بين الاطفال في عمر الثالثة من بين الأطفال الذين لم يلتحقوا بالروضة او أطفال المستوى الأول الملتحقين بالروضة وبمقارنتها مع فروق متوسطات أداء الأطفال في المستويين التاليين وهو ما تناولته في الفرضين الفرعيين الأول والثاني.
يمكن القول إن طفل الثالثة ما زال في الفترة التحضيرية لمرحلة ما قبل العمليات ، وتلك الفترة التي تتسم بعدم الاستقرار وعدم التجانس في المكتسبات الأخرى ، وفي نفس الوقت كانت نتائج الملتحقين بالروضة أفضل بسبب ما سبق أن أوضحناه من كون الروضة تصلح لأن تكون بيئة تربوية مستثيرة تساعد على تنشيط عملية النمو العقلي المعرفي في مختلف مجالاتها.
ومما تجدر الإشارة إليه تلك المناقشات المطولة التي دارت حول أحد المظاهر التي اختلف حول تقييمها كثير من الباحثين فيما يتعلق بمفهوم المراحل عند بياجيه .
ويتمثل ذلك في فكرة الفارق الأفقي والفارق الرأسي ، وتشير هذه الفكرة ببساطة إلى تواجد فارق زمني داخل المرحلة الواحدة بين ظهور أحد المحتويات المعرفية وغيرها من المحتويات المعرفية الأخرى ، فقد يظهر أحدها مبكراً عن الآخر وبعد فترة زمنية معينة.
قد نجد العكس (غنيم 1974: 146)، وهذه الفكرة قد تساعد على تفسير لماذا يختلف أداء أطفال في أحد المستويات وفي إحدى العمليات العقلية المعرفية عن أدائهم في باقي العمليات العقلية المعرفية ، خاصة وأن بياجيه أكد مراراً على الارتباط في العمليات العقلية المعرفية القائمة على مفهوم العدد مثلا وما يسبقها من العمليات العقلية المعرفية القائمة على مفهوم التصنيف ومفهوم التسلسل ، كما أكد على الارتباط بين العمليات الخاصة بالفراغ (المكان) وعمليات الزمن .
وبالإضافة إلى هذا التفسير ، فإن الباحث يرى أن تعليق فلافل على منتقدي مفهوم المراحل عند بياجيه (Flavell, 1963, PP. 23-25) يضمن تفسيراً مقبولا لما نحن بصدده حول ما ظهر من فروق بين المستويات أو الأعمال الثلاثة وبين أداء الأطفال الملتحقين بالروضة وغير الملتحقين بها في مختلف العمليات العقلية المعرفية محل الدراسة في هذا البحث ، إذ أن فلافل يذكر ما يلي :
– لم يكن تحديد المراحل النمائية هدفا في حد ذاته عند بياجيه ، ولكنه في حقيقة الأمر كان محاولة لاكتشاف التغيرات الكيفية المميزة لتفكير الطفل ، والفرق بينه وبين من هم أكبر منه .
– يرى بياجيه أن تحديد مراحل النمو ما هي إلا عملية تجريد واستخلاص للفروق الظاهرة في سلسلة شاملة من التغير .
– يسلم بياجيه بأن عملية النمو العقلي المعرفي متصلة ومستمرة ومتدرجة ، وفي نفس الوقت فهي تنتظم في تتابع يمكن الكشف عنه من مرحلة اخرى ، كما يمكن بيان الفترات الانتقالية داخل كل مرحلة وأخرى تالية لها .
– يسمح مفهوم المراحل كما عرضه بياجيه بقدر محسوب من التداخل بين المراحل وداخلها في نفس الوقت مع التأكيد على أن الأعمار الخاصة ببداية ونهاية كل منها إنما تتأثر بالظروف البيئية الطبيعية والاجتماعية .
هذا التعليق حول مفهوم المراحل عند بياجيه ، وما ارتبط به من شروح وتفسيرات خاصة من طرق (Wohlwill, 1973; Fischer & Bullock, 1981; Broughton, 1981; Flavell, 1982) وأخيراً (Fischer & Slivren) يسمح لنا بالقول بأن داخل المرحلة الواحدة هناك فترات انتقالية.
وأن بين هذه الفترات الانتقالية قد يكون هناك تداخل وفوارق زمنية ، وأن ذلك يرتبط بالظروف البيئية الطبيعية والاجتماعية ، ويدخل ضمنها بطبيعة الحال ما يعايشه الطفل من أنماط الخبرات المتعددة والمتنوعة سواء داخل الروضة أو خارجها .
يضاف إلى ذلك ما أسفرت عنه دراسة (Kalyan, 1986) الطولية ، التي استمرت ثلاثة سنوات لتقييم التغيرات المعرفية لدى الأطفال القرويين ، خاصة في عمر يتراوح بين الثالثة والخامسة ، وللتحقق من الصدق التكويني لبطاقة الاختبارات المعرفية المعرفوة باسم (New C A B) .
حيث كشفت نتائج هذه الدراسة عن أن متوسط المجموعات التي أجريت عليها عبر السنوات الثلاث قد تزايدت بدلالة واضحة ، وجاءت متفقة مع تحديد بياجيه لخصائص هذه المرحلة . والأهم من ذلك أن هذه الدراسة قد بينت أن البيئة الريفية قد ظهرت كبيئة مساعدة على إحداث النمو العقلي المعرفي ، خاصة في بعض العمليات ومن بينها تلك العمليات المتعلقة بمفهوم العدد.
الامر الذي يسمح لنا بالقول بأن عدم وجود فروق دالة إحصائيا بين متوسطات أداء الأطفال الكويتيين الملتحقين بالروضة وغير الملتحقين بها في المستويين الثاني والثالث أو عمر الرابعة والخامسة في مجالي العدد والزمن قد يجرع إلى أن الأطفال من خارج الروضة وجدوا في بيئاتهم المنزلية ما يعوضهم عن الأنشطة التربوية المقدمة في الروضة في هذا الخصوص.
في حين أن باقي العمليات العقلية المعرفية لم تجد مثل هذا التعويض ، أو أن بيئة الروضة لم تقدم جددياً من شأنه أن يسهم في تنمية وتطير أداء الأطفال الملتحقين بالروضة بحيث يتميز عن أداء أقرانهم غير الملتحقين بها في هذين المجالين على وجه الخصوص .
وفي محاولة لتفسير ما أظهرته النتائج من عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات أداء اطفال المستويين الثاني والثالث بالروضة أو عمر الرابعة والخامسة لغير الملتحقين بالروضة في مجالي العدد والزمن.
وجد الباحث أن (Hyde, 1970) قد أشارت إلى نقطتين مهمتين ، تتمثل أولاهما في أن عددا من الاطفال الذين حققوا المستوى الأول (أ) في بعض الاختبارات لم يحققوا إلى المستوى (جــ) في مجموعة أخرى من الاختبارات ، وتشير الباحثة في تفسيرها لذلك إلى أن بياجيه كثيرا ما أوضح أنه لم يرتب اختبارته حسب درجة صعوبتها بل حسب نوع وطبيعة العمليات المتضمنة فيها.
بحيث توفر ما يدل على حدوث تقدم منتظم يعبر عن فهم الطفل لشيء ما جديد معتمدا على ما لديه من مفاهيم سابقة ، ورغم أن الباحث قد بذل أقصى الجهد وتأكد من خلال معاملات الصدق المتاحة ، من ترتيب الاسئلة حسب درجة سهولتها وصعوبتها ، إلا أنه ليس هناك ما يمنع من وجود تاثير لطبيعة المهام البياجيه على أداة البحث التي أعدها الباحث ، مما يسمح بعدم وجود درجة كافية من التمييز بين المستويين الثاني والثالث أو عمر الرابعة والخامسة .
كما أشارت هايد أيضا (Hyde, 1970, P. 203) في تفسيرها لنتائجها إلى تنامي الاعتقاد بين كثير من الباحثين بأن العلاقة بني العمر العقلي والنجاح في الاختبارات ذات التوجه البياجي أقوى من العلاقة بين العمر الزمني والنجاح في تلك الاختبارات ، كما يؤكد بياجيه نفسه على وجود تناسب طردي بين تكوين المفاهيم وتطوير الذكاء.
وعلى هذا الأساس فقد نجد أن مثل هذه الاختبارات أكثر حساسية للتمييز بين من يختلفون في العمر العقلي أكثر من تمييزها لمن يختلفون في العمر الزمني ، ولعل ما يؤكد هذا التفسير أن من يراجع الخبرات التقليدية والمتكاملة في المستويين الثاني والثالث قد لا يجد فيها من الاختلاف ما يساعد على إبراز مثل هذه الفروق بين أداء أطفال المستويين.
إن من يراجع الخبرات التقليدية والمتكاملة في المستويين الثاني والثالث قد لا يجد فيها من الاختلاف ما يساعد على إبراز مثل هذه الفروق بين أداء أطفال المستويين ، إن من يراجع الخبرات التقليدية والمتكاملة في المستويين الثاني والثالث قد لا يجد فيها من الاختلاف ما يساعد على إبراز مثل هذه الفروق بين أداء أطفال المستويين في مجالي العدد والزمن على وجه الخصوص ، وهذا ما أكدت عليه نتائج (Brown & Murphy, 1975) أيضا .
في دراسة (Bell, 1983) اتضح أن هناك تفاعلا بين متغير العمر ومتغير نوع السؤال مما دفع الباحث للقول بأهمية تدريب من يتعاملون مع أطفال فيما بين الثالثة والسادسة على الانتباه إلى حدود النمو حسبما قال به بياجيه وما تسمح به من الأسئلة باعتبار أن السؤال المناسب ، يعد أحد مفاتيح التعامل مع الأطفال.
وقد أيدت هذه النتائج ، ما كشفت عنه دراسة (Blevins – Knabe, 1987) حيث أوضحت هذه الدراسة أنه قد لا يوجد عامل واحد يمكن معه القول باستقلالية التأثير على عملية عقلية معرفية معينة.
فالعمر يتفاعل مع الخبرة مع عدد المتطلبات مع إجراءات التقديم مع طريقة توجيه السؤال ، مما يجعل الجزم بعدم وجود فروق راجعة إلى متغير العمر أو المستوى في مجال محدد أمرا لا يستطيعه الباحث .
وبالإضافة إلى هذا التفسير ، هناك تفسير آخر ، خاص بأداء الأطفال افراد عينة البحث فيما يتصل بمفهوم الزمن ، وهو تفسير نابع من نتائج أكدتها أكثر من دراسة ، يأتي في مقدمتها (Seigler & Richards 1979; Acredolo & Schmid 1981; Bentley, 1987) حيث أكدت هذه الدراسات أن المفاهيم الثلاثة المتضمنة في مفهوم الزمن وهي مفهوم السرعة ومفهوم المسافة ومفهوم الزمن تتضح في أعمار مختلفة.
وأن مفهوم السرعة يسبق مفهوم المسافة الذي يسبق مفهوم الزمن ، وهذا ما يتعارض مع بياجيه ، ومع ذكل فقد اتفقت هذه النتائج معه من حث ما يظهر من تردد على الطفل فيما يصدره من أحكام حول المفاهيم الثلاثة في المرحلة الانتقالية ، الأمر الذي يؤكد أن هذه الفترة تتسم بعدم الاستقرار في المفاهيم الثلاثة.
ولعل ذلك كان من بين الأسباب التي أدت إلى عدم ظهور فروق ذات دلالة غحصائية بين متوسطات أداء الأطفال في المستويين الثاني والثالث او العمر بين الرابع والخامس من الأطفال الذين تشكلت منهم عينة البحث الحإلي.
أما (O, Conell, 19850 فقد أشارت نتائج إشارته إلى أن الأطفال في عمر الثالثة يمكنهم استخدام بعض المبادئ ولو بشكل مؤقت للتنظيم المعرفي ، كما أشارت ايضاً إلى وجود آفاق نمائية مبكرة كأصل لقدرات الأطفال على وضع الأشياء في ترتيب زمني معين.
وقد تبدو النتائج مخالفة لما ذهب إليه بياجيه ، خصوصا فيما يتعلق بالتحديد العمري لمرحلة ما قبل العمليات ، إلا أنها تؤكد نفس فكرة عدم الثبات التي أشار إليها مرارا في هذه المرحلة ، والتي يمكن للباحث أن يفسر في إطارها عدم وجود فروق دالة إحصائيا بين المستويين المشار إليهما في مجال الزمن بل وكذلك العدد .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]