تفسير ظاهرة “لا يوجد أثر للتفاعل بين متغيري نمط الخبرة والمستوى على أداء الأطفال”
1995 مستويات النمو العقلي
الدكتور محمد مصيلحي الأنصاري
KFAS
تفسير ظاهرة لا يوجد أثر للتفاعل بين متغيري نمط الخبرة والمستوى على أداء الأطفال العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
ولتفسير قبول الفرض الرئيسي الثالث يجب التوقف قليلا عند مفهوم التفاعل ، حيث يقال إن هناك تفاعلا بين متغيرين حين يؤثر كل منهما في الآخر وينشأ عن ذلك اعتماد أحدهما على الآخر ، في بحثنا الحالي يمكن أن يحدث هذا التفاعل حين يعتمد تاثير متغير نمط الخبرة أو أحد مستوياته (بدون روضة – روضة تقليدية – روضة متكاملة) على تاثير متغير المستوى أو أحد مستوياته (المستوى الأول – المستوى الثاني – المستوى الثالث).
ومعنى ذلك أن التفاعل بين المتغيرين المستقلين في هذا البحث هو تأثيرهما المشترك بالمستويات الثلاثة لكل منهما على كل من المتغيرات التابعة المتمثلة في التصنيف ، التسلسل ، العدد ، الفراغ ، الزمن ، ومجموعهما الكلي.
وهذا ما أمكن التوصل إليه من خلال مقارنة الفروق بين متوسطات المجموعات الفرعية لعينة البحث وفقاً لمتغيريه المستقلين وبمستوياتهما الثلاثة ، حيث أمكن قبول الفرض الرئيسي الثالث .
وهذا يعني أن التأثيرات الرئيسية للمتغيرين المستقلين تعطينا في حد ذاتها تفسيرا كافيا لما تم التوصل إليه من نتائج في هذا البحث .
غير أنه بالرغم من حجية هذا التفسير الإحصائي ، والقائل بأنه طالما لا يوجد اثر للتفاعل فإنه لا يوجد ما يمكن تفسيره إلا في حدود ما سبق تقديمه من تفسير في ضوء التأثيرات الرئيسية الناتجة عن المتغيرين المستقلين في هذا البحث.
إلا ان الباحث رأى أهمية تناول العلاقة بين المستويات الثلاثة للنمو العقلي المعرفي لطفل الروضة ، وما يقدم إليه من خبرات سواء كانت قليدية أو متكاملة ، إذ أن هذه العلاقة قد تلقي مزيداً من الضوء على النتيجة التي تم التوصل إليها والتي أمكن بمقتضاها قبول الفرض الرئيسي الثالث.
ويمكن تناول هذه العلاقة بالعودة مرة أخرى إلى مفهوم المراحل عند بياجيه ، بخاصة الفترات الانتقالية داخل المرحلة الواحدة ، والعودة إلى محتوى كل من العمليات العقلية المعرفية التي تمثل المتغيرات التابعة في هذا البحث ، وذلك كمحاولة للإجابة عن سؤال يتصل مباشرة بالفرض الرئيسي الثالث في هذا البحث ، وهو هل أمكن تنظيم محتوى الخبرات ، تقليدية كانت أم متكاملة ، بحيث يأتي متفقاً مع ما يصل إليه الطفل من مستويات النمو العقلي المعرفي أولا بأول أم لا ؟
لقد تناول بياجيه مفهوم المراحل من خلال رؤيته وملاحظاته لمدى تعقد وتشابك مظاهر النمو العقلي المعرفي بتزايد سنوات العمر ، وحيث طرح هذا المفهوم ليحمل معنيين وليس معنى واحدا كما يعتقد الكثيرون ، المعنى الأول وهو المتعارف عليه نجده في مفهوم المراحل الذي يشير إلى مراحل النمو العقلي المعرفي كما يجتازها الفرد عبر سنوات عمره من الذكاء الحس حركي إلى ما قبل العمليات إلى العمليات المحسوسة ثم العمليات الشكلية .
ولكل من هذه المراحل بداية وهاية ولها فترة تحضير وفترة إنجاز ، وتتأثر البداية والنهاية والتحضير والإنجاز في كل مرحلة بالعديد من العوامل المؤثرة فيها والتي سبق التعرض لها تفصيلا في الإطار النظري لهذا البحث .
المعنى الثاني لمفهوم المراحل عند بياجيه وهو الاقل تداولا رغم أهميته هو المراحل الخاصة بكل عملية عقلية معرفية على حده ، إذ أوضح بياجيه أن كل عملية عقلية معرفية يكتسبها الطفل تمر في ثلاث مراحل ، كل مرحلة فيها تشير إلى مستوى من الفهم ينعكس على الأداء عند تعرض الطفل لمفهوم يكون بصدد اكتسابه.
هذه المراحل الثلاث متدرجة تبدأ اولاها وليس لدى الطفل مستوى معين من الفهم للعملية العقلية المعرفية ، وتتمثل ثانيتهما في الأداء المختلط الذي ينم عن فهم جزئي لقاعدة أو مبدأ يمكن إتباعه عند التعرض لموقف يتطلب سلوكا قائما على هذه العملية ، اما ثالثة هذه المراحل فيكتمل فيها الفهم ويستقر الأداء بحيث يمكن القول أن الطفل قد اكتسب عملية معينة وخاصة في ضوء المعايير المنشودة التي وضعها بياجيه لكل من هذه العمليات .
هذا الاستخدام المزدوج لمفهوم المراحل عند بياجيه ، يمكننا من أن نلقي نظرة على العمليات العقلية المعرفية التي يدور البحث الحالي حولها ، ليس على أن كل عملية منها تظره في مرحلة نمائية ما ، بل على أن العملية العقلية المعرفية الواحدة ، يمكن أن تبدأ في مرحلة نمائية معينة ولا تكتمل إلا في مرحلة نمائية أخرى ، ولعل هذا الرأي بالذات كان مدار خلاف متكرر بين بياجيه ورواد مدرسة جنيف من جانب وكثيرين ممن عارضوه من أمثال :
(Neisser, 1967 Rosch, 1973; Mandeler, 1979; Gelman & Baillergeon, 1983) في التصنيف (Brainerd, 1978; Kausmeier, et al, 1974; Bryent, 1982; Trabasso, 1982; Trabasso 1975) في التسلسل (Brown 1976; Gelman & Gallistel 1978; Ginsuburg 1982, Gelman 1987) في العدد (Beilin 196, Goldschmid & Bentler 1968, Thomas, et al, 1973, Bryant 1987) في الفراغ (Siegler & Rich-ards 1979; Acradolo & Schmid 1984; O’Conell, 1985)
في الزمن ، وبالتالي فليس مطلوبا من الطفل ولا هو يستطيع أن يؤدي أو أن يكتسب العملية العقلية المعرفية المعنية بمراحل تطورها الثلاث في مرحلة نمائية واحدة . وهذا ما لم يكن في الحسبان في اعتقاد الباحث.
حين تم تصميم برامج الخبرات التقليدية منها أو المتكاملة في رياض الأطفال بدولة الكويت ، إذ إن العمليات العقلية المعرفية التي تناولناها في البحث وردت في محتوى هذه الخبرات بكثافة وتتابع يفوق ما يستطيع الطفل ملاحقته طبقا لما ينتقل إليه من مستويات النمون ولعل هذا التفاوت بين ما يقدم وما يحدث للطفل من نمو هو الذي يفسر كيف أنه لا يوجد أثر للتفاعل بين مستويات النمو العقلي المعرفي وأنماط الخبرة التي يعيشها الطفل في الروضة .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]