تفسير وتعريف علم الأجنّة
2013 لمن الرأي في الحياة؟
جين ماينشين
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
في نهاية القرن التاسع عشر، اعتُبر أن كل حياة فردية تبدأ ببيضة موروثة من الأم. والبيضة خلية. تخصّب النطفة الموروثة من الأب البيضة، وتجتمع النواتين معاً، وتبدأ الخلية بالانقسام إلى خليتين ثم إلى أربع ثم إلى مزيد من الخلايا، وتتمايز هذه الخلايا وينتج منها في النهاية كائن حي كامل التشكّل.
هذه الخلايا هي بداية الحياة، بالمعنى العضوي، لكنها لا تشكل بعد حياة واضحة أو كاملة. والجنين الناتج ليس مزيج السائلين بالتخلّق المتوالي الذي قدّمه أرسطو، ولا الأنُيسيان المسبق التشكّل الذي ذكره هارتسوكر.
بل الجنين ينقل البيضة المخصّبة إلى كائن كامل التشكّل وبالتالي يحتوي على أسرار التطوّر. وعملية التخلّق الجنيني (Embryogenesis) (تولّد الشكل من خلال التطوّر الجنيني) هي أيضاً عملية التخلّق الشكلي (Morphogenesis). وبحلول أواخر القرن التاسع عشر، أعيد تفسير مسألة تولّد الحيوانات التي طرحها أرسطو بعبارات مادية وجنينية.
إذا كانت أفضل استراتيجية للبيولوجيا، كما ذكر ويلسون، هي البحث والقيام بكثير من الملاحظة والتحليل، فإن هناك الكثير من العمل الذي يجب إنجازه.
ويجب أن يركّز ذلك العمل على علم الأجنّة. وبالتالي ربما يصبح في وسع الباحثين الذين يكشفون عن المراحل المبكّرة من تطوّر كائن حي مفرد تقديم أهم الأدلّة على كيف تبدأ الحياة وكيف تصبح حياة من نوع ما.
في سنة 1897، عرّفت الطبعة التاسعة من "الموسوعة البريطانية" علم الأجنّة بأنه "ينطبق بصورة غامضة إلى حدٍّ ما على ناتج تولّد أي نبات أو حيوان في طور التشكّل". ويشمل المصطلح جميع المراحل، من تخصيب البيوض إلى الولادة، رغم اعتبار أن المضغة البشرية تصبح "جنيناً" كامل التشكّل بعد ثمانية أسابيع، وفي ذلك الوقت تكون قد "اكتسبت شكل الوالد وبنيته المميّزة".
وعلى الرغم من اتضاح هدف دراسة الأجنّة والتخلّق الجنيني، فقد واجه اختصاصيو البيولوجيا مسألة كيفية متابعة العمل. ما الذي يسبّب التطوّر والتمايز، أو ما الذي يفسّر ظهور المتشكّل من غير المتشكّل؟ وقيّموا العديد من الأفكار المتعلّقة بما يجب فعله بعد ذلك، وكانت هذه الأفكار شديدة التعارض في بعض الأحيان.
من طرق دراسة التطوّر العادي القيام بدراسة التطوّر العادي ليس إلا. اذهب وابحث. بدا الأمر غير مثير للخلاف، لكنه لم يكن كذلك كالعادة. بداية، ما الذي تجب دراسته؟ إذا أردنا دراسة التطوّر البشري لكن لم يكن لدينا لأسباب واضحة العديد من العيّنات لبشر أسوياء يتطوّرون بالفعل، هل نفترض أن الحيوانات الأخرى مماثلة تماماً؟ وإذا كان لدينا عيّنة واحدة فقط، متى يكون من المشروع التعميم من حالة واحدة، ومتى نستطيع الافتراض بأن هذه الحالة "معيارية"؟ هل من المقبول الافتراض بأن كل حالة مماثلة لجميع الحالات الأخرى بالقدر الكافي بحيث يمكن أن تصبح أي منها المعيار لأي حالة أخرى، أو أليس من الأفضل الافتراض بأن الأفراد متباينون تبايناً كبيراً وبالتالي من الضروري جمع العديد من العيّنات لتوحيد المعيار عبر التباينات؟
بعبارة أخرى، كيف يمكننا أن نكتشف "المعياري"؛ وكيف يمكننا أن نتوثّق من أن أي عيّنة واحدة سوية بالقدر الكافي تقريباً بحيث يمكن أن تفيد بمثابة معيار؟ وهكذا فإن الافتراضات والتفسيرات المعرفية (الإبستيمولوجية) غزيرة بالضرورة.
كما أن الاختلافات المنهجية، والاختلافات في سبب رغبة الباحثين في البيانات أثّرت في اختيار نهج البحث ونتائجه. وقد سيطرت ثلاثة نُهُج. جاء أولاً اختصاصيو المورفولوجيا المقارنة. جمع هؤلاء الرجال (وكانوا رجالاً بالفعل) الأجنّة من أنواع مختلفة وسعوا إلى وصف المراحل التطوّرية لكل منها والمقارنة بينها قبل مقارنة النتائج. وتساءلوا، ماذا نتعلّم من هذه المقارنة؟ وقد رأوا حتى منتصف القرن التاسع عشر أدلّة على القصد والانتظام في الطبيعة.
قدّم لنا اختصاصي الأجنّة في القرن التاسع عشر كارل إرنست فون باير ثانية إطاراً للتفكير في التطوّر الجنيني في سياق تطوّر النوع. وكان يردّ على من اقترحوا حديثاً، مدفوعين بمعتقداتهم الفلسفية بإيجاد التوافقات والقوانين العامة في الطبيعة، أن كل جنين فردي متطوّر يتبع نوعاً من تلخيص (استعادة) الأشكال الأبسط.
تبدو هذه الفكرة منطقية في الظاهر باعتبارها طريقة لإيجاد تعميمات وسط التعقيد والتنوّع الواضحين. إذا كان كل نوع من الكائنات الحية يتبع نمط تطوّر موجود في أنواع أخرى أيضاً، فإن هذا التماثل يظهر وحدة الطبيعة المرتّبة. ويوحي بأن الأشكال البسيطة ربما تقدّم أدلّة لفهم التطوّر في الأشكال "الأعلى" والأكثر تعقيداً، كما كانت تعتبر في ذلك الوقت.
وربما يستخدم المصمّم الذكي أيضاً مجموعة فعالة من الأنماط والعمليات لتوجيه المراحل المبكّرة من التطوّر في كل نوع من الكائنات الحيّة. غير أن فون باير رفض ذلك بشدّة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]