تقرير يوضح حالة المرأة في مجال العلم بالهند
1998 تقرير1996 عن العلم في العالم
KFAS
حالة المرأة في مجال العلم بالهند العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
رضيكا راماسوبّان
قبل أربعة عقود، انطلقت الهند في برنامج لتحديث وتصنيع اقتصادها ومجتمعها، مما أفضى إلى توسع مستمر في مؤسسات التعليم العالي في مجالي العلم والتقانة.
واليوم تعتز الهند بأن لديها أكبر تجمع من الأفراد العلميين والتقنيين في العالم النامي، والعدد الراهن الذي يزيد على مليوني فرد ممن يحملون درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في العلم والتقانة يمثل زيادة بمقدار خمسة أضعاف ما كان عليه الحال في أوائل الخمسينات. وتبلغ النساء أكثر من ربع هذا العدد بقليل.
لقد ظلت العلوم البحتة والطبية تحظى بمكانة عالية باستمرار بين مواضيع الدراسة المتقدمة التي تفضلها المرأة. ونحو 88% من حاملي الدرجات العلمية حصلن عليها في مجال العلوم البحتة و 8% في مجال الطب وما يقل قليلاً عن 3% في مجال الهندسة-التقانة.
ومع ذلك، فالنمو الحاصل مؤخرًا في أعداد النساء اللاتي انتظمن في سلك المقررات الهندسية يبين علامات للتباطؤ بل وانعكاسًا في المسار. إن اختيار النساء للمواضيع اتبع نمطًا معينًا: ففي مجال العلوم اخترن العلوم الإحيائية والكيمياء، وفي الهندسة اخترن الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وفي المقررات التقانية اخترن التقانة الصيدلانية وتقانة المختبر الطبي، وفي مجال الطب اخترن طب النساء والتوليد، والأطفال، والغرماكولوجي، وعلم الأوبئة، وعلاج النطق والسمع، والعلاج الطبيعي، وطب الأسنان.
وتنزع النساء إلى ترك التعليم العلمي عند المستويات الأعلى. إذ يترك الدراسة ثلاثة أرباع الدراسات بعد الدرجة الأولى؛ ولا يستمر حتى الحصول على الدكتوراه سوى 1%. ويصدق الشيء نفسه على الهندسة؛ ومجال الطب هو المجال الوحيد الذي تواصل فيه المرأة الدراسات العليا بمعدلات مرتفعة.
ويعمل نحو ثلثي النساء المشتغلات بالعلم والتقانة في التدريس، وخُمس هذا العدد يزاول أعمالًا إدارية. لكن ثمة نسبة 3% فقط يعملن في مجال البحث والتطوير.
وللنساء حضور فعال كذلك في أعمال تقنية مثل اختبار النوعية والتشغيل والصيانة والإنتاج الصناعي، وكذلك في المناصب الإدارية العليا.
ولقد كان القطاع العام حتى الآن أكبر مستخدم للعلميين والمهندسين-التقانيين. وهو يستخدم خمسة أضعاف عدد العلماء الذين يستخدمهم القطاع الخاص، وضعف عدد المهندسين في هذا المضمار.
وفي حين يعد القطاع العام أكبر رب عمل بالنسبة للمهندسات أيضًا، حيث يستخدم ثلاثة أضعاف العدد الذي يستخدمه القطاع الخاص، إلا أن هذا النمط لا يصدق على مجالات العلوم. فما يقرب من 40% من النساء المشتغلات بالعلوم موجودات في القطاع الخاص.
ويعد ذلك مشكلة؛ لأن وكالات ومختبرات القطاع العام هي أعلاها مكانة، وهي مجلس البحوث العلمية والصناعية، والمجلس الهندي للبحوث الطبية، والمجلس الهندي للبحوث الزراعية، وهيئة الطاقة الذرية، وما إلى ذلك.
ولا تشغل النساء العاملات بالعلم سوى 5.4% من الوظائف في تلك الوكالات. أما في هيئات القطاع العام الأخرى التي تستخدم ملاك الأفراد العلميين والتقانيين (الوزارات والمصالح التابعة للحكومة الاتحادية وحكومات الولايات)، فإن نسبة المرأة فيها هي 3.6% فقط، وهو رقم أقل من نسبتهن في وكالات "القمة".
ومقارنة بخُمس العلماء والمهندسين الرجال الذين يشغلون مواقع الوسط والقمة (محددة على أساس مستويات الرواتب)، فإن 8% فقط من النساء موجودات عند هذه المستويات. ومرة أخرى، ففي حين توجد نسبة 2% فقط من الرجال طالبي العمل ممن لا يحالفهم التوفيق، فإن هذا الرقم بين النساء يمكن أن يرتفع ليصل إلى 25%، إذ إن هناك نسبة 15% من النساء المؤهلات لا يتطلعن حتى لدخول سوق العمل.
من ناحية أخرى، فالعدد الصغير نسبيًا من النساء اللاتي يكملن برامج الدكتوراه، والنسبة المنخفضة من النساء العاملات في المجالات المتصلة بالبحث والتطوير، فضلاً عن غلبتهن في أعمال التدريس، والغياب النسبي للنساء المشتغلات بالعلم عن وكالات القمة العلمية، ونزوع العمليات إلى العمل بأعداد أكبر في القطاع الخاص، كل هذه العوامل تجد تفسيرات عميقة سواء في التناقضات التي تعصف بحالة العلوم والتعليم العالي في الهند أو في واقع الالتزامات الاجتماعية للمرأة في المجتمع الهندي.
وتأتي بعد ذلك المشكلات الناجمة عن الفصل بين التعليم العالي والبحث العلمي في الهند، مقترنة بالتوقعات التقليدية للدور الاجتماعي لتحد من انخراط المرأة في المهن البحثية واستمرارها فيها.
وعلى الرغم من الخلفيات الطبقية المتميزة نسبيًا للنساء، سواء كانت حضرية أو من طبقة متوسطة أو مهنية، وحيث يتواكب الدعم المالي من جانب العائلة مع علاقات اجتماعية مبكرة تشجع على تحقيق المنجزات الأكاديمية الرفيعة بالنسبة للفتيات لأغراض العلم أولاً، فإن المرأة يجب أن تكون قادرة على تخطي العقبات الإضافية التي تسببها التزامات نوع جنسها، بحيث يتسنى لها تطوير مهنتها في مجال البحث العلمي. وبادئ ذي بدء، فإن التزامات الأسرة بتأجيل سن الزواج لبناتها عادة لا تمتد إلا لتشمل الانتهاء من درجة جامعية أولى.
وعلى الرغم من تيسر الفرص المالية والثقافية للتعليم العالي في مجال العلوم، فإن النساء يعانين من ثم عدمَ استقلالهن في قرارات الزواج، وهو أمر حيوي بالنسبة لاحتمالات سيطرتهن على ظروف أنماط المهن التي سينخرطن فيها مستقبلاً.
ولما كانت قدرتهن على الحركة متوقفة على متطلبات الحياة المهنية لأزواجهن، فإنهن يجدن أنفسهن في وضع ضعيف يلجئهن إلى البحث عن مهن مستقرة في إطار مؤسسات البحوث الوطنية.
إضافة إلى ذلك، فإن التدريس ما زال ينظر إليه بوصفه أمرًا يمثل عملاً أكثر ملاءمة للمرأة من الناحية الاجتماعية في جنوب آسيا، سواء بحكم المشاعر السائدة أو بسبب ظروف العمل التي يرى أنها أكثر تواؤماً مع مجمل متطلبات الأسرة والبيت والمهنة. وبالنسبة للنساء من ذوات المكانة الاجتماعية الرفيعة والمؤهلات العالية، ظل اختيارهن لأعمال التدريس رغم قلة أجورها أمرًا مألوفًا.
من ناحية أخرى، فعلى الرغم من أن العمل في مجال الطب يستغرق ساعات طويلة، ويملي بحكم طبيعته متطلبات أكبر على من يمارسه، ظل الطب مفضلاً كمهنة للمرأة في الهند. إضافة إلى ذلك، فهو يتيح آفاقًا للعمل للحساب الخاص.
كما أن الهندسة تحتل حاليًا مكانة مرتفعة في سلسلة الخيارات التي تفضلها المرأة، وقد دلت الاستقصاءات الأخيرة على أن النساء اللائي يخترن الدراسات الهندسية يبغين مزيدًا من الاستقلالية ومزيدًا من التركيز على التوجه المهني.
وهاتان المهنتان ينظر إليهما بوصفهما أكثر تحديًا من الناحية الفكرية من سائر المهن في العلوم الأخرى، كما أن المكانة الاجتماعية الأكبر لكل منهما تجعل الانخراط فيهما أمرًا صعبًا، وكثيرًا ما يتطلب التنافس من سكان الريف على الالتحاق بهما مغادرة المرأة بيتها لكي تواصل الدراسة العليا.
وخلاصة القول، إن النساء يحرزن بعض التقدم في المهن العلمية والتقانية في الهند، ولكن أمامهن شوطًا طويلاً يجب أن يقطعنه قبل أن يتسنى لتوقعاتهن المهنية أن تتساوى مع توقعات زملائهن من الرجال.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]