الطب

تقنية الإخصاب الصناعي بـ”المنى الممنوح” وآثارها السلبية

1996 تقنيات الطب البيولوجية وحقوق الإنسان

الدكتور يوسف يعقوب السلطان

KFAS

الطب

ما زالت هذه التقنية التي طال الزمن على دخولها في مجال العلاج الطبي، تجتذب الكثير من الجدل المتعلق بالأخلاقيات. 

فهناك بعض الاعتبارات الخاصة بدفع ثمن جزء من جسم إنسان، أو أجر خدمات كما هو الحال في استعارة أو استئجار رحم المرأة، وستتم مناقشتها في مكان آخر من الكتاب، وهذا موضع يدور حوله نقاش واسع سنتناوله في الفصل الخاص بتكنولوجيا الوراثة (الفصل الخامس). 

وهو ما يتصل بعدم القبول الاجتماعي لتحديد مصدر النطفة أو الحيوان المنوي المعد للاستعمال على أساس تحسين النسل.  وهناك موضوع آخر وهو ما يتعلق بدفع الثمن مقابل المنع التطوعي. 

 

ففي الولايات المتحدة يستخدم طلبة الطب (المجهولو الأسماء) كمصدر للنطف أو المنى الذي يقدمونه نظير ثمن وقد كان هذا مقبولا دون اعتراضات في أول الأمر. 

ولكن بدأت هذه الظاهرة تتعرض للانتقاد على أسس متعددة، منها اعتبار نوعا من تحسين النسل الاجتماعي واحتمال حدوث زيجات بين أبناء مترابطين (إخوة) يرجعون إلى نفس النطف التي تم الإنسال منها، واحتمال وقوع ضغط مقنع على الطالب من أساتذته لتقديم المنى، واحتمال تعرض مانح المنى لعدم الارتياح في المستقبل (أناس Annas، 1979).

ولئن لم تتخذ الجماعة الأوروبية موقفا عاما من هذا الموضوع إلا أن الاتحاد الفرنسي لبنوك النطف يطلب إلى مستخدمي هذه النطف أن يبحثوا بأنفسهم عن ما نحين (لكي تستخدم نطفهم لمستخديمن آخرين غير معروفي الهوية).

 

ويحاول تنويع جمهور المانحين للنطف عن طريق النداءات من خلال وسائل الإعلام، ويفضل تقديم النطف بدون مقابل، كذلك نجد أن بعض الدول مثل المانيا لا تشجع هذا الإنسان الصناعي للنطف المنوحة كلية وذلك خشية اختلاط الأنساب وما يترتب عليها من آثار تناسلية سيئة.  (كلوفر Glover، 1989، ص 32-33).

ويعتبر إخفاء هوية المانح قاعدة عامة في كل أنحاء العالم، وإن كان الاتجاه التشريعي يميل في هذا الشأن إلى الغموض في معظم الدول. 

أما المسألة المتعلقة بحقوق الإنسان فتتمثل في حق الطفل في معرفة أصله أو نسبه وهذا يتعارض مع حق احتفاظ الكبار بسرية الأمر، وحول هذه المسالة لاحظ إلياس وأناس (1986) أن الإنسال الصناعي بالنطف الممنوحة يضع المصالح الخاصة بالكبار، الذين تم الاتفاق فيما بينهم حول حقوق الأبوة والأمومة ومسئولياتها، فوق فوق المصالح الخاصة بالطفل.  

 

وفي ذلك تجاهل تام للتقاليد الثقافية المتصلة بالمشروعية والهوية الشخصية والنسب المتصل بقرابة الفرد وبالأبوة في حياة الأسرة وحياة الطفل (كاس Kass، 1985)، ومع ذلك لا توجد أي سياسات وطنية حول تكامل الأسرة من هذه الناحية، كما لا توجد أي هيئة تعتمد في تفكيرها على بيانات محددة تتعلق باثر تقنيات التناسل، بما فيها العقود المبرمة بين الكبار، على تنشئة الطفل أو نموه وتربيته وإن كانت بعض المعلومات قد أخذت تتجمع. 

فرغم أن مانح النطفة أو المنى يظل غير معروف للابوين اللذين ينشئان الطفل، فإن القانون السويدي الحالي يعطي الطفل الذي ولد بطريقة الإنسان الصناعي من نطفة ممنوحة، حينما يبلغ سن الثامنة عشر، حق المعرفة عن هوية من قدم النطفة، وعن اصوله أو أصولها الوراثية. 

 

وهناك أدلة على أن هذا الحق المنصوص عليه قد أدى إلى التقليل من منح النطف أو المنى، وأصبح هناك اتجاه إلى أن أغلب من يمنحون النطف أصبحوا من الكبار المتزوجين. 

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الثمانية عشر عاما التي حددها القانون السويدي كافية لأن تتكون روابط عائلية قوية مع الابوين الاجتماعيين (أي اللذين نشأ الطفل في رعايتهما) (كلوفر Glover 1989، ص35). 

وتوازن حقوق الإنسان بين مطالبة الطفل بالمعرفة ومطالبة مانح النطفة بالاحتفاظ بإخفاء هويته مع مراعاة أن مصالح الطفل تخلق داعيا قويا في جانب العلانية، مع حماية مختلف الأطراف المعنية (ص38). 

 

ونظرا لأن المطلب مسلم به أكثر من كونه حقا مطلقا فقد اقترح ان تتبنى أوروبا كلها النمط السويدي من القانون لتجربته في فترة محددة.

ويعتبر إخصاب المراة باستخدام منى أو نطفة الزوج أمرا مقبولا من الناحية الأخلاقية، مع وجود الاتفاق المتبادل والموافقة الواعية من الطرفين. 

وتنص التشريعات في عدد من دول العالم على أن الاطفال الذين يتم إنجابهم عن طريق الإنسال الصناعي بالنطف الممنوحة يعتبرون أبناء شرعيين للمرأة وزوجها الذي وافق على ذلك. 

 

ومع ذلك تظل هناك شكوك قائمة وعدم تاكد مما إذا كانت النطفة من الزوج أو من مانح غيره سواء كان معروف الهوية أو خفيا وهناك تردد شائع بين الأطباء، وربما ايضا لدى الجمهور، بالنسبة للإنسال الصناعي لامرأة عزباء غير متزوجة أو لإحدى ثنائيات النساء المساحقات. 

فما زالت حقوق المرأة العزباء "والثنائي المساحق" في أن تكون أما ملائمة لطفل عن طريق الحمل الصنعي موضع نقاش وجدل ولكن لا توجد اي بيانات مقنعة تؤيد الرأي القائل بتعرض أمثال هؤلاء الاطفال بالضرورة لاخطار تتعلق بالتنشئة أو أخطار عاطفية نتيجة لمثل هذه الظروف. 

وهناك أيضا اتجاه لتدخل السياسة في هذه القضية فيما يتعلق بالحقوق التي تمنح الحركة الشذوذ الجنسي. 

 

ففي الولايات المتحدة مثلا حكمت محكمة استئناف نيويورك بأن المساحقة لا يمكن أن تطالب بحق زيارة وليد شريكتها السابقة الذي أنجبته (بطريق الإنسال الصناعي).

ولقد أدى وصم او تسمية المحكمة للسيدة المساحقة بأنها بغي أو غرييبة بيولوجية رغم صدور أحكام سابقة.

تعطي الثنائي من مشتهيات أو مشتهي التماثل الجنسي أو الشذوذ الجنسي الشرعية لأغراض الإسكان) إلى الشجب والتهجم على هذه الأحكام على أنها نكسة ورجعة في الحقوق الممنوحة لحركة اللواط والمساحقة.  مقال بقلم ساك كي Sack, K في نيويورك تايمز عدد 3 مايو 1991، الصفحة ب1/).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى