تنديدات دولية حول استخدام الأغذية المهندسة وراثياً
2014 البذور والعلم والصراع
أبي ج . كينشي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
النباتات والزراعة البيولوجيا وعلوم الحياة
ففي مجال تنظيم التكنولوجيا الحيوية، فإن السؤال المطروح هو، إذا ما كان سيتم تنظيم تلك التكنولوجيا فكيف سيتم ذلك؟ وما هي المؤسسات التي ستدير المحاصيل المهندسة وراثياً؟ ووفق أي معايير [التي ستتبعها]؟
فقد جادل الكثيرون محبّذين القرارات التي تستند إلى المعايير العلمية، قائلين إن العلم طريقه واضح وبعيدٌ عن تشابك المصالح والأيدولوجيات ويمكّن الناس من التوصل لاتفاق [مُرضٍ للجميع].
فعلى سبيل المثال مجّدت فضائل العلم نينا فيدروف (Nina Federoff) بوصفها له كمعبر لكل الخلافات العميقة والممتدة التي لا حل لها (Across Chasms) ونينا هي مستشارة علمية لوزارة الخارجية الأميركية، ومدير وكالة التنمية الدولية ومؤيدة متحمسة جداً لإطلاق المحاصيل المهندسة وراثياً [في البيئة]:
تتطلع العلوم لمبادئ ديمقراطية كبرى تفوق العديد من [مبادىء] النظم السياسة باعتبارها مرجعاً لنا خارج [الأطر السياسية]. قد يكون للناس نظريات مختلفة، لكننا يمكن أن نكوّن تصوّراً ما من خلال اختبار التجربة. فالدليل مهم. وعليه في العلوم يمكننا أن نمتلك آراءً مختلفة، لكننا لا يمكننا أن نمتلك مجموعتين من الحقائق (Dreifus 2008).
حتى الآن، التحوّل نحو العلم هو خلق اتفاقيات، وهو ما يعني إهمال الأسباب المتعلّقة بشعور الإنسان بالقلق من التطوّرات التكنولوجية، بشكل واسع جداً. فقد وصف الوضع أحد العلماء المناهضين للمحاصيل المهندسة وراثياً، بالطريقة الآتية:
إن أسباب رفض الأغذية المهندسة وراثياً هي أسباب موضوعية تغطّي مستويات عديدة، تبدأ من علم الوراثة الجزيئي (Molecular Genetics) مروراً بالبيئة والثقافة. فالإصرار على الحقّ في (والحاجة إلى) أن تكون الأغذية خالية من التعديلات الوراثية، هو موضوعٌ يستند إلى كل تلك المستويات المذكورة.
فمن غير المرجّح أن تكون كل هذه الحجج قد تم تفنيدها قياساً بأي وقت مضى من قِبل أنصال الأغذية المهندسة وراثياً، الذين من المفترض أن يتساءلوا لماذا تم استبعاد معظم هذه المستويات [الوراثية والبيئية والثقافية وغيرها] من النقاشات الرسمية المتعلقة بالمؤثرات الصناعية (Herbert 2005, 62).
إن محاولة إزالة الاعتبارات السياسية من خلال حوكمة المحاصيل المهندسة وراثياً هو موضوع يتسق مع أفكار الليبرالية الجديدة.
فمراقبو التحوّل نحو الليبرالية الجديدة أشاروا إلى "أن واحداً من أكثر المؤثرات البعيدة المدى لـ…. محاولات الليبرالية الجديدة، هو العمل على عزل القضايا السياسية الاقتصادية المهمة وجعلها بعيدةً عن التسييس الصريح (Tickell and Peck 2003, 175).
فمن المؤكد أن الزراعة والمصادر الوراثية والغذاء، هي قضايا سياسية اقتصادية أساسية، لكن في الكثير من الأحيان يتم التعامل مع التكنولوجيا الحيوية الزراعية على أنها قضية غير سياسية.
فلو أعدنا الذاكرة إلى ما ناقشناه سلفاً في الفصل السابق، سنجد أن مسؤولي الولايات المتحدة الأميركية المنتخبين، هم ضد سياسات التعايش المتعلّقة بحماية الفليفا غير المهندسة وراثياً. فقد أعلنوا بشكل صريح أن القرارات التنظيمية [للمحاصيل] ينبغي أن تستند إلى العلم، بمعية عناصر تسويقية اعتبارية أخرى.
بعبارة أخرى، يتعيّن على الحكومة أن تنأى بنفسها عن التدخل لتفضيل أساليب زراعية معينة أو لتفضيل أنواع من المزارعين، وعوضاً عن ذلك، عليها [حلّ] مثل هذه القضايا والتوصّل إليه من خلال توظيف العلم والتجارة الحرة.
الصلة ما بين الأفكار الليبرالية الجديدة والمفهوم العلمي لتقييم المخاطر قد تكون هي من أكثر الأمور وضوحاً في منظمة التجارة العالمية، باعتبارها منظمة دولية تتعامل مع القواعد التجارية القائمة بين الدول.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]