توضيح كيفية تأثير العلاقات الاجتماعية سلباً على الانسان من خلال قصة السيد “مارك”
2014 للتخلص من الاكتئاب
جيسي ه . رايت و لورا و.ماكراي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
العلوم الإنسانية والإجتماعية الطب
يعمل مارك وهو في مقتبل أربعينياته كمدير في شركة تلفاز كابلي، حيث تتحدّد مسؤوليته في تصميم وتنفيذ وإدامة خطوط الكبل التي توفر خدمة لآلاف البيوت، وغالباً ما كان مارك يشعر بضغط العمل يأخذ منه جل طاقته، وخلال 3 4 أشهر المنصرمة لاحظ مارك عودة الاكتئاب الذي كان يبتليه بين فترة وأخرى منذ أيام المدرسة الثانوية،.
وكان عندما يحل يمتلك ناصيته لفترة طويلة من الزمن، ولسوء الحظ يبدو ولسبب غير معروف أن الاكتئاب قد عاوده مرة أخرى، ولعل السبب في ذلك يعود إلى زيادة مسؤولياته في العمل في مراقبة خدمات الكبل لمنطقة جديدة من المدينة بعد تخفيض موازنة العمل وإنهاء عمل بعض العمال، أو، لعل السبب يعود إلى كثرة مناكفاته مع زوجته أليس، ومهما كان السبب أخذ مايك يشعر بأنه ليس على ما يرام وأن هناك أمراً يحتاج إلى علاج.
تزوّج مارك من أليس قبل 15 سنة وكانا سعيدين في زواجهما لمعظم الوقت، وبطبيعة الحال كانا يتمتّعان بحياة جنسية جيدة ويعتبرا نفسيهما من أقرب الأصدقاء، وكانا دائماً مخلصين لبعضهما ويتمتعان بعمل الأشياء سوية مع أطفالهما فيذهبان إلى الحفلات الموسيقية ويأخذان الكلب في نزهة مع الأولاد في نهاية الأسبوع. وكان طفلاهما آبي ولوك (13 و19 سنة) مجتهدان ولم يشار إليهما بأية مشاكل سلوكية.
عندما كان مارك وأليس بمرحلة الخطبة وفي بداية زواجهما كانا يعزفان سوية في فرقة موسيقية صغيرة حيث كانت أليس تعزف على الغيتار بالإضافة إلى قيادة فرقة الإنشاد.
أما مارك فكان يعزف على الكيبورد ويغني أيضاً، ومع أن فرقتهما كان لها وقع محلي ولم تكن مشهورة، ومع ذلك كان الزوجان سعيدين بانضمامهما إليها.
مع تقادم العمر، تخطّت مسؤولياتها اليومية واهتمامهما بالأولاد ما تبقّى لهما من وقت لممارسة الموسيقى. حتى إن الفرقة ذاتها تلكّئت ومن ثم انفصلت. بقيت أليس مع ذلك تغني بين الفينة والأخرى كضيفة على فرق صغيرة محلية. أما مارك فقد توفر له بعض الوقت لأخذ الكيبورد إلى بيته في بعض الأحيان فقط.
من ما علمناه عن مارك حتّى الآن كان يبدو متمتعاً بعلاقة عائلية مستقرة. فإن كانت لديك مشكلة جدية في علاقتك فقد تتساءل كيف يمكن أن تصبح علاقات مارك جزءاً مهم من اكتئابه؟
على العكس من كايت التي أصبحت مكتئبة مباشرة بعد حالة انفصال علاقة حميمة، فإن حالة مارك كانت تتفاقم تدريجياً وتطوّر لديه الاكتئاب مبدئياً بسب تأثير الاكتئاب السيىء على العلاقة.
يذكر أن مارك جرّب الاكتئاب مرتين في السابق، مرة عندما كان بالمدرسة الثانوية قبل أن يلتقي بزوجته أليس، وفي بداية ثلاثينياته عندما فقد عمله، ولكونه قد مارس الاكتئاب مرتين، فلعل العامل البيولوجي الذي قرأت عنه في الفصلين 3 و8 كان له الأثر الأكبر في عودة الأعراض.
كذلك، قرّر مارك التوقّف عن أخذ مضادات الاكتئاب في السنة الماضية لشعوره بأنه لم يعد يعاني من شيء، منذ فترة طويلة، وكما لاحظنا في الفصل 8 فإن خطر المعاودة لدى من يعاني من اكتئاب متكرّر يمكن تقليله بأخذ مضادات الاكتئاب لفترة طويلة.
كذلك، فإن ضغط العمل ومتطلب الموازنة بين أعباء العمل ومتطلبات العائلة لعب دوراً في عودة الاكتئاب إليه مجدداً، إلا أنه وأليس والأولاد كانوا في حالة جيدة قبل أن يعاوده الاكتئاب.
مع زحف الاكتئاب إلى حياته، فقد مارك معظم طاقته وحيويته، فكان يبتدأ يومه شاعراً بفقدان الهمة بدل توقّدها، وعند عودته من العمل كان يفضّل أن يرمي بثقله على كرسي ليبقى فيه منعزلاً وحيداً من دون أن يشارك أليس أو الأولاد بأي عمل.
كان مارك وأليس في الماضي يشتركان في كورال الفرقة الموسيقية، وكانا متفقان بالمبدأ على أن تدفع أليس الفواتير وتقوم بالطبخ فيما يقوم مارك بأعمال الكوي إضافة إلى أعمال العناية بالمنزل. أما الآن فأصبح أكثر نرفزة وانسحاباً، ومن دون شك أقل اهتماماً بأداء مسؤولياته في العناية بالمنزل.
كانت أليس قد لاحظت اكتئاب مارك في السابق ولكنها لم تكن تعالج أو تهتم كثيراً بذلك. إلا أن شدة حساسية مارك ونزقه وحدة طبعه بالإضافة إلى انسحابه وانعزاله حرّكت أفكارها ومشاعرها بأنه من الظلم أن تتحمّل كل ذلك، فما لديها من متاعب يكفيها، ومنها إدارة محل بيع بالتجزئة، وتقديم العون لأمها التي تعاني من الروماتيزم، وبما كانت تصفه "جبل" من المسؤوليات لرعاية أطفالها بعد عودتهم من المدرسة.
وهكذا، أخذت أليس تقصر بحق مارك فلا تقدّم له الرعاية الكافية عندما يتوعّك أو يشعر باللاتعافي. ثم انحسار الرغبة في الجنس الذي يرافق الاكتئاب كان محبطاً لها هو الآخر، ومع أنها واعية للأمر إلا أنها كانت توجه الملامة والانتقاد لمارك، وعلى الرغم من توفر لحظات من الحنان والرقة إلا أن التوتر في علاقتهما زاد كثيراً قياساً بأوقاتهما قبل الاكتئاب.
إن قصة مارك تبدو شائعة (وهي كذلك فعلاً) كما أنها توضح أن الاكتئاب يمكن أن يحشر نفسه داخل العلاقات السوية ليخلق مشاكل لم تكن موجودة أصلاً. ثم يأتي التوتر في العلاقة ليفاقم الاكتئاب أكثر، ويصبح من الصعب سحب الدعم الاجتماعي من هذه العلاقات والتي تعد ضرورية لتحقيق الشفاء، ومن حسن الحظ أن الكثير يمكن اعتماده لإبطال مفعول هذه الحلقة المفرغة.
وسنريك كيف وجد مارك طرقاً لتحقيق ذلك، ولكن سنسألك أولاً أن تجري فحصاً للعلاقة (Relationship Checkup) قبل أن تفكّر بخطة لاستخدام استراتيجيات تعامل صحية مع الناس في حياتك. وسيكون من المفيد أن تفحص حالة علاقاتك الحالية الآن وبنفسك.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]