جدل كبير حول كيفية تكوّن صخور الغرانيت
2009 الموسوعة العلمية للصخور والمعادن
KFAS
صخور الغرانيت علوم الأرض والجيولوجيا
كانت مسألة كيفية تكوّن صخور الغرانيت الحبيسة (batholiths) العملاقة في العالم محل جدلٍ حام منذ القرن الثامن عشر .
فقد رأى الجيولوجي الأسترالي الكبير " إدوارد سويس " أنها تشكلت بعد صخور المنطقة المحيطة .
ولكن إن كانت الحال كذلك ، فكيف اتسعت الصخور لمثل ذلك الحجم الهائل من الغرانيت ؟ لقد شكلت مسألة " المساحة " هذة صلب الخلاف منذ ذلك الحين .
في منتصف القرن العشرين، تطور الجدل إلى معسكرين متقابلين- المنادِينَ بالتّحْوال الغرانيتي (the granitizers) والمنادين بالتصهّر (magmatists) .
اعتقد المنادون بالتحوال الغرانيتي، مثل " دوريس رينولدز"، أن الغرانيت يتشكل عندما "يتغرنت" صخر المنطقة الموجود ( يتغير إلى غرانيت) بفعل عمليات التَّحْوال* (metasomatic processes) .
وشملت العمليات كلها غازات وموائع أصبحت تُعرف في العلوم الغربية باسم "قوام الحياة" (ichor) .
وترى تلك الفكرة أن صخر المنطقة قد تعرض للتحوال (تبدَّل) إلى الغرانيت بفعل قوام الحياة المنبعث داخلها.
وبتلك الطريقة، لم تنشأ مشكلة "المساحة" . واعتقد المنادون بالتصهّر ، مثل " نورمان بُوين "، أن الغرانيت تشكّل عن الصهارة وليس عن صخر المنطقة متبدل ، وأن الصهارة تكونت في العمق بفعل الانصهار الجزئي (partial melting) أو "التصهُّر" لصخور المنطقة في الأعلى .
وتدريجياً ، أخذت الملاحظات الميدانية لتكوّنات الصخر والتجارب المخبرية على الصخور المنصهرة تقرّ بصحة رأي المنادين بالتصهّر ، وأصبح الآن مقبولا على نحو واسع أن معظم صخور الغرانيت تتشكل حقاُ بفعل الانصهار الجزئي .
وترى النظرية أن الأمر يجري برمته في المراحل الأخيرة من بناء الجبال ، عندما تنسحق صفيحتان تكتونيتان معاً . ولا يشبك الاصطدام حواف الصفيحة (plate edges) ليرفع بسلاسل جبلية (mountain ranges) فحسب ، بل يُولّد في النهاية كذلك درجات ضغط وحرارة بحيث تنصهر جزئياً أحجام ضخمة من جذور الجبال لينشأ عنها صهارة غرانيتية .
تكون الصهارات الغرانيتية الحارة هذه أخف من الصخور التي تعلوها ، وبذلك تدفُق داخلها كبقعة من الزيت الحار في المصباح من الحمم ، مكوّنةً بذلك مساحاتها الخاصة . وبينما تصعد ، تبدأ تبرد وتتصلب لتتحول في نهاية المطاف إلى صخر صلب ثانيةً .
ومع أنه يبدو أنّ المنادين بالتصهر قد ربحوا هذه الجولة من المسألة الغرانيتية ، إلا أنّ الخلاف لم ينته بأي حال من الأحوال. فلو أن الغرانيت يتشكل حقاً بفعل الانصهار الجزئي على سبيل المثال، فأي الصخور تماما هي التي انصهرت لتشكّل الغرانيت؟
وعلاوة على ذلك ، فحتى بين أولئك الذين اعتقدوا أن الغرانيت هو صهارة ، كان هناك على الدوام مَن اعتقد أنه تشكّل ليس بفعل انصهار صخور أخرى مباشرةً ، بل من صهارة بازلت تغيرت تدريجيا ً إلى غرانيت عندما تبلورت بعض المواد الكيميائية فيما البعض الآخر لم يتبلور ، وهي عملية تُعرف باسم "التبلور الجزئي" (fractional crystallization) .
الدليل على ذلك هو أن معظم صخور الغرانيت القارية – الصخور الحبيسة (batholiths) الهائلة تحت الجبال – تتشكل حقاً بفعل الانصهار الجزئي.
بيد أنّ التبلور الجزئي قد يلعب دوراً في صخور الغرانيت ، كالتوناليتات التي تتشكل في مواقع محيطية مثل الجزر القوسية (island arcs) .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]