حالات “عيوب الإبصار” التي قد تصيب الإنسان وأسباب حدوثها
2002 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثالث عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
حالات عيوب الإبصار أسباب حدوث عيوب الإبصار الطب
لكي نفهم موضوع عيوب الإبصار ينبغي أن نعرف أولا تركيب العين، وكيف تتم عملية الإبصار. وتتضمن هذه الموسوعة مدخلي: العين والإبصار، وننصح بالرجوع إليهما قبل الدخول في تفاصيل هذا الموضوع.
وقد يكون من المفيد أن نقدم فكرة مبسطة عن كيفية قيام العين بوظيفة الإبصار في البداية. فالعين السليمة تـتكيف تلقائيا لرؤية الأشياء القريبة والأشياء البعيدة على سواء.
وفي كل الحالات تسقط من الأشياء المرئية أشعة تقوم عدسة العين بتجميعها في نقطة حساسة على الشبكية تسمى النقطة الصفراء.
وتتكون في هذه النقطة – وفي كل عين – صورة مقلوبة للشيء المرئي. ثم تتحول الصورتان المتكونتان إلى إشارات عصبية ينقلها العصبان البصريان إلى الدماغ حيث يتم اندماج الصورتين معا لتكونا صورة واحدة معتدلة للجسم المرئي.
وعندما لا تستطيع العين أن تكيف نفسها لتجمع الأشعة الساقطة من الأجسام في النقطة الصفراء، وإنما قد تتجمع أمام الشبكية أو خلفها أو في عدة نقاط يقال إنه يوجد عيب في الإبصار. ويحدث ذلك عادة نتيجة قصور يرتبط بتكوين العين.
وتظهر عيوب الإبصار في أشكال مختلفة من أهمها: قصر النظر (قصر البصر)، وطول النظر (امتداد البصر)، والأستجماتزم (اللانقطية)، والاختلافية البصرية، والتراجع البصري.
وفيما يلي توضيح مبسط لكل من هذه الحالات.
1- قصر النظر (قصر البصر – ميوبيا):
تحدث هذه الحالة عندما لا تتجمع الأشعة المتوازية الساقطة على العين في النقطة الصفراء على شبكية العين، بل في نقطة أمامها. ويحدث ذلك لأسباب منها:
– عندما يكون القطر (المحور) الأمامي الخلفي للعين أطول مما هو في العين العادية.
– زيادة في تكور قرنية العين أو في تكور سطح العدسة الأمامي.
– زيادة انكسار الضوء الساقط على العين، مثل ما يحدث في حالة تيبس الجزء المركزي من عدسة العين نتيجة تقدم السن، وفي حالة تكون المياه البيضاء في العدسة ، أو نتيجة مضاعفات مرض السكري.
وقد لوحظ أن قصر النظر يزداد في مرحلة النمو عندما يحدث تغير مفاجيء في الجسم عند البلوغ، كما أن العوامل الوراثية المرتبطة بزواج الأقارب قد تساعد في حدوثه.
وقصر النظر قد يكون بسيطا، وذلك حينما لا تزيد قوة عدسة التصحيح على (-6) ديوبتر (الديوبتر هو وحدة قياس قوة العدسة).
وقصر النظر البسيط ليس له مضاعفات، وغير مصحوب بتغيرات في شبكية العين. ولكن قصر النظر قد يكون خبيثا، وفيه يستمر قصر النظر في الزيادة بدرجات عالية، وتصحبه عادة تغيرات في الشبكية.
وهناك بعض الأعراض التي يشعر بها عادة الشخص الذي يعاني من قصر النظر، ومنها:
– عدم رؤية الأشياء البعيدة بوضوح، مثل الكتابة الموجودة على السبورة.
– تضييق فتحة الجفنين لتمييز الأشياء بوضوح أكثر.
– تقريب الكتاب أمام العين عند القراءة.
– شكوى من الشعور بإجهاد العين مع عدم القدرة على الاستمرار في القراءة لفترات طويلة. وقد يرى الشخص خيوطا أو نقطا سوداء تتحرك أمام العين. وهذه الشكوى تحدث عادة في حالات قصر النظر الشديد.
وحيث إن قصر النظر يحدث نتيجة تكون الصور المرئية في نقطة أمام الشبكية فإن العلاج يكمن في محاولة تعديل موقع الصورة بحيث تقع في النقطة الصفراء.
ويتحقق ذلك باستخدام عدسات مفرقة للضوء – أي سالبة (مقعرة) في شكل نظارة طبية أو عدسات لاصقة.
كذلك تعالج بعض الحالات بعمليات جراحية لتصحيح الخطأ الناتج عن تكور قرنية العين، وذلك بتشريط القرنية باستعمال مشرط خاص أو بأشعة الليزر لجعل القرنية أكثر تفلطحا.
2- طول النظر (الامتداد البصري – هيبرمتروبيا):
يحدث ما نسميه طول النظر أو الامتداد البصري عندما تتجمع الأشعة المتوازية الساقطة على العين في نقطة خلف العين وليس في النقطة الصفراء على الشبكية. ويظهر ذلك عند وجود عيوب في العين، منها:
– قصر طول العين، أي قصر طول المحور الأمامي الخلفي للعين.
– وعندما تكون درجة تكور القرنية، أو سطح العدسة الأمامي، أقل من الطبيعي.
– وعند وجود ضعف في الأجزاء التي تقوم بتجميع (انكسار) الضوء في العين، كما يحدث عند إزالة العدسة أو تحركها إلى الخلف.
ومن الأعراض والعلامات التي يمكن أن تنبئ بوجود هذا العيب في الإبصار، شعور الشخص بصداع، وحرقان في العين مع تدميع، وعدم وضوح الرؤية من قرب عند القراءة، أو حدوث حول إنسي (منضم أو داخلي) بإحدى العينين. وحينما تكون درجة طول النظر كبيرة يشكو الشخص من عدم وضوح رؤية الأشياء البعيدة أيضا.
وتعالج حالات طول النظر بوضع عدسة مجمعة للضوء – أي موجبة (محدبة) أمام العين حتى يمكن تصحيح موقع الصورة المتكونة بحيث تقع على النقطة الصفراء.
وهذا يتوقف على عمر الشخص والأعراض التي يشكو منها. فإذا كان طول النظر بسيطا، ولا يرتبط بشكوى من أية أعراض، فالأفضل هو أن يترك بدون علاج.
أما إذا كانت درجة طول النظر كبيرة – خاصة إذا صاحبها حول إنسي داخلي – كما يحدث غالبا في الأطفال، فيلزم تصحيح الخطأ بصورة كاملة.
وفي حالات طول النظر عند الأشخاص الذين هم فوق سن الأربعين فغالبا ما نجد أنهم في حاجة إلى استخدام نظارتين (أو عدستين)؛ واحدة لرؤية الأشياء البعيدة، والثانية للرؤية من قرب، وذلك لتصحيح الخطأ بصورة كاملة.
وفي حالات طول النظر عند الأشخاص الذين هم فوق سن الأربعين فغالبا ما نجد أنهم في حاجة إلى استخدام نظارتين (أو عدستين)؛ واحدة لرؤية الأشياء البعيدة، والثانية للرؤية من قرب، وذلك لتصحيح الخطأ الناتج عن التراجع البصري، الذي سيأتي ذكره لاحقا.
3- الأستجماتزم (اللانقطية):
الاسم الشائع لهذا العيب في الإبصار هو الأستجماتزم. وهو نوع من أخطاء الإبصار ناتج عن تجمع الأشعة الساقطة على العين من الأشياء المرئية في عدة نقط وليس في نقطة واحدة.
وهذه النقط تكون إما أمام الشبكية وإما عليها أو خلفها. وذلك نتيجة عدم استواء سطح قرنية العين مما يؤدي إلى اختلاف في درجة تكون المحاور الرئيسية العمودية والأففية، أو المحاور الرئيسية العمودية والأفقية، أو المحاور المائلة بالقرنية.
وينتج عن ذلك أن يرى الشخص خطوط الجسم المرئي واضحة في اتجاه معين، ولا يرى الخطوط المتعامدة عليها.
والأسباب التي تؤدي إلى هذا العيب عديدة. فقد يكون السبب خلقيا، كما في حالة القرنية المخروطية أو القرنية المسطحة.
وقد يرجع السبب إلى حدوث إصابات نافذة بالقرنية، أو إصابة القرنية بقروح تؤدي إلى وجود عتامات على سطحها. كذلك يمكن أن تحدث هذه الحالة بعد العمليات الجراحية في داخل المقلة مثل استخراج عدسة العين.
ومن الأعراض التي يشكو منها المصاب بالأستجماتزم، وجود آلام في العين، والشعور بصداع، وزغللة عند القراءة أو الكتابة أو مشاهدة التلفاز لفترات طويلة.
وعادة ما يكون ذلك مصحوبا بصعوبة في الرؤية مع الشعور بالخمول والرغبة في النوم وعدم القدرة على التركيز.
وتعالج هذه الحالة بواسطة عدسات أسطوانية – مقعرة أو محدبة – بحسب الحالة. ويوضع محور العدسة عكس المحور الذي به العيب، في النظارة التي يستخدمها الشخص.
4- الاختلافية البصرية:
تحدث الاختلافية البصرية عندما تختلف قوة الإبصار بإحدى العينين عن الأخرى. فقد يكون بإحدى العينين قصر نظر أو طول نظر شديد.
وتكون العين الأخرى سليمة، أو بها قصر نظر أو طول نظر ولكن بدرجة أقل كثيرا من العين الأولى. ويترتب على ذلك عدم القدرة على تكيف العينين معا لرؤية الشيء بوضوح.
ووجود هذه الحالة يسبب إجهاد العينين، مع الشعور بصداع وزغللة والإحساس بشد في العين. وهذه الأعراض تكون أكثر وضوحا في العين الأكثر استعمالا – أي الأقوى.
أما العين الضعيفة فتأخذ وضع الراحة، ويحدث بها حول وحشي خارجي نتيجة عدم استعمالها. وفي هذه الحالة يعتمد الشخص على الرؤية بعين واحدة.
وعلاج مثل هذه الحالات يختلف تبعا لفرق الخطأ بين العينين:
– ففي الحالات التي يكون فرق الخطأ بين العينين أقل من أربعة ديوبتر، يصحح الخطأ بعدسات مقعرة أو محدبة أو أسطوانية بحسب الحالة.
– وفي الحالات التي يكون فرق القوة بين العينين كبيرا يمكن تصحيح الخطأ بواسطة العدسات اللاصقة.
– إذا كان الشخص – خاصة بعد سن من 8 إلى 10 سنوات – قد تعود الرؤية بالعين الأقوى، وأهمل استخدام العين الضعيفة، فإن الخطأ في الإبصار بالنسبة للعين الضعيفة لا يتحسن بالتصحيح بالعدسات.
5- التراجع البصري:
يرتبط التراجع البصري بتقدم العمر وبخاصة بعد سن الأربعين. فمع تقدم العمر يلاحظ أن الشخص سليم النظر قد أصبح يجد صعوبة في القراءة عل نفس المسافة التي تعود عليها من قبل، خصوصا إذا لم تكن الإضاءة كافية.
فعند قراءة الجريدة، مثلا، نجده يبعدها عن عينيه حتى يستطيع قراءتها بوضوح. وتجد السيدة صعوبة في وضع الخيط في فتحة الإبرة.
ويرجع السبب في ذلك إلى تيبس عدسة العين، حيث تفقد العدسة قدرتها الحيوية على تغيير درجة تحدبها وتكيفها لرؤية الأشياء على مسافات مختلفة.
هذا التغير الفيزيولوجي (الوظيفي) في عدسة العين يصاحبه إصابة الشخص بطول نظر. وتصحيح الخطأ في الإبصار يتوقف على حالة الشخص:
– ففي حالة الشخص الذي لا يعاني من أية أخطاء بصرية أخرى، تستخدم عدسات موجبة (محدبة) للمسافات القريبة فقط. والتسمية الشائعة للنظارة الطبية المستخدمة في مثل هذه الحالة هي نظارة للقراءة.
– أما إذا كان الشخص عنده طول نظر منذ الصغر فإنه يحتاج إلى نظارتين، واحدة ذات عدسات موجبة لرؤية الأشياء البعيدة، وأخرى ذات عدسات موجبة أيضا (ولكن بقوة أكبر) للرؤية من قرب.
– والشخص الذي عنده قصر نظر يحتاج أيضا إلى نظارتين: واحدة ذات عدسات سالبة (مقعرة) للمسافات البعيدة، والثانية للقراءة، ذات عدسات مناسبة لتصحيح التراجع البصري، (هذه العدسات قد تكون موجبة أو سالبة بحسب قوة إبصار الشخص).
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]