في الأسبوع الماضي فريق فلكي عالمي اعلن عن اكتشاف اثار و علامات حيوية ممكن ان تكون صادرة من حياة على كوكب الزهرة و هذه العلامة هي عبارة عن اكتشاف مركب يسمى الفوسفين متواجد في طبقات الغلاف الجوي .. و قد و نضع تحت قد خطوط حمراء .. قد تكون هذه المادة صادرة من حياة هناك و بالاخص من الميكروبات .. هكذا أعلنت الجمعية الملكية الفلكية في مؤتمرها الأسبوع الماضي .. للامانة هذا الخبر يجب الا يمر مرور الكرام و هو خبر ضخم جدا جدا .. صاعق و مفرح و غريب و مشاعر كثيرة .. فكل ما كان يبحث عنه العلماء في كوكب المريخ طوال السنوات الماضية و في اقمار زحل و المشتري ربما يكون موجود بجانبنا عند جارنا و شقيق الأرض كوكب الزهرة و لكن نحن لم نبحث بالشكل المناسب .. و لكن بالطبع العلماء دائما يتوخون الحذر في اطلاق نتائج تأكيدية و يشككون في الاسباب و يحاولون دائما إيجاد تفاسير بديلة تحتملها النتائج التي توصلوا اليها كما سنسمع تفاصيل الخبر في الحلقة بعد قليل .. و للصدفة جاء الإعلان عن هذا الاكتشاف متماشي مع ترتيب حلقات الموسم عن البحث عن حياة خارج الكرة الأرضية .. فاحببت اعمل هذه الحلقة و ادخل كل ما يخص الخبر و المؤتمر الصحفي المبني على الورقة بحثية بين حلقات سلسلة هل نحن وحيدون في الكون ؟ و من ثم نكمل تسلسل الحلقات مع معادلة دريك و البحث عن الحياة .. وقبل ان ننطلق اذكركم بان هذه الحلقة تأتيكم برعاية من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ..مؤسسة الكويت لديها العديد من البرامج و الكتب العلمية الشيقة و المناسبة لجميع الاعمار و جميع التخصصات .. تابعوهم و اختاروا ما يناسبكم .. هذه الحلقة ما راح تكون طويلة لانه اغلب الي احتاجه كمقدمات للموضوع .. طرحته سابقا مثل أجواء كوكب الزهرة و تفاصيله. و كذلك الالية التفصيلة التي تعمل عليها التلسكوبات التي رصدت غاز الفوسفين فقد شرحتها بحلقة كيف نعلم ما نعلم و لكن ساشير اليها باختصار في هذه الحلقة .. اعلان الجمعية الملكية الفكلية جاء بعد نشر ورقة بحثية نشرت في مجلة nature تحت عنوان phosphine gas in the cloud decks of venus وضعت رابط لها في وصف الحلقة يمكنكم مراجعتها لاحقا .. سنأخذ منها المفاصل المهمة و نقف على بعض المسميات لنتعرف على صورة اشمل عن هذا الاكتشاف .. فقد تم الإعلان عن اكتشاف علامات حيوية biosignature في كوكب الزهرة والي متمثله بالفوسفين .. ولكن ما هي العلامات الحيوية أساسا .. بشكل مجمل يمكن تعريفها على انها اي كائن او مادة او حتى ظاهرة يتطلب منشأها وجود عامل بيولوجي على وجه التحديد .. وتكون نسبة تشكلها بعوامل غير بيولوجية ضئييلة جدا .. فاذا وجدت هذه العلامات في مكان ما فهذا قد يكون دليل على وجود الحياة في ذلك المكان سواء في الماضي او لا زالت موجودة في الحاضر .. و طبعا لها شروط و خصائص اكثر .. ومنها هذا الفوسفين .. فهو يتكون من ذرة الفوسفور مرتطة مع ثلاث ذرات من الهيدروجين .. عندنا في كوكب الأرض يمكن ان يكون حاصل نشوئه من عدة طرق .. اولها في المختبر من خلال بعض العمليات الكيميائية .. و كذلك يمكن رصده كناتج من بعض العمليات الصناعية .. و الطريقة الثالثة و المهمة .. ارتباط الفوسفين كاحد الغازات الناتجة من العمليات الحيوية للميكروبات .. و بما انه نحن متأكدين انه لا يوجد لا مختبرات او مصانع في كوكب الزهرة فالاحتمال الوحيد المتبقي هو ان يكون الفوسفين ناتج من عمليات حيوية للميكروبات.. ولكن بيئة كوكب الزهرة على مستوى السطح يمكن ان نطلق عليها مجازا بيئة جحيمية .. فدرجات الحرارة بفعل الاحتباس الحراري تصل الى اكثر من ٤٠٠ درجة سيليزية و الضغط هناك قريب من ١٠٠ ضعف الضغط الجوي للكرة الأرضية بالإضافة الى البيئة الحمضية التي تملأ المكان من الامطار الحمضية و القاتلة تقريبا لاي شكل من اشكال الحياة التي نعرفها على كوكب الأرض .. فكيف يحتمل ان يكون هناك حياة و لو كانت ميكروبية في هذه االبيئة.. هنى طرح العلماء في الورقة المنشروة .. المكان المفاجأ لتواجد هذه البكتيريا .. و هو وجودها في السحب بالغلاف الجوي .. على ارتفاع ٥٠ كيلو متر من السطح .. فهناك على هذا الارتفاع ينخف الضغط الجوي و تعتدل درجات الحرارة .. لتكون نوعا ما مشابه لما عندنا في كوكب الأرض.
اكتشاف الفوفسين في سحب كوكب الزهرة لم يحدث بين ليلة و ضحاها .. فالبيانات كانت مسجلة تقريبا منذ عام ٢٠١٧ في التلسكوب الراديوي james clark maxwel بعد ان اتم العلماء هناك ٥ أيام متتالية يرصدون ويسجلون مشاهداتهم لبيانات وجود الفوسفين في الزهرة .. و بما انه التلسكوب راديوي .. فهو يعتمد على تحليل الموجات الكهرومغناطيسية القادمة من كوكب الزهرة .. فوجدوا بان الموجة القادمة من الغلاف الجوي عليها علامات امتصاص للفوسفين.. أي بان الفوسفين موجود بكميات معينه في الغلاف عندما انطلقت الموجة الكهرومغناطيسية ارتد بعضها من الغلاف الجوي للزهرة و باقي الموجة انطلقت الينا فرصدناها بالأرض منقوصة من علامات الفوسفين .. فعلمنا بوجودة هناك .. هذه الطريقة شرحتها بتفصيل بالحلقة كيف نعلم ما نعلم و تسمى spectroscopy .. بعد ذلك لم يستعجل العلماء بطرح النتيجة لوجود الفوسفين هناك .. بل طلبوا مزيدا من الدقة في التحري لوجود هذا المركب في غلاف الزهرة .. فلجأوا الى مجموعة كبيرة من التلسكوبات و في صحراء تشسلي و التي تعمل كتلسكوب عملاق جدا يسمى Atacama large milimeter aray و اختصارا يدعى Alma .. و كذلك هذا التلكسوب و طريقة عمله شرحتها في حلقة كيف نعلم ما نعلم .. فلذلك هي من الحلقات المهمة ي البودكاست لاني شرحت فيها طرق دائما سنحتاجها في شرح المفاهيم بالبرنامج .. عموما رصد العلماء هناك في تشيلي جاء مؤكدا ما توصل اليه تلسكوب james clark maxwel .. فهنى تيقين العلماء من وجود الفوسفين بطبقات الجو العليا .. و لكن يبقى السؤال ما هو المصدر .. فبدأ العلماء رحلة و عملية استقصاء و نفي الاحتمالات الممكنة واحدة تلو الاخر للوقوف على اكثر النتائج المحتملة .. فبعمليات المحاكاة بالكمبيوتر قاموا بافتراض تكونه من تفاعلات اشعة الشمس مع طبقات الغلاف الجوي هناك .. او احتمالية نشوءه من خلال النيازك و الشهب التي تخترق السحب و تضرب السطح .. او احتمالية تكونه من خلال البراكين .. ولكن من الحسابات .. تبين بانه يجب ان تكون قوة البراكين المنتجة لهذه الكميات المكتشفة من الفوسفين في الغلاف الجوي .. مئتين مرة اقوى من براكين الأرض .. و هذا مستبعد جدا .. لانه من المعلوم و الثابت بان النشاط البركاني في الزهرة قد خفت منذ زمن بعيد .. فيستبعد هذا الاحتمال .. فحتى الان كل المرجحات و الدلائل ترجعنا الى مربع الميكروبات .. فيأخذ العلماء هذا الاحتمال و يتم تحليلة منفردا .. فاذا كانت البكتيريا هي المسؤولة عن انتاج الفوفيسن بهذه الكميات .. فكيف يمكنها فعل ذلك من خلال تواجدها في الغيوم .. اليس من المفترض ان تؤثر عليها جاذبية الكوكب و تنزلها للسطح في نهاية المطاف ؟ لحسن الحظ .. هناك من العلماء من قام بهذا النوع من التحليل قبل شهرين تقريبا من الان و نشر ورقة بحثية عن إمكانية حدوث ذلك بعنوان a proposed life cycle for presestence of the Venusian aerial biosphere .. طبعا هذا الاسم الطويل هو الاعنوان المختصر للورقة فهي أطول من ذلك .. عموما في الورقة العلمية .. يشرح الباحثون الطريقة التي قد تمكن الحياة الميكروبية من الصمود لملاين السنين في الغلاف الجوي .. و ذلك عن طريق قطرات الماء السائلة .. فمن خلال تواجدها في الغيوم .. القطرات هناك تكون على هيئة احماض سائلة في الماء .. حيث انها بعد فترة تكتسب وزن يؤهلها للسقوط كقطرات للمطر نازله على السطح في الزهرة .. و بعد ذلك تتبخر و ترجع مرة أخرى محملة من خلال الرياح الى الطبقة التي نزلت منها اشبة بعملية دائرية .. مابين تكثف سقوط و تبخر و هكذا .. و الميكروبات لديها القدرة على البقاء داخل هذه القطرات و التأقلم مع مثل هذه التغيرات و الصمود فترة طويلة .. وما ان تصل الى ارتفاعات عالية باجواء مناسبة تمكنها من التكاثر.. فهي تفعل ذلك لضمان استمراريتها و بقائها في داخل هذه الدائرة الحياتية الغريبة.. طبعا هذه كلها نتائج حالية مدار للبحث و النقد بين العلماء .. و الأكيد بان علماء اكثر سينضمون لمحاولة تفنيد وجود الحياة على كوكب الزهرة و البحث عن بدائل طبيعية تفسر وجود الفوسفين بهذه الكميات في غلافه الجوي .. فالايام كفيله باثبات صحة هذه النتيجة .. و من جهة أخرى .. هذا الاكتشاف سيشعل قائمة الأبحاث التي ستوجه جهودها لدراسة الكوكب مرة أخرى و كذلك المهمات الرسمية من وكالات الفضاء ستزداد اعدادها في الأعوام القادمة .. الرحلة الرائدة كانت من فينيرا للاتحاد السوفيتي في القرن الماضي و فحاليا و نحن نتكلم هناك المسبار الياباني اكاتسوكي الذي انطلق قبل ١٠ سنوات تقريبا ووصل في عام ٢٠١٥ ولازال يدور حول الكوكب لدراسة تغيرات الغلاف الجوي في كوكب الزهرة .. حاليا هناك اكثر من ١٤ مهمة موجودة على جداول اعمال وكالات لافضاء المختلفة أهمها من وكالة الفضاء الامريكية ناسا .. المسبار دافينشي بلاس الذي من المفترض ان يكون على هيئة مسبار يصل الزهرة ثم يفتح البرشوت لينزل تدريجيا الى السطح و بذلك يدرس مستويات مختلفة من كل طبقة و حينها نستطيع الوصول لاستنتاجات اعمق لتأكيد او نفي وجود الحياة في طبقات الجو العليا للزهرة .. هناك أيضا مهمة انفيشن من وكالة الفضاء الأوروبية و على المدى القريب هناك رحلة شوكريان ون من وكالة الفضاء الهندية والذي من المفترض ان تكون رحلة لمسبار يدرس الغلاف الجوي و السطح لجارنا الزهرة .. وفي الأيام القادمة متأكد من اعلان او تسريع الرحلات لهذا الكوكب .. و بما اننا في البرنامج بوسط حلقات البحث عن الحياة في الكون .. احب ان اختم الحلقة لبحث كارل سيقان العجيب والغريب و السابق لعصره .. فيوم عن اخر .. يثبت هذا العالم الفذ بعد نظره في ما يخص الاجرام الكونية .. فقد سبق و نشر سيقان بحث قبل ثلاث و خمسين سنة ورقة علمية كذلك في مجلة النيتشر لمحاسن الصدف ذات المجلة التي نشر فيها البحث اليوم .. و يقول في ملخص بحثه .. على الرغم من ان وجود الحياة على سطح كوكب الزهرة غير واردة الا ان القصة مختلفة تماما في غيوم الكوكب .. فبتواجد ثاني أكسيد الكربون و الماء مضاف اليهم اشعة الشمس .. فانه متطلبات عملية البناء الضوئي لاتت متوفرة هناك في الغيوم .. و يكمل سيقان شرح الظروف المناخية المواتية في الغيوم و يختم ورقته العلمية بجملة كانما شاهد المؤتمر و اكتشافات اليوم بقوله .. اذا كانت هناك بعض القطرات .. تتساقط و بطريقة ما تجد طريقها من السطح الى الغيوم مرة أخرى .. فبذلك لن تكون عملية تخيل نشوء الحياة صعبة هناك في كوكب الزهرة .. و هذا الكلام قاله قبل ٥٣ سنة .. و مع نهاية كلام سيقان .. اودعكم على ان نلتقي مع معادلة دريك و تفاصيلها لنحلل فرص وجود الحياة في هذا الكون البديع خارج الكرة الأرضية .. الى اللقاء.