خصائص وأقسام الشِعر والفنون التي ينتمي لها النثر
2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الحادي عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
أقسام الشِعر خصائص الشِعر فنون النثر النثر الفنون والآداب المخطوطات والكتب النادرة
يَنْقَسِمُ الأَدَبُ في جَميعِ لُغاتِ العَالَمِ، قَديمِها وحديثِها، قِسْمَيْن كَبيريْن، هما: الشِّعْرُ والنَّثْرُ.
ويُعَدُّ الشِّعْرُ مِنْ أَشْهَرِ الفُنونِ الأَدبِيَّةِ وأَكْثَرِها انْتِشارًا بَيْنَ النّاسِ، وهو فنٌّ اهتدَى إليه الإنْسانُ منذُ القِدَمِ ليعبِّرَ بِهِ عن انْفِعالاتِهِ ومَشَاعِرِهِ. وأَصْبَحَ لِذَلِكَ الفنِّ خَصائِصُ نَسْتَطِيعُ أَنْ نَتَبَيَّنَها بوضوحٍ.
ويَرَى كثيرٌ من الباحِثينَ أَنَّهُ من الصَّعْبِ التَّعَرُّفُ عَلَى أَيِّهِما أَسْبَقُ في الظُّهورِ: الشِّعْرُ أَمْ النَّثْرُ، فَمِنَ المَعْروفِ أنَّ الإنسانَ عِنْدَما بدَأَ يَتَعَلَّمُ اللُّغَةَ كانَ يَتَكَلَّمُ نَثْرًا للتَّعبِيرِ عَنْ حَاجاتِهِ اليَومِيَّةِ العَادِيَّةِ.
ولكنْ هنالك فَرْقٌ كبيرٌ بَيْنَ لُغَةِ الكَلامِ العَادِيَّةِ ولُغَةِ النَّثْرِ بِمَعْناه الأدبيِّ.
أمَّا الشِّعْرُ فَقَدْ عَرَفَهُ الإنسانُ باعْتِبارِهِ فنًّا جَميلاً يَنْظِمُهُ الشَّاعِرُ بطريقةٍ خاصَّةٍ. وعَلَى الرَّغْمِ مِنْ قِدَمِ هَذَا الفنِّ وانْتِشَارِهِ فإنه لَيْسَ من السَّهْلِ وَضْعُ تَعْريفٍ لَهُ.
ولكنْ هناك مقاييسُ أو خصائصُ مُعَيَّنَةٌ تجعَلُ أصحابَ كلِّ لغةٍ يفرقونَ بَيْنَ الشِّعْرِ وغيره من الفنونِ.
ويمكنُ القول بأنَّ أهم هذه الخصائِصِ ما يلي:
1- الموسِيقَى أَو النَّغَمُ. فالشِّعْرُ العربيُّ يقومُ عَلَى نِظامِ التَّفْعيلَةِ.
وقدْ قسَّمَ العُلَماءُ العَرَبُ موسيقَى الشِّعْر العَرَبيِّ إلى سِتَّةَ عَشَرَ «بَحْرًا»، لكلٍّ منها نِظامٌ يَخْتَلِفُ عَنْ البُحورِ الأَخْرَى.
2- العاطِفَةُ أو الانْفِعَالُ. فالشِّعْرُ يَنْبَغِي أَنْ يُثيرَ مَشَاعِرَ القَارِئِ أو السَّامِعِ بما فيهِ مِنْ تصويرٍ بَيانِيٍّ جَميلٍ، فَهُوَ لَيْسَ تَصْويرًا لِفِكْرَةٍ يُسَجِّلُها الشَّاعِرُ بألْفاظٍ عادِيَّةٍ، لا جَمالَ في صُورِهَا وترَاكيبِها، بَلْ ينبغي أنْ يخلقَ لَدَى السَّامِعِ أَو القارِئِ شُعورًا بالمُتْعَةِ والمُشَارَكَةِ لمَشَاعِرِ الشَّاعِرِ وأَحاسِيسِهِ.
3- اللُّغَةُ الخَاصَّةُ الّتي يَسْتَخْدِمُها الشَّاعِرُ. فالشَّاعِرُ لا يَسْتَخْدِمُ اللُّغَةَ بالطَّريقَةِ العادِيَّةِ، بَلْ يختارُ مُفْرَداتِهِ بطريقَةٍ خاصَّةٍ بحيثُ تُصْبِحُ ذاتَ دَلالاَتٍ جَديدَةٍ من خِلالِ السِّياقِ، وتَتَابُعِ الصُّوَرِ والمَعَانِي، وإيقاعِ المُوسيقَى.
ويُقَسِّمُ العُلماءُ الشِّعْرَ أَرْبَعَةَ أَقْسامٍ:
القِسْمُ الأَوَّلُ: الشِّعْرُ المَلْحَمِيُّ: وهو أَقْدَمُ ما وصَلَنَا من الشِّعْرِ اليونانيِّ. وأَشْهَرُ ما وَصَلَ إلينَا مِنْ هَذَا الشِّعْرِ «الإلْيَاذَةُ» و«الأُوديسَّة» للشَّاعِرِ اليُونانيِّ «هومِيرُوس»، وهُوَ من شُعَراءِ القَرْنِ العَاشِرِ قَبْلَ الميلادِ.
والمَلْحَمَةُ قِصَّةٌ شِعْرِيَّةٌ قَوْمِيَّةٌ بُطولِيَّةٌ، تَتَضَمَّنُ أَشياءَ خارقةً لما هُوَ مألوفٌ، وتختلط فيها الحقائِقُ بالخيالِ، والتاريخُ بالأسَاطِيرِ. ومِمَّا يَجْدُرُ ذِكْرُهُ هُنَا أَنَّ العَرَبَ لَمْ يَعْرِفُوا هَذا النَّوعَ في تَارِيخِهمْ الأَدَبِيِّ.
القِسْمُ الثَّاني: الشِّعْرُ التَّعْليمِيُّ: وقَدْ عَرَفَ اليونَانُ، ومِنْ بَعْدِهِمْ الرُّومانُ، هَذا اللَّونَ من الشِّعْرِ واسْتَخْدَموهُ في التَّوْعِيَةِ ونَشْر الأَخْلاقِ والقِيَمِ النَّبِيلَةِ.
وعَرَفَهُ العَرَبُ بَعْدَ ظُهورِ الإِسْلامِ، واسْتَخْدَموهُ لأغْراضٍ تَعْلِيمِيَّةٍ بَحْتَةٍ.
القِسْمُ الثَّالِثُ الشِّعْرُ الدِّرَامِيُّ: وهُوَ الشِّعْرُ الّذي يُكْتَبُ بِهِ الحِوارُ الّذي يَدورُ بَيْنَ الشَّخْصيَّاتِ عَلَى خَشَبَةِ المَسْرَحِ.
ويَنْقَسِمُ الشِّعْرُ المَسْرَحِيُّ عِنْدَ اليُونانِ إلى قِسْمَيْنِ كَبيرَيْنِ، هُما: المَأْسَاةُ (التراجيديا)، والمَلْهَاةُ (الكوميديا). وتَفْتَرِقُ المَأْسَاةُ عَن المَلْهَاةِ في المَوْضوعِ والشَّخْصِيَّاتِ والأهْدافِ.
ولَمْ يَعْرِفْ العَرَبُ في الجاهِلِيَّةِ أو الإسْلامِ هَذَا الفَنَّ، بَلْ عرفُوه في العَصْرِ الحَديثِ، ونَقَلوهُ عَن الأُوروبيِّينَ.
وأَشْهَرُ مَنْ كَتَبَ هَذَا النَّوعَ مِنَ العَرَبِ «أَحْمَدُ شَوْقي» وعَزيزُ أَبَاظَة. أمَّا باقي الأُدَبَاءِ العَرَبِ الّذينَ اهْتَمُّوا بالمَسْرَحِ فَقَدْ كَتَبُوا مَسْرَحِيَّاتِهِم بِلُغَةٍ نَثْرِيَّةٍ، ثُمَّ تَحَوَّلَ كثيرٌ مِنْهُم إلى الكِتابَةِ لِلْمَسْرحِ باللَّهَجاتِ العامِيَّةِ، ممَّا أَفْقَد المَسْرَحَ دَوْرَهُ في السَّاحَةِ الأَدَبِيَّةِ.
القِسْمُ الرَّابِعُ: الشِّعْرُ الغِنائِيُّ: ويُعَدُّ الشِّعْرُ العَرَبِيُّ في مُعْظَمِهِ من هَذَا النَّوعِ، الّذي بَدَأَ تعبيرًا عن حاجَةِ الإنْسانِ إلى إنْشادِ الشِّعْرِ في أَثْناءِ العَمَلِ أَو السَّيرِ في الصَّحْرَاءِ، ثُمَّ تَطَوَّرَ إلى قَصائِدَ مُخْتَلِفَةِ الأَغْراضِ، كالمَديحِ، والهِجاءِ، والرِّثَاءِ، والغَزَلِ، والوَصْفِ، وغيرِ ذلك مِن فُنونِ الشِّعْرِ.
ويَصْعُبُ عَلَى الباحِثينَ مَعْرِفَةُ بِدايَاتِ الشِّعْرِ العَرَبيِّ، ولكنَّ أَرْجَحَ الأَقْوالِ تُرْجِعُهُ إلَى القَرْنِ الرَّابِعِ الميلادِيِّ.
والمُلاحَظُ في عَالَمِنَا الحَاضِرِ أنَّ هَذَا الشِّعْرَ هو الفَنُّ الوَحيدُ الّذي ما زَالَ باقيًا إلَى اليَوْمِ، وهُوَ الّذي يَنْصَرِفُ إليهِ ذِهْنُ الإنسانِ عِنْدَ سَمَاعِهِ لِكَلِمَةِ «شِعْر».
أمَّا النَّثْرُ فَيَنْقَسِمُ إلى عِدَّةِ فُنونٍ، مِنْ أَهَمِّها ما يلي:
1– فَنُّ المَسْرَحِيَّةِ: ويَدْخُلُ هَذا الفَنُّ ضِمْنَ فُنونِ الشِّعْرِ وفنونِ النَّثْرِ معًا، لأَنَّه ابْتَدَأَ عِنْد اليونانِ شِعرًا، ثُمَّ تَحوَّلَ في العُصورِ الحديثَةِ إلَى فَنٍّ نَثْرِيٍّ.
وقَدْ عَرَفَ العَرَبُ هَذَا الفَنَّ في مُنْتَصَفِ القَرْنِ التَّاسِعَ عَشَرَ الميلادِيِّ، وبَدَأَ في الظُّهورِ في بلادِ الشَّامِ، ثم نَزَحَ رُوَّادُ المَسْرَحِ إلَى مِصْرَ حامِلينَ مَعَهُم هذَا الفَنَّ. وكَانَتْ أَوَّلُ فِرْقَةٍ وَفَدَتْ إلى مِصْرَ هي «فِرْقَةُ سَلِيم النَّقَّاش». ومنذُ ذَلِكَ الوَقْتِ بَدَأَ المَسْرَحُ في الانْتِشارِ في العَالَمِ العَرَبِيِّ.
2- الفَنُّ القَصَصِيُّ: تُعْتَبَرُ القِصَّةُ بِمَعْناهَا العَامِّ، أَيْ «الحِكايَةِ» مِن أَقْدَمِ الفُنونِ الّتي عَرَفَها الإنْسانُ.
ولكنَّ الفَنَّ القَصَصِيَّ بِمَعْناه الحديثِ وبأُصُولِهِ وخَصائِصِه يُعَدُّ مِنْ أَحْدَثِ الفنونِ الأَدَبِيَّةِ. فقد ظَهَرَتْ الرِّوايَةُ في مُنْتَصَفِ القَرْنِ الثَّامِنَ عَشَرَ، والقِصَّةُ القَصِيرَةُ في أواخِرِ القَرْنِ التَّاسِعَ عَشَرَ.
وإذا كانَ الشِّعْرُ يَتَمَيَّزُ بالقُدْرَةِ عَلَى إظْهارِ المَشَاعِرِ الإنْسانِيَّةِ وتكثِيفِها، ويَتَمَيَّزُ المَسْرَحُ بالقُدْرَةِ عَلَى طَرْحِ الأَفْكارِ المُتَعارِضَةِ مِنْ خِلالِ الحِوارِ، فإنَّ الفَنَّ القَصَصِيَّ يَتَمَيَّزُ بِقُدْرَتِه عَلَى رَصْدِ الجُزْئِيَّاتِ وتَصْوِيرِ الشَّخْصِيَّاتِ بأُسْلوبٍ يَقومُ عَلَى التَّشْوِيقِ المُسْتَمِرِّ الّذي يقودُ القارِئَ إلى غايةٍ مَرْسومَةٍ وهَدَفٍ مَقْصودٍ.
والفَنُّ القَصَصِيُّ يَنْقَسِمُ إلى قِسْمَيْن: الرِّوايَةِ، والقِصَّةِ القَصيرَةِ. ويَرْتَكِزُ الفَنُّ الرِّوائِيُّ عَلَى عِدَّةِ عَنَاصِرَ، أَهَمُّها: الحَادِثَةُ، والزَّمَانُ والمَكَانُ اللّذَانُ تَقَعُ فيهما الحادِثَةُ، والشَّخْصيَّاتُ اللّذينَ تَحدُثُ لَهُم الحَادِثَةُ، والأُسْلوبُ الّذي تُسْرَدُ بِهِ القِصَّةُ، ثُمَّ البِنَاءُ أَوْ «الحَبْكَةُ» التي تَجْمَعُ هَذِهِ العَناصِرَ فَتَجْعَلَ مِنْها كِيانًا واحدًا مُنْسَجِمًا مَعَ بعضِهِ البَعْضِ لِتَحْقيقِ الهَدَفِ الّذي يَسْعَى إليه كاتِبُ القِصَّةِ.
3- فَنُّ الخَطَابَةِ: هُنالِكَ فُروقٌ بَيْنَ الخَطَابَةِ والكِتَابَةِ. فالخَطيبُ يَعْتَمِدُ غالبًا عَلَى الارْتِجالِ، بَيْنَما يَكْتُبُ الكاتِبُ علَى انْفِرادٍ، ويَنْشُرُ ما يَكْتُبُه عَلَى النَّاسِ. ولِذَلِكَ كانَ للخُطْبَةِ أَثَرٌ يَخْتَلِفُ عَنْ أَثَرِ المَقَالَةِ أَو غيرِها مِنْ فُنونِ الأدَبِ.
وأَهَمُّ ما يَمْتَازُ بِهِ أُسْلُوبُ الخَطابَةِ هو الوُضوحُ الّذي يَكْشِفُ عن قَصْدِ الخَطيبِ في عِبارَةٍ سَهْلَةٍ تَصِلُ إلَى قَلْبِ السَّامِعِ مُبَاشَرَةً.
وقَدْ عَرَفَ العَرَبُ الخَطابَةَ في العَصْرِ الجاهِلِيِّ، وزَادَتْ أَهَمِّيَّتُها في العَصْرِ الإسْلامِيِّ، وكانَتْ تَشْتَرِكُ مَعَ الشِّعْرِ في أَدَاءِ وَظيفَةِ الإثَارَةِ العَاطِفِيَّةِ وتَوجيهِ الجَمَاهِيرِ، وبمَا لِلْخَطابَةِ مِنْ قُوَّةِ الصِّياغَةِ وتَمَتُّعِ أُسْلوبِها بِخَصائِصَ بَيَانِيَّةٍ جَميلَةٍ.
4- فَنُّ المَقَالَةِ: ظَهَرَتْ المَقَالَةُ بِمَعْناها الحَديثِ عَلَى يَدِ الكاتِبِ الفَرَنسِي ميشِيل مُونتين في مُنْتَصَفِ القَرْنِ السَّادِسَ عَشَرْ.
أمَّا في تاريخِ العَرَبِ الحَديثِ فَلَمْ تَظْهَرْ المَقَالَةُ علَى أنَّها فَنٌّ مُسْتَقِلٌّ بَلْ نَشَأَتْ في حِضْنِ الصَّحَافَةِ، وبَدَأَ ذَلِكَ في مُنْتَصَفِ القَرْنِ التَّاسِعَ عَشَرَ، ثُمَّ تَطَوَّرَتْ عَلَى أَيْدي كِبَارِ الكُتَّابِ في أَوائِلِ القَرْنِ العِشْرين. وسَاهَمَتْ المَجَلاَّتُ الأُسْبُوعِيَّةُ والشَّهْرِيَّةُ، مثل المُقْتَطَفِ والهِلالِ والرِّسالَةِ، في تَطَوُّرِ هَذَا الفَنِّ.
وتَنْقَسِمُ المَقَالَةُ إلى نَوْعَيْن، هُمَا المَقَالَةُ الذَّاتِيَّةُ، والمَقَالَةُ المَوْضُوعِيَّةُ. وتَظْهَرُ في المَقَالَةِ الذَّاتِيَّةِ شَخْصِيَّةُ الكاتِبِ واضحةً، ويَسْتَعينُ الكاتِبُ لِهَذا النَّوْعِ من المَقالاتِ بأُسْلوبِهِ الأَدَبِيِّ المَمْلوءِ بالعَاطِفَةِ، ويَعْتَمِدُ علَى رَكائِزَ مِن الصُّوَرِ الخَيَالِيَّةِ والعِبارَاتِ الجَمِيلَةِ.
أمَّا المَقَالَةُ المَوْضُوعِيَّةُ فَتَهتَمُّ بِعَرْضِ موضوعٍ مُحَدَّدٍ، ويَسْتعينُ كاتِبُها بالأُسْلوبِ العِلْمِيِّ الرَّصينِ، ويَتَقَيَّدُ بِعَرْضِ الأَفْكارِ عَرْضًا مَنْطِقِيًّا واضِحًا، ولا يَسْمَحُ لعَواطِفِهِ ومَشاعِرِهِ الخَاصَّةِ بِأَنْ تَطْغَى عَلَى مَوْضوعِ المَقَالَةِ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]