علوم الأرض والجيولوجيا

خطوة العودة للتقليل من آثار ظاهرة الاحتباس الحراري

2014 الاقتصاد وتحدي ظاهرة الاحتباس الحراري

تشارلزس . بيرسون

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

آثار ظاهرة الاحتباس الحراري علوم الأرض والجيولوجيا

قد يكون لهذا التحليل سلبيته المسوغة. فرضيته الأساسية هي أن كل البلدان حتى تلك التي هي أعضاء في الاتفاقية البيئية الدولية تتفاعل بمصلحة ذاتية ضيقة ولربما تلك الدول ذاتها ضيقة أيضاً.

والعمل الصالح قد يلتهم كل الطاعات، وجلب العار غير المتعاون قد يعمل، وقد يكون الخفض معدٍ.

فبعض الأعمال التجريبية تُشير إلى أن الإسهام الطوعي في سلع المنفعة العامة العالمية قد يكون أكبر من ما تدل عليه المعايير النظرية (Burger and Kolstad 2009).

 

في الواقع إن الإطار الكامل لهذه النماذج هو أمرٌ غريب بعض الشيء. فهذه النماذج تفترض أننا مهتمون بالرفاه المادي من الغرباء الذين سيعيشون في بلدنا مئات السنين من الآن، وأن هذا الاهتمام هو مقنع بما فيه الكفاية كي نقلل من استهلاكنا اليوم.

ولكن الإطار أيضاً افترض أننا لا مصلحة لنا في رفاهية الغرباء الغريبة الذين يعيشونها في بلدان أخرى، سواء الآن أم في المستقبل البعيد. وتميل عدم الكفاية، حيث إنها قد تكون بوجود برامج مساعدات خارجية، إلى دحض هذا المنظور.

علاوة على ذلك، إن تلك النماذج تولي اهتماماً قليلاً أو عدم اهتمام مطلقاً إلى "عدم الندم" من معالجة ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي.

 

وتشمل هذه تعزيز الكفاءة في القضاء على دعم الطاقة، والفوائد الجانبية للحفاظ على التنوع البيولوجي من خفض إزالة الغابات، والمزايا التجارية التي تعتبر المحرك الأول لتكنولوجي الكربون المنخفض، والفوائد الصحية الهامة من خفض التلوث المحلي من حرق الوقود الأحفوري.

هذه المنافع تعود على وجه التحديد بالفائدة على تلك الدول النشطة في التخفيف من حدتها. وعلى الرغم من أن ذلك قد يكون غير حاسمٍ، إلا أنهم يقطعون الطريق على حوافز الراكب الحر، ويحسنون منظار التعاون(32).

تحليل ضمانات المنافع الصحية هو مسألة مثيرة للاهتمام لكنها محيرة. فعلى عكس منافع ظاهرة الاحتباس الحراري، التي يجب أن يتم خفضها بشكل كبير على مدى عدة عقود، المنافع الصحية تبدأ بالظهور فوراً على وجه التقريب.

 

ومقدار المنافع الصحية في جزء منه يعتمد على كيف ومتى سيأخذ التخفيف مكانه وبأي قطاع، لكون البلدان تختلف في تعرضها لتلوث الهواء المحلي والقطاع الذي ينشأ فيه التلوث.

وتعتمد أيضاً النتائج المحولة إلى نقد على كيفية تأسيس قيمة الحياة الإحصائية (VSL).

اختار بولين وآخرون (Bollen et al. 2009) معايير تقديرية أقل من معايير قيمة الحياة الإحصائية، بحجة أن تلوث الهواء المحلي يؤثر بشكل غير متناسب في المسنين الذين يرغبون بالدفع أقل من رغبتهم في خفض المخاطر المميتة التي يجب أن تكون أقل لكونهم لا يمتلكون إلا سنوات قليلة للعيش. (المزيد من كبار السن منا قد لا يوافقون ذلك).

 

فقيمة الحياة الإحصائية تمت معايرتها نسبياً أيضاً بنصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي للمنطقة الأوروبية. وبالتالي تجنب الوفاة المبكرة في الهند لا يستحق إلا جزءً صغيراً من تجنب الوفاة المبكرة في أوروبا.

جزئياً على نحو هذه النتيجة، بحلول عام 2020م، فإن تجنب القيمة النقدية للوفاة المبكرة باعتبارها نسبة مئوية من أسعار الكربون هي أربع مرات أو ست مرات أعلى في أوروبا، قياساً على ما كانت عليه في الصين أو الهند(33).

ويجب أن تغلق تلك الفجوة بمرور الزمن على النحو الذي تغلق فيه فجوة الدخل. أحد المفارقات هي أن مشاركة البلدان النامية قد تأخر، وإذا ما ثابرت دول منظمة التعاون الاقتصادي على تحقيق هدفها، واستمرت جهود التخفيف، فإن ضمانات تجنب الوفاة ستنتقل نحو الشمال، وإن المنافع النقدية من تأثيرات الضمانات الصحية ستزداد واقعاً!

 

عموماً فإن الاستنتاج، على أية حال، هو أن ضمانات المنافع الصحية قد تقوي حافز المشاركة للدول النامية مثل الصين. ولوضعها بشكل أفضل، يمكن للمرء أن يجادل بأن المكاسب أكبر بكثير على المدى القريب لبلدان منظمة التعاون الاقتصادي، وأن ضمانات المنافع قد تجعلها إلى حد كبير أكثر سخاءً في توفير التحويلات المالية.

المحدودية الأخرى لهذه النماذج هي اعتبار "الترغيب" (Carrots)، إلى حدٍ كبير، مقتصراً على التحويلات المالية أو التخصيصات غير المتناسبة لتصاريح الانبعاثات في نظام الحد الأقصى للتجارة. وفي الواقع يجري بحث وسائل الدفع المالي الأخرى التي قد تؤدي إلى "تحلية الوعاء" (Sweeten the pot).

فمن الممكن بناء نموذج يشمل على التجارة الدولية، الذي يمكن الدول المشاركة من الإمساك بجزء بسيط من المكاسب الخارجية من خلال تحسين الشروط التجارية (Cai et al. 2009)، أو نموذج يكون فيه الاتفاقية التجارية للحوافز-الكربونية صغيرة، ولكن مساهمتها إيجابية لخفض الانبعاثات (Dong and Whalley 2009).

 

وفي الواقع، لقد استُحثت روسيا للانضمام إلى بروتوكول كيوتو في جزء من تنازلات تخص عضويتها في منظمة التجارة العالمية.

ويمكن التشجيع على المشاركة [في التحالفات] من خلال الترتيبات المشتركة للبحث والتطوير، والتزامات تقاسم التكنولوجيا، والمساعدات المالية والتكنيكية للتكيف مع تغير المناخ. وأخيراً، عادة ما يفترض التحليل معرفتنا بتكاليف التخفيف، وأن دوال المنافع لا تتغير عبر الزمن.

فإذا كان بالإمكان مراجعة القرارات في المستقبل على أساس ورود معلومات جديدة، فإن المرونة الإضافية قد تجعل التعاون يبدو أكثر جاذبية الآن.

 

من ناحية أخرى، قد تكون نماذج التعاون متفائلة أكثر مما ينبغي. فيكون المعيار الافتراضي هو أن التكاليف الحدية بين أعضاء التحالف متساوية تماماً، مع عدم وجود أية تكاليف إدارية، أو التهرب من الدفع، أو حسم على التصاريح التجارية المتداولة، أو غيرها من العيوب الأخرى.

وقد أولت النماذج اهتماماً ضئيلاً للضغوط الاقتصادية السياسية المحلية، وإلى ما يُحتمل أن يكون مصدراً رئيسياً للمعارضة، وفقدان الوضع التنافسي في التجارة الدولية.

ففي الممارسة العملية، يجري البحث بنشاط في العديد من البلدان عن الإعفاءات أو التعامل بخصوصية مع القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة.

 

إن الاهتمام بالتنافسية لا يقتصر على دول الغرب فحسب، فالصين على وجه الخصوص تنظر باهتمام إلى كيفية تخفيف الآثار المترتبة على ضريبة الكربون على صادراتها (Laing et al. 2007).

والهند تشعر بالقلق فيما إذا أصبحت بائعاً دولياً للتصاريح، ورفعت من قيمة عملتها وفقدت قدرتها التنافسية – سلالة جديدة من المرض الهولندي! (انظر الفصل السابع).

بالإضافة إلى ذلك، فقد تم تقييد النمذجة على عدد صغير من البلدان أو المناطق، عادة ما تكون 12 منطقة أو بلد. وتشير نظرية التحالفات إلى أنه كلما كان عدد اللاعبين كبيراً، كانت حوافز التكسب كبيرة. فإذا كانت البيانات المتوافرة عند مستوى تفصيلي دقيق، أسفرت النماذج عن نتائج مشجعة.

 

وربما الأكثر أهمية هو أنه بإمكاننا أن نتوقع تكاليف عالمية صافية لعدة قرون قبل تمكننا من رؤية المنافع الصافية(34).

فهل من المنطق أن نتوقع من البلدان تضحية في استهلاكها خلال الخمسين سنة القادمة لغرض التمتع بمكاسب غير متيقنين من حدوثها في القرن المقبل وما بعده؟

وهل من المعقول ان نفترض أنه خلال هذه الفترة الطويلة من التضحية، ستُقدم بعض الدول على تحويل أموالٍ ومواردَ إلى بلدان أخرى لتأمين مشاركتها؟ بالتأكيد سيكون هذا أمراً غير مسبوق.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى