خواص ثدييات الصحراء
2013 دليل الصحارى
السير باتريك مور
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الحيوانات والطيور والحشرات علوم الأرض والجيولوجيا
تواجه الحيوانات في بيئة الصحراء القاسية ثلاث مشاكل رئيسة متبادلة هي: درجات الحرارة العالية، نقص الطعام، وفوق كل شيء، نقص المياه. وعلى الرغم من قسوة الصحراء البالغة فهي موطن لطائفة واسعة جداً من أنواع الحيوانات، بما فيها العديد من الثدييات.
وتشمل ثدييات الصحراء الكبيرة أنواعاً مثل الجمال, الحمير والماعز التي تم ترويضها أو تدجينها كلها، ولكن موطنها هو الصحراء أو شبه الصحراء. ويوجد هناك أيضاً الغزلان والبقر الوحشي العربي (Oryx Leucoryx) وهو نوع مهدد بالإنقراض.
وفي صحراء ناميب على السواحل الجنوبية لأفريقيا توجد كذلك الأفيال والزرافات. أما في استراليا فإن الأشياء مختلفة تماماً. والثدييات المشيمية مثل تلك التي تم وصفها غائبة ولا وجود لها، على الرغم من أن حيوانات الكنغر وهي من الجرابيات لديها نظام حياة مماثل للغزلان.
والحيوانات غير المستوطنة، مثل الجمال، تم احضارها الى الصحراء الأسترالية. وهذه كلها من النوع الذي يقتات بالأعشاب ويتغذى بنباتات الصحراء القليلة.
وتغيب الثدييات الضارية الكبيرة عادة عن الصحارى، على الرغم من أن صحارى ناميب وكالاهاري تعتبر استثناءاً حيث توجد فيها بعض الأسود وحيوانات ابن آوى.
وتشمل الثدييات الأصغر مجموعة متعددة من سناجب الأرض وفئران الكنغر والجرابيع والجرذان. وتوجد حيوانات لاحمة صغيرة بما في ذلك ثعلب الفنك الأفريقي الصغير في أفريقيا وشبه الجزيرة العربية وثعلب الفراء في أميركا الشمالية. كما يوجد حيوان الداصيور اللاحم الصغير في استراليا (Dasycercus Cristicauda).
– التكيف مع الحرارة: تتغلب الحيوانات من مختلف الأحجام على درجات الحرارة العالية بطرق مختلفة. وليس في وسع الثدييات الكبيرة تفادي حرارة الشمس نظراً لعدم وجود ظل في الواقع. ولدى معظم الثدييات طبقة سميكة من الشَّعر على السطح الأعلى من جسمها وتعزل تلك الطبقة الأنسجة الواقعة تحت السطح وتُبقيها باردة بشكل نسبي.
وقد تصل حرارة الشعر الخارجي الى درجات عالية: وتم تسجيل 70 درجة مئوية على الجزء الخارجي للجمل، فيما ظلت درجة حرارة جسمه في حدود 40 مئوية. كما أن الطبقة ذات اللون الفاتح تساعد على عكس بعض من حرارة الشمس. وفيما يكون السطح الأعلى من جسم الحيوان منعزلاً بشكل جيد، فإن السطح الأدنى – الذي يكون في الظل – غالباً ما يكون عارياً تقريباً بحيث يتم فقدان الحرارة بسهولة.
ويسمح التكيف الفيزيولوجي للعديد من الثدييات الكبيرة بتحمل زيادة في درجة حرارة الجسم. والثدييات والطيور من الأنواع التي تحتفظ بحرارة جسم ثابتة. غير أن بوسع البعض من الحيوانات التكيف مع الحرارة من خلال قدرتها على تحمل ارتفاع درجة الحرارة.
وتستطيع هذه الحيوانات حفظ الماء الذي كان سيفقد عبر التعرق أو اللهاث. وعلى سبيل المثال، قد تتغير درجة حرارة جسم الجمل بأكثر من 22 درجة مئوية في يوم واحد.
ويسمح الجمل خلال الليل البارد لحرارة جسمه بالإنخفاض الى ما دون المعدل العادي، وأثناء النهار تدفىء الشمس الجمل بشكل تتجاوز فيه الحرارة المعدل العادي لتصل الى 41 درجة مئوية.
تعالج الثدييات الصغيرة في الصحراء مشكلة الحرارة من خلال تجنبها. وهي تمضي النهار عادة تحت سطح الأرض وفي داخل جحور ثم تظهر أثناء الليل عندما يكون الجو أكثر برودة. ولا يظهر سوى القليل فقط من الأنواع ولفترة قصيرة خلال النهار وذلك قبل العودة الى الجحور للحصول على البرودة.
ويستخدم سنجاب الأرض الأفريقي ذيله الكث على شكل مظلة عندما يطوف خلال النهار. وليس لقوارض الصحراء غدد تَعرُّق. وفي أوقات الحرارة الشديدة تجعل لعابها يسيل الى داخل حنجرتها لتبرد نفسها.
– حفظ الماء: باستثناء الواحات، يتوافر القليل من ماء الشرب لثدييات الصحراء. وعلى أي حال، وعندما تتمكن من الوصول الى الماء فإن الجمال والحمير تستطيع شرب كميات كبيرة منه تصل الى ما بين 20 الى 25 في المئة من وزن جسمها خلال عدة دقائق.
وتقوم الثدييات الكبيرة بحفر ثقوب في قاع الأنهار الجافة من أجل الوصول الى مصادر الماء تحت السطح. ويلعق الكثير من الحيوانات أو يمتص الندى والضباب اللذين يتكثّفا على النباتات.
الكثير من الماء الذي تشربه حيوانات الصحراء يأتي من طعامها. وتقوم الثدييات الصغيرة آكلة البذور بتخزين طعامها في جحورها. وعندما تتنفس الحيوانات فإنها تطلق بخار ماء يعمل على ترطيب الهواء في الجُحر.
وتمتص البذور بعدئذ هذه الرطوبة التي ترجع في نهاية المطاف الى الثدييات حين تتناول تلك البذور. وتقوم الحيوانات اللاحمة وآكلات الحشرات بتغطية احتياجاتها من الماء عبر سوائل جسم فرائسها.
الماء مهم جداً كمادة مبرّدة، ولكنه حيوي أيضاً من أجل استمرار تركيز سوائل الجسم وبالتالي فهذه الآلية تسمح بارتفاع درجة الحرارة، والتي تخفّض الحاجة الى التعرق. غير أن الماء يُفقد أيضاً مع الفضلات المتحللة، في البول.
وتعمل الكلية على مراقبة كمية الماء في جسم الحيوان. وفي ثدييات الصحراء، وخاصة في الأجناس الأصغر حجماً، تتوسع منطقة الكِلْية حيث يُعاد امتصاص الماء من البول. ويسمح ذلك لهذه الحيوانات بانتاج بول مركّز جداً يمكّنها من الحفاظ على الماء.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]