خوّاص السيليكون وجهاز “ترانزستورات تأثير الحقل المشوه”
2013 الرمل والسيليكون
دنيس ماكوان
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
على مدار أربعة عقود، تبعت زيادات كثافة الجذاذة قانون مور (Moore) الذي يتنبأ أن الصناعة يمكن أن تُضاعف عدد الترانزستورات في جذاذة الحاسوب كل ثمانية عشر شهر، ويمكن أن تحتوي جذاذة حاسوب من شركة إنتل ما ينوف عن مليار ترانزستور على بلورة سيليكون بأبعاد طابع بريدي، وهذا ما يساوي سدس عدد سكان العالم.
وإذا ما استمرت الصناعة في الامتثال لقانون مور خلال حوالي ست سنوات أخرى، فإن عدد الترانزستورات على جذاذة وحيدة سيكون عندها مساوياً لسكان العالم.
ما هي القيود القصوى على أبعاد ترانزستور تأثير الحقل؟ يظهر في الأفق عدد من التحديات التي تُصبح أكثر تهبيطاً للهمة كلما أصبحت الأجهزة أصغر، ويبحث علماء المواد عن طرائق لتحسين الأداء دون الاعتماد فقط على تصغير أبعاد ترانزستورات تأثير الحقل المنفردة.
يتمتع السيليكون بعدة خصائص ذاتية تتحكم بسرعة (حركية) الإلكترونات والثقوب في البلورة، وتتمثل واحدة من طرائق زيادة حركية الإلكترونات في تغيير تناظر بنية بلورة السيليكون في المنطقة الفاعلة لترانزستور تأثير الحقل، فتخفيض تناظر السيليكون يزيد الحركية في بعض الاتجاهات.
يتمتع السيليكون ببنية مكعبة، ويؤدي ذلك إلى أن فجوة حزام الطاقة بين حزام التكافؤ وحزام النقل تكون نفسها وفق اتجاهات المكعب الثلاث، وإذا تعرضت البلورة للضغط وفق أحد الاتجاهات أو بدلاً عن ذلك للاستطالة وفق اتجاهين، فإن فجوات حزام الطاقة لا تبقى نفسها في كل اتجاه وتزداد حركية الالكترونات في الاتجاه العمودي على محور الضغط.
وإذا كان يمكن إيجاد طريقة لتحقيق ذلك في المساحة الفاعلة من ترانزستور تأثير الحقل أو وصلة ترانزستور، فإن الحركية، وبالتالي أداء الجهاز يزدادان.
العامل الآخر الذي يؤثر على حركية الإلكترونات والثقوب هو وجود ذرات عنصر الإشابة، فهذه الذرات تحتل في البنية البلورية مواقع تحتلها عادة ذرات السيليكون، وحسب كون المنطقة الفاعلة مُشابة من نوع n أو p، تمتلك ذرات عنصر الإشابة شحنة نووية أكبر أو أصغر من ذرة السيليكون.
ويؤدي ذلك إلى تغيرات موضعية للفولطية الكهربائية التي تتعرض لها الإلكترونات أو الثقوب عندما تتحرك عبر البلورة وإلى التأثير بدوره على حركيتها. وإذا ما أُدخلت ذرات عنصر الإشابة في أغشية مُنَمّاة على أي من جانبي المنطقة الفاعلة، فإن أجهزة الإشابة ستستمر في تزويد المنطقة الفاعلة بالإلكترونات أو الثقوب الزائدة اللازمة للنقل، لكن، وبما أن نوى ذرات عنصر الإشابة لن تُعيق، فإن الحركية تزداد. تسمى هذه التكنولوجيا بالإشابة المعدلة.
يسمى تخفيض تناظر السيليكون في المنطقة الفاعلة في ترانزستور تأثير الحقل بهندسة التشويه [هندسة التشوه أو الانفعال] ومن تطبيقاتها ترانزستورات تأثير الحقل المشوه سيليكون- معدن- أوكسيد نصف ناقل التي تدخل في أحدث معالجات شركة إنتل.
يبين الشكل 1.6 هذا الجهاز (Mohta and Thompson 2005) حيث استُبدِل المخزن والمصرف، اللذان يتألفان من السيليكون نوع n في ترانزستورات تأثير الحقل العادية، بسبيكة سيليكون- جرمانيوم.
ينبغي تنمية سبيكة السيليكون- جرمانيوم على شكل بلورة مثالية تقريباً تتحاذى مع السيليكون تحتها. وإذا كان هناك عدد كبير من العيوب، فإن أداء الجهاز يتدهور. يُنزع السيليكون خلال التصنيع في هذه المناطق بواسطة الحفر، وتُنمّى فيها بعد ذلك بلورات سبيكة السيليكون- جرمانيوم.
لمّا كانت وحدة الخلية لسبيكة السيليكون- جرمانيوم أكبر من خلية السيليكون، فإن ذلك يؤدي إلى انضغاط السيليكون بين المخزن والمصرف وإلى ازدياد حركية الإلكترونات بفعل التشوه. وبالاعتماد على التحكم بنمو السيليكون- جرمانيوم طبقة طبقة، يمكن ضبط التشوه والتركيب الكيميائي من أجل تحسين أداء ترانزستورات تأثير الحقل FET بشكلٍ كبير دون تصغير أبعاد المكونات.
لا يمكن للمرء إلا التعجب أمام درجة تعقيد هذه العملية، فهناك أولاً القدرة على تنمية بلورة أحادية من نوع واحد من المادة، أي سبيكة السيليكون- جرمانيوم في هذه الحالة، مطمورة داخل بلورة أحادية لمادة أخرى هي السيليكون.
وهناك ثانياً ملاحظة أن هذه التكنولوجيا قد أُدخلت أولاً عندما تحقق تخفيض المسافة بين المخزن والمصرف حتى 90 نانومتر، أي ألف مرة أصغر من قطر شعرة الإنسان. علينا أيضاً ألا ننسى أن هذه العملية تتكرر في ملايين ترانزستورات تأثير الحقل FET على نفس الجذاذة، وهذا ما يعتبر إنجازاً تصنيعياً ملفتاً.
علاوة على ترانزستورات تأثير الحقل FET تحت التشوه، هناك ترانزستورات الوصلة ثنائية القطبية تحت التشوه التي تُستعمل في الهواتف المحمولة. وفي هذه الحالة الأخيرة، يُصنَّع المُرسل والقاعدة والمًجمِّع من السيليكون نوع n ونوع p ونوع n على التوالي لتشكيل ترانزستور وصلة n-p-n (أو ترانزستور وصلة p-n-p).
يتحسن أداء ترانزستور وصلة n-p-n إذا استُبدِلت المنطقة نوع p بطبقة رقيقة من السيليكون-جرمانيوم كما يبين أعلى الشكل 1.6. تسمى الوصلات n-p و p-n القائمة بين مواد مختلفة بالبنى غير المتجانسة (Hetero-structures) أو بالوصلات الهجينة (Hetero-Junctions)، كما تسمى الترانزستورات الناتجة عنها بالترانزستورات ثنائية القطبية هجينة البنية أو HBT.
وكما هو الحال في ترانزستور تأثير الحقل FET أعلاه، يُنمّى غشاء من السيليكون- جرمانيوم بواسطة تكنولوجيا البناء المُنضَّد بين طبقات السيليكون بحيث يكون تحت التشوه وتتحسن حركية الإلكترونات. علاوة على ذلك، يُغَيّر التركيب الكيميائي للجرمانيوم عبر المنطقة الفاعلة من المُرسل إلى المُجمِّع. وبالنتيجة، تتغير طاقة أسفل حزام النقل وهذا ما يوجه الحوامل القليلة عبر منطقة القاعدة. إن كل هذه التأثيرات تزيد التواتر الأعظمي الذي يمكن أن يعمل عنده الجهاز.
قاد التوسع السريع للهواتف المحمولة والصناعات اللاسلكية الأخرى إلى زيادة أداء الترانزستورات ثنائية القطبية هجينة البنية HBT وإلى التشغيل عند تواترات أعلى وأعلى. وتعتبر التنافسية حادة إلى درجة أن أول ترانزستور ثنائي القطبية هجين البنية HBT ناجح قد عُرض من قِبَل ثلاث مجموعات مختلفة في نفس الشهر، كانون الأول 1987 (Patton et al. 1988; Temkin et al. 1988; and et al. 1988) Xu.
منذ ذلك الوقت، ظهرت عدة أجيال من الترانزستورات ثنائية القطبية هجينة البنية HBT مع سماكة متناقصة لغشاء سيليكون-جرمانيوم (0.25 و 0.18 و 0.12 ميكرون) وترددات قطع أعظمية موافقة أعلى (50 و 120 و 210 غيغا هرتز). وتقع تطبيقات هذه الأجهزة على السواء في السماعات والمحطات الأساسية للهواتف المحمولة وفي عدد من الأنظمة اللاسلكية الأخرى (Cressler and Niu 2003).
تعتبر هذه الأجهزة نتيجة لازدهار علم السطوح الذي حدث خلال الربع الأخير من القرن العشرين حيث تم تطوير تقنيات سطوح محساسة مختلفة مكَّنت من فهم كيفية تنمية المواد طبقة ذرية بعد الأخرى. ونشهد اليوم مزيجاً هجائياً من تقنيات تنمية بناء مُنضَّد لأغشية بلورات أحادية من مادة على بلورة أحادية لمادة أخرى (يتمتع غشاء بناء مُنضَّد بنفس التوجيه البلوري للبلورة أو القاعدة الحاملة ويُشتَق تعبير البناء المُنضَّد (Epitaxial) [بالإنجليزية] من التعبيرين اليونانيين "فوق" epi و"مُنظّم" taxi).
وتحمل هذه التقنيات أسماء مثل البناء المُنضَّد في الطور السائل (LPE) والبناء المُنضَّد في الطور الغازي (VPE) والبناء المُنضَّد في الطور الغازي المعدني- العضوي (MOVPE) والبناء المُنضَّد بواسطة حزمة جزيئية (MBE) بين تقنيات أخرى.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]