دراسات “دوغلاس” حول الكانولا والذرة المهندستين وراثياً
2014 البذور والعلم والصراع
أبي ج . كينشي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
واقعاً، وخلافاً للدراسات الحالة الأنثروبولوجية التي أجرتها دوغلاس، فإن السياقات الثقافية حيث تصبح ذات معنىً اجتماعي، الجينات الناشزة لا تكون مجتمعات مغلقة بحدود واضحة. وهدفي ليس دراسة الحالات [الاجتماعية] في عزلة بغية استخلاص المتغيرات المستقلّة، وإصدار التعميمات فحسب.
أنا مهتمة بحقيقة مفادها أن الأمثلة التي أدرسها (التي حدثت في بلدين مختلفين) هي ليست منفصلة عن بعضها البعض. فلقد ارتبط النشطاء المناهضون للتكنولوجيا الحيوية في جميع أنحاء العالم [ببعضهم] عبر شبكات الدفاع عن الحقوق (Advocacy Networks) العابرة للحدود الوطنية، وتشاركوا في تبادل الموارد التنظيمية.
علاوةً على ذلك، لقد أنشأوا [قاعدة بيانات لـ] معرفة علمية بخصوص تدفق التحوير مشتركة عالمياً، وأصبحت مصدراً حيوياً لأولئك المعترضين ضد المحاصيل المهندسة وراثياً، وأولئك المنادين دفاعاً عن التكنولوجيا الحيوية. أخيراً، فإن السياسات الوطنية ذاتها تتأثر بالعلاقات التجارية الدولية، والمعاهدات والقوانين.
لعلّه أبعد ما يكون [عن الواقع] عزل تلك الحالات عن بعضها و[حصرها] بالحدود الوطنية، لأن السياسات في كل حالة من الحالات المتعلقة بالجينات الناشزة تتأثر بشكل ملحوظ بسياسات وأنظمة الجهات العالمية المهيمنة(20).
فطابع النقاش في كل حالة يتأثّر بصورة كبيرة بموقع كل مجموعة زراعية منتجة في سلسلة السلع الغذائية العالمية. وعليه فإن فهم هذه النظم العالمية هو أمرٌ ضروري بمحاولة استخلاص معنىً للجدل فائق السخونة حول الهندسة الوراثية وللردود المثيرة للجدل التي انبثقت في أنحاء مختلفة من العالم.
لقد قمتُ بجمع البيانات حول صراعات الذرة والكانولا المعدلتين وراثياً من خلال المقابلات، وملاحظات المشاركين، والبحوث المؤرشفة وتحليلات الوثائق المنشورة (مثل الوثائق القانونية وأوراق البحوث العلمية ومقالات الصحف والمواقع الإلكترونية الخاصة بالنشطاء).
لقد قابلت ما يقارب ثمانين شخصاً، كل واحد منهم على انفراد، وهم ممثلون عن منظمات أهلية اجتماعية، وباحثون علميون (نقاد ومؤيدون لحسم الأمر لصالح الهندسة الوراثية)، وباحثون علميون مستقلون ناشطون، وممثلون عن الوكالات الناظمة المكسيكية والكندية، ومنتجو الذرة المكسيكية [العضوية]، ومزارعو [المحاصيل] العضوية الكنديين، وممثلون عن صناعات التكنولوجيا الحيوية والكانولا(21).
ولقد أجريت تلك المقابلات [باستخدامي] اللغتين الإنجليزية والإسبانية. واستمرت كل مقابلة بصورة عامة ما بين ساعة إلى ساعتين، كنتُ فيها أسجل [ملاحظاتي] وأحولها إلى نصوص مكتوبة. وعلى الرغم من أن كل من هذه المقابلات شكّلت عندي تصوراً لفهم هذه الحالات، أنا لم أحاول أن أعيد اقتباسها في هذا الكتاب.
وعوضاً عن ذلك عملتُ على استخدام استخلاص مزيج من المعلومات التي جمعتها من الذين قابلتهم ومن الوثائق ومن مصادر ثانوية أخرى، وذلك لإعادة رسم هيكلية تاريخية لكل حالة بحالة. وحين أستشهد بشئ من [حديث] ممن قابلتهم أخفي هوياتهم حرصاً على حماية سريّتهم وخصوصيتهم. لكنني في بعض الحالات القليلة جداً والتي تكون فيه الأرقام [المعلومة] محورية جداً في الصراع، قمتُ باستخدام الأسماء الحقيقة، إذ كانت لمخبري معلومات وبإذنٍ منهم.
في المكسيك استغرق عملي الميداني من أيلول/ سبتمبر 2005م حتى نيسان/ أبريل 2006م. ففي مدينة مكسيكو وأواكساكا قابلتُ نشطاء ومزارعين ومثقفين وباحثين ومربي بذور زراعية وموظفي دولة رسميين شاركوا في النقاشات المتعلقة بتدفق تحوير الذرة.
كما أنني أيضاً تعلمت فحوى الجدل المحيط بالذرة [المكسيكية] المهندسة وراثياً من ملاحظات المشاركين والعاملين كمتطوّعين في المنظمات البيئية الصغيرة في مدينة مكسيكو، وحضرتُ طائفة واسعة من الاجتماعات وورش العمل في مدينتي مكسيكو وأواكساكا.
وقد تراوح تنظيم هذه [الاجتماعات والورش] المتخصصة في مجال التكنولوجيا الحيوية وحماية التنوّع البيولوجي، ما بين الوكالة البيئية الحكومية المكسيكية(Mexican Government’s Environmental Agency) ووزارة البيئة والموارد الطبيعية(Secretaría De Medio Ambiente y Recursos Naturales: SEMARNAT) كما تراوحت مواصيعها من التكنولوجيا الحيوية إلى التنوع الحيوي، وإلى المنتدى الوطني للمنظمات الريفية المشاركة في "شبكة للدفاع عن الذرة" المكسيكية.
الجزء الأكبر من البيانات التي تم جمعها حول صراعات الكانولا الكندية كانت في تموز/ يوليو 2006م بمدينة ساسكاتشوان. فقد أجريت مقابلات مع الجهات الفاعلة الاساسية في دعوتين قضائيتين تعلقا بشكل مركزي بتدفّق التحوير في مدينة ساسكاتشوان. كما أجريت مقابلات مع العديد من ممثلي الصناعة التكنولوجيا الحيوية وصُنّاع [زيوت] الكانولا والمجلس الكندي للقمح وعدد قليل من الموظفين الرسميين والعلميين أصحاب وجهات النظر المختلفة بهذا الموضوع.
ولفترة وجيزة أحسست أني أصبحت مراقباً مشاركاً في شبكة مزارعي المحاصيل العضوية، من خلال تواجدي في يومين ميدانيين [مزارع] العضوية وهما انشطة يقوم خلالها المزارعين بزيارة المزارع العضوية في مناطقهم ليتعلم الواحد من الآخر ماهية التكنولوجيات التي يستخدمونها وما هي المشاكل التي تواجههم. في نهاية المطاف، وحيث كنتُ أجمع الوثائق القانونية المتصللة [مباشرة] باثنتين من الدعاوى القضائية اللتين كانتا في قلب الصراع الدائر حول الكانولا المهندسة وراثياً وأُحللُها.
وبعد الانتهاء من عملي الميداني وإنجازه كاملاً، واصلت متابعة الجدل الحاصل حول الكانولا والذرة المهندستين وراثياً من خلال [ما يصلني من] قائمة البريد الإلكتروني للنشطاء، والتغطية الإعلامية والاتصالات الدورية مع مقدمي المعلومات الرئيسيين.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]