البيولوجيا وعلوم الحياة

دراسة شبكة “الحصيرة”: كيفية إجراؤها ونتائجها

2014 البذور والعلم والصراع

أبي ج . كينشي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

البيولوجيا وعلوم الحياة

لقد تحدثتُ إلى تنوع من الأشخاص الذين عملوا مع منظمات صغيرة كانت أهدافها تنحصر بمساعدة المجتمعات الريفية على تحسين سبل معيشتهم الزراعية، وسألت كيف تمكّنوا من شرح قضية المحاصيل المحورة وراثياً للمزارعين.

فالعديدين منهم استخدموا مواد تعليمية مثل الرسومات التخطيطية والرسوم البيانية لوصف الخلايا النباتية وكيف يتمّ بداخلها تقسيم الحامض النووي المترابط المنزوع منه الأوكسجين «الدنا» (DNA).

وفي ذات الوقت، سلّط هؤلاء المعلمون الضوء على الذين هم على مستوى عالٍ من الخبرة التي يمتلكها هؤلاء المزارعون بما يتعلّق بالذرة التي يزرعونها، مستخدمين أحياناً عبارة «علم المزارعين» (Campesino Science) (Marielle and Peralta 2007)، إذ أشاروا إلى أن منتجي الذرة يعرفون الكثير عن الذرة أكثر مما يعرفون هم [المعلمون]، وعليه فإن الشعور بأن منتجي الذرة هم في الحقيقة «خبراء الذرة» قد انتشر بشكل واسع في حركة الذرة المكسيكية، مما عكس الجهد المبذول لوضع المعرفة المحلية [حول الذرة] بالمساواة مع المعرفة العلمية.

 

بالنسبة للدراسة، جمع المنسّقون والمشاركون الريفيون عينات لألفي نبتة من 138 تجمعاً سكنياً في كل أنحاء المكسيك، وقد أُجري تحليلها باستخدام معدّات تجارية مصنوعة من قِبل شركة أكاديا لخدمات الاختبار (Agdia Testing Services) التي مقرّها الولايات المتحدة الأميركية ولها مكاتب في جميع أنحاء العالم، منها ثلاثة مختبرات في المكسيك.

والفحص الذي تستخدمه يتم من خلال استخدام تلك الأدوات للكشف عن البروتينات المرتبطة بالمحاصيل المحوّرة وراثياً بوجه خاص والمتوفرة لأغراض تجارية.

 بعض هذه الفحوصات الأولى التي أُجريت في تلك التجمعات [التي أُخذت منها العينات] ذاتها بمساعدة تكنولوجية وفّرها علميو أحياء لم يُكشف عن أسمائهم في الجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك (ETC Group 23003).

والمنظمات غير الحكومية التي نسقت الدراسة، أعربت أن العلميين قد ساعدوا في جوانب معينة، ولكنهم طلبوا عدم ذكر أسمائهم. وكما نقل منسق دراسة «الحصيرة» الذي ذكر كلامه سابقاً (Mexico City, December 9, 2005)شارك بعض العلميين في مساعدتنا، أوصلوا لنا تلميحات حول المناقشات التي تجري في الأوساط العلمية… ولكن علينا حمايتهم، لأنهم لا بدّ لهم من كسب لقمة عيشهم.  فهناك بعضٌ من هؤلاء العلميين الذين قرّروا التعبير عن مواقفهم تم إقصاؤهم عن وظائفهم ويعانون القمع.

 

في وقت لاحق، انتقل النشطاء إلى إرسال العينات لغرض تحليلها في إحدى المختبرات التجارية في المكسيك التي تستخدم نفس أدوات الاختبار.

كشف واحد من تحليل العينات وجود الجينات المحوّرة في النباتات التي تنمو في ثلاثة وثلاثين تجمع سكاني منتشرة في تسع مقاطعات (ETC Group 2003). أما الدراسة التي كانت قد أُجريت من قبل كويست وتشابيلا مع الدراسات التي أجرتها وكالات الحكومة المكسيكية فقد ركّزت فقط على منطقة صغيرة في مقاطعة أواكساكا، فضلاً عن عدد من التجمّعات السكانية في مقاطعة بيبلا، وعليه فهذه كانت المرة الأولى التي يشار فيها إلى أن التدفّق الكبير للتحوير الوراثي في المكسيك كان على نطاق جغرافي كبير.

كانت الجينات المحورة وراثياً، التي اكتشفت، هي تلك المطورة والتي تقع ضمن وبراءة الاختراع المقدّمة من قِبل شركة مونسانتو وشركة نوفارتيس (Novartis) وغيرها من شركات التكنولوجيا الحيوية، [وكُلّها مسائل مقلقة].

لكن لربما من الأمور الأكثر مدعاة للقلق كان اكتشاف وجود جين «ستارلنك» (StarLink) الذي لم يرخّص لغرض الاستهلاك البشري(6). وحين تمّ جمع نتائج الجولة الأولى للتجارب التي باشرها النشطاء لعينات من الذرة، أصدرت المنظمات المعنية بياناً صحفياً بخمس صفحات، شرحت فيه تفاصيل بحثها وعرضت النتائج التي توصلت إليها في مؤتمر صحفي.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر عام 2003م، نشرت النتائج في صحيفتين كبيرتين، على الأقل، في مدينة مكسيكو لاجورنادا (La Jornada) واليونيفرسال (El Universal)، وكذلك في  وكالة أنباء رويترز الناطقة باللغة الإسبانية (Reuters 2003; Efe News Services 2003; Perez 2002)

 

كما قامت تلك المنظمات التي أدارت الدراسة بطباعة نتائج الدراسة على ملصقات جدارية تم توزيعها على المجتمعات الريفية. كما أعلنت المنظمات غير الحكومية تلك النتائج بصورة دولية وعمّمتها برسالة مفتوحة إلى الحكومة المكسيكية والمجتمع الدولي، مطالبين فيها اتخاذ إجراءات  فورية لمعالجة التلوّث على نطاق واسع. وقد وقّعت هذه الرسالة المئات من المنظمات على الصعيد العالمي.  

في مقابلات مع الأكاديميين وعلميي الدولة حول الجدل الحاصل بشأن الذرة المهندسة وراثياً، سألتهم، كيف تنظرون للمنظمات غير الحكومية التي قادت هذه الدراسة؟ كان جوابهم دائماً، نحتاج إلى معرفة المزيد عن ما إذا كانت منهجيتهم صحيحة أم لا، من أجل إعطاء مصداقية لصحة نتائجهم.

وليس من غير المعهود أن يستخدم العلميون المختبرات التجارية لتحليل عينات النباتات؛ فالعلميون كانوا يستخدمون مختبرات (Genetic ID) في بحوثهم المراجعة من أنداد حول جينات الذرة المحورة وراثياً (Ortiz-García et al. 2005).

 

لكن بعض العلميين، التي استخدمتهم الدراسة أشاروا إلى أوجه قصور في أدوات الاختبار، وشكّكوا في استخدام هذه المختبرات المعنية. فعلى سبيل المثال، واحدة من العلميات العاملات في وكالة حكومية، قالت إنها لا علم لها بهذه المختبرات، ولا يمكنها أن تكون متيقّنة إن كانت تلك الدراسة قد أجريت بصرامة علمية (Regulatory Official, Mexico City, November 7, 2005).

وباحثٌ حكومي آخر قدّم نفس الملاحظات شارحاً «أنا لا أُريد أن أقول إنه في المختبرات المعتمدة تجري الأمور كلها بصورة كاملة، فتلك المختبرات لديها مشاكلها أيضاً، ولكن احتمال وجود نتائج خاطئة تكون أقل في المختبرات المعتمدة… فالعمل الذي قامت به منظمات المجتمع المدني عملٌ قيم، لكن ما يقلقني هو أنهم قد اتخذوا قرارهم بناءً على أساس تلك النتائج التي قد لا تكون صلبة جداً»(Government Reseracher, Mexico City, November 3, 2005).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى