التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

دور استخدام الحاسب الإلكتروني في مجال البنوك والشركات

1995 الحاسوب والقانون

الدكتور محمد المرسي زهرة

KFAS

استخدام الحاسب الإلكتروني الحاسب الإلكتروني في مجال البنوك التكنولوجيا والعلوم التطبيقية الحواسيب، الانترنت والأنظمة

انطلاقاً من فكرة توفير الوقت والجهد والنفقات اتجهت البنوك وبعض الشركات والمؤسسات الكبرى إلى تطوير بعض وسائل الوفاء ، أو السحب ، وتحويل ونقل الحسابات البنكية .

 

أولاً: التحويل الممغنط

والمقصود – هنا – أوامر التحويل ، سواء من بنك لآخر ، أو من شركة إلى بنك .  وتصدر هذه الأوامر على شكل معلومات مسجلة على شريط ممغنط بعد معالجتها معالجة إلكترونية بالحاسب . 

وهو مظهر من مظاهر تعميم تبادل المعلومات على أشرطة ممغنطة بين البنوك ، أو بين البنوك والشركات ، وذلك بدلاً من الطريقة التقلدية وهي تبادل المستندات الورقية . 

ولا ريب في أن الطريقة الجديدة أسرع وأقل تكلفة خصوصاً في ظل الارتفاع الجنوني للاسعار العالمية للورق في السنوات الاخيرة .

وهكذا يمكن – من الناحية العملية – عن طريق الاشرطة الممغنطة تحويل المرتبات والمعاشات الخاصة ببعض الموظفين على البنوك، أو تسوية بعض المعاملات التي تتم بواسطة عملاء البنك كالوفاء بثمن بعض المشتريات ، أو دفع مقابل النزول في أحد الفنادق .

 

ويتحقق ذلك عملاً بقيام إحدى الشركات مثلاً بإعداد البيانات الخاصة بدفع مرتبات موظفيها ؛ وبعد تغذية الحاسب الآلي بهذه البيانات أو المعطيات ، تتم معالجتها معالجة إلكترونية ، ثم تظهر على الشرطي الممغنط كافة أوامر الوفاء التي يجيب القيام بها . 

كما يجب ، ايضاً تحديد المعلومات البنكية الخاصة بالموظفين المراد تحويل مرتباتهم على البنك التي تتعامل معه الشركة التي يتبعها هؤلاء الموظفون . 

وأخيراً تقوم الشركة بإرسال هذا الشريط إلى البنك ليقوم بصرف رواتب الموظفين – ومن البديهي – أن تكون للشركة لدى البنك أموالاً تكفي لتغطية كافة أوامر الوفاء .

وهكذا يبدو اكثر سهولة للطرفين – البنك والشركة – إرسال الشريط الممغنط ذاته إلى البنك ليقوم بتنفيذ الأوامر التي يتضمنها ، بدلاً من كتابة شيك لكل موظف ؛ وبذلك يمكن للشركة أن تدير خزينتها بطريقة أفضل.

 

كما يستطيع البنك أن يؤدي عمله بطريقة أسهل لوجود كافة البيانات على الشريط ذاته ، ولا يبقى أما البنك الرئيسي سوى القيام بعملية "تصنيف" على الحاسوب للتحويلات المرسلة إليه، ثم القيام بإرسال م يخص كل "فرع" لصرف مرتبات الموظفين.

وهكذا يتجه الواقع ، بعد إدخال الحاسوب الإلكتروني ، إلى تجريد وسائل الدفع ، أي تحويلها إلى وسائل غير مادية وغير ملموسة : فالمعلومات يتم تسجيلها – بدءاً – على شريط ممغنط ، ثم يتم تحويلها إلى البنك على شريط ممغنط أيضاً ؛ ثم يقوم البنك بوساطة الحاسب الإلكتروني بقراءة المعلومات التي يتضمنها الشريط.

وأخيراً يقوم البنك من خلال الحاسب ايضاً ، بإعطاء أوامر إلى الفروع التابعة له بتغطية التحويلات التي يتضمنها الشريط الممغنط .

ويلاحظ – هنا – أنه ابتداء من التعليمات والأوامر الصادرة من الشركة ، مروراً بتحويلها إلى البنك ، وانتهاء بأوامر البنك الرئيس إلى فروعه بتسوية روابت الموظفين ، لا توجد "كتابة" بالمعنى التقليدي المقصود من الإثبات ؛ وسيؤدي ذلك إلى حتماً إلى خلق مشاكل قانونية في الإثبات إذا ما أثير نزاع بصدد هذه المعاملات ؛ ولذلك فإن أغلب البنوك تتطلب – دائماً – مستنداً كتابياً بالإضافة إلى الشريط الممغنط ؛ ويشمل هذا المستند الورقي المبالغ الإجمالي التي يتمضنها الشريط المغنط ، مع توقيع أحد المسئولين في البنك . 

 

لكن هذا المستند يصعب عملياً قبوله في الإثبات لأنه لا يتضمن كافة التفاصيل المذكورة على الشريط الممغنط ؛ وتبدو فائدته فقط في أن يسمح للبنك بمقارنة المبالغ المذكورة على الشريط.

وقد افترضنا في المثال السابق ؛ أن الشركة هي التي أرسلت الشريط الممغنط إلى البنك ليقوم هذا الأخير بتسوية أوامر الوفاء التي يحتويها ، وبالمقابل يمكن للبنك أيضاً بعد القيام بالمهمة الموكولة إليه ، أن يرسل للشركة شريطاً ممغنطاً موضحاً أوامر الوفاء التي قام بها لحسابها ، وهو ما يسمى في فرنسا بالمستند العام للوفاء. 

وهو وسيلة جديدة للوفاء نشأت – في فرنسا – ابتداء من أول سبتمبر 1976 لمنافسة الحوالات والشيكات البريدية.

وهكذا أصبح أمام الأفراد في فرنسا ، ابتداء من سبتمبر 1976، خياران : الحوالة البريدية أو الطريقة الجديدة T.U.P للوفاء بما عليهم من مستحقات لبعض الشركات ، مثل شركات التأمين ، والمياه ، والكهرباء ، والغاز وغيرها . 

 

وتتمثل هذه الطريقة الجديدة في مستند يُعشده الدائن (الشركة) مقدماً ويضعه تحت تصرف العميل (المدين) .  وليس على هذا الأخير سوى توقيع المستند وإرساله مباشرة إلى البنك الذي يحدده الدائن . 

وهو مستند مبسط ومُعد بطريقة يمكن معها قراءته بوساطة الحاسب (إلكترونياً) .  الأمر الذي يساعد في النهاية على سرعة إنجاز المعاملات . 

ويتم في النهاية تجميع هذه المستندات ، وتسجل بوساطة الحاسب ، على شريط ممغنط يتضمن المعلومات الخاصة بالمستندات التي أرسلت وتم تحصيلها لحساب الشركة المصدرة للسند . 

ثم يُرسل هذا الشريط إلى الشركة المستفيدة ، التي تستخدمه بدورها في تسوية وضع عملائها .

 

ثانياً: بطاقات السحب الآلي:

يحدث الوفاء بين الأفراد ، أو بين الأفراد والبنوك ، أو بين البنوك بعضها بالبعض الآخر بأوراق البنك نوت او الشيكات وغيرها من الأوراق التجارية . 

ولهذا كان طبيعياً أن تكون الأحكام التي وضعها القانون للوفاء من حيث طرقه وآثاره وإثباته تقوم – اصلاً – على هذا الاساس : فالوفاء يتم بالعملة المستخدمة أو الشيكات .

لكن أدوات الوفاء قد شهدت ، في الواقع – تطوراً ملحوظاً في العقدين الأخيرين من هذا القرن ، وذلك بظهور ما يسمى بالوفاء الإلكتروني. 

أو – بعبارة أخرى – الوفاء بالبطاقات. وعن طريق هذه البطاقات يستطيع حاملها الحصول على ما يحتاج من سلع وخدمات ، والاكتفاء بتقديم البطاقة إلى من يتعامل معه دون أن يكون مضطراً إلى الوفاء بثمنها فوراً نقداً أو بشيك .

والحقيقة أن لمثل هذه البطاقات أغراضاً متعددة:  فهي تارة تستخدم من قبل حاملها للوفاء بثمن السلع والخدمات التي يحصل عليها ، وتارة أخرى أداة لسحب النقود نم الموزع الآلي، وتارة ثالثة وأخيرة ، تستخدم كأداة ائتمان في العلاقة بين حامل البطاقة والجهة المصدرة لها.  وقد ينحصر دور البطاقة في أداء إحدى هذه الوظائف ، أو بعضها ، أو جميعها معاً .

 

وتتميز بطاقات الوفاء ، كأداة للسحب بتوفير الوقت والجهد والنفقات سواء بالنسبة لحاملها ، أو بالنسبة للجهة المصدرة لها . 

إذ تتم عملية السحب في أقل من دقيقة واحدة ، وفي أي وقت .  هذا على عكس السحب بالطريقة العادية ، إذ تستغرق عملية السحب مدة أطول ، ولا تتم إلا في أوقات محددة هي وقت العمل الرسمي .

ويحصل " العميل" على بطاقة السحب بناء على عقد يتم الاتفاق على بنوده وشروطه بين كلا الطرفين : حامل البطاقة والجهة المصدرة لها .  ويتم التعاقد بتوقيع حامل البطاقة على "نموذج" معد لذلك سلفاً . 

ويحدد العقد شروط التعاقد من حيث إجراءات السحب وحدوده وأحكامه ، والتزام حامل البطاقة بالمحافظة عليها ، وعلى "سرية" رقمها ، والإجراءات الواجبة الاتباع في حالة سرقة البطاقة أو ضياعها ، والإقرار بصحة البيانات والمعلومات الحسابية الواردة على نسخة الشريط الورقي الذي يبقى في جهاز الصرف الآلي  نتيجة للسحب النقدي الذي قام به، وعدم مسئولية البنك عن أية أضرار تنشأ عن عطل طارئ بالموزع ، أو رفض الجهاز الصرف لأي سبب، أو عدم كفاية المبالغ المتوفرة فيه.

 

وبالرغم من انتشار طريقة السحب الآلي في معظم البنوك في السنوات الأخيرة ، إلا أن حجية الشريط الورقي الصادر عن جهاز الصرف في الإثبات محل شك .  فالشريط ليس موقعاً من العميل ، ومن ثم يصعب – قانوناً – اعتباره دليلاً كتابياً في ظل قواعد الإثبات الحالية . 

وإذا كان السحب بالطريقة العادية لا يتم إلا بعد توقيع العميل ، والتأكد من أنه هو التوقيع المعتمد لدى البنك، فإن السحب الآلي هو الآخر ، لا يتم إلا بعد اتباع إجراءات معينة تم الاتفاق عليها بين حامل البطاقة ، والجهة المقررة لها ، وإدخال الرقم السري Le code في جهاز الصرف الآلي . 

فهل يمكن – قانوناً – اعتماد هذه الإجراءات، وهو ما يسمى بالتوقيع الإلكتروني أو "الإجرائي" وقبولها بدلاً من التوقيع "العادي"؟

 

ثالثاً: الكمبيالة المغناطيسية L.C.R 

وتقوم هذه الطريقة على فكرة بسيطة مقتضاها أن تحصيل الحقوق يمكن أن يتم دون تداول الصك أو المستند المثبت للحق . 

وإذا كان المدين (الشركة) هو الذي يقوم – في التحويل الممغنط – بإرسال قائمة أوامر الوفاء إلى البنك لدفع رواتب الموظفينن فإن الدائن – في الــ L.C.R – هو الذي يُرسل إلى البنك قائمة بالكمبيالات المستفيد منها.

ويقوم الدائن لهذا الغرض ، بتسجيل البيانات الخاصة لكل مدين على شريط ممغنط ، ويُرسله إلى البنك ؛ ويقوم هذا الأخير بعمل تصنيف أولي لمحتوى الشريط الممغنط ، وتجميع كل مجموعة من الـــ L.C.R. تستحق في تاريخ معين ، وتسجيلها على شريط ممغنط جديد . 

ثم يقوم البنك بإرسال هذا الشريط إلى حاسب المقاصة التابعة لبنك فرنسا .  وفي تاريخ الاستحقاق ، يقوم هذا الأخير بقيد الــ L.C.R على أو لصالح البنوك المسحوب عليها .

 

وفي خلال ذلك يقوم بنك فرنسا بعملية " تصنيف" من نوع آخر حيث يقوم بتجميع الـــ L.C.R الخاصة بكل بنك علىحدة ، وتسجيلها على شريط ممغنط لا يتضمن سوى العمليات الخاصة بهذا البنك أو ذاك . 

ويقوم كل بنك ، بناء على الشريط الذي أرسله البنك المعتمد، بعمل عملية "تصنيف" أخرى خاصة بكل عميل على حدة. 

ويُرسل لكل عميل قبل تاريخ الاستحقاق بعدة أيام بياناً أو قائمة ورقية بالكمبيالات (L.C.R) المستحقة عليه؛ ويجب على العميل إعادة هذه القائمة أو الكشف إلى البنك مرة أخرى قبل تاريخ الاستحقاق، وممهوراً بعبارة Bon à payer. ويجب أن يُكتب هذا الكشف من نسختين: إحداهما ترسل إلى العميل (المدين) ، والأخرى يحتفظ بها البنك .

 

ولا شك أن لهذا الكشف الورقي أهمية عملية كبيرة من حيث الإثبات .  فهو الأثر الورقي الوحيد لعملية تمت بكافة خطواتها آلياً بوساطة الحاسب الإلكتروني .  وبالرغم من أهمية هذا الكشف ، فإنه يصعب – قانوناً – اعتباره " الأصل" الذي يدل على العملية بكاملها . 

فهو لا يظهر إلا في نهاية التداول أو قبل أيام قليلة من تاريخ الاستحقاق .  الأمر الذي يُثير مشاكل عملية من ناحية الإثبات .

على أنه أياً كانت حجية هذا الأثر الورقي في الإثبات ، فإن البنك المسحوب عليه يقوم بإضافة قيمة الكمبيالات التي وافق عليها العميل في حسابه المدين ، وإعداد قائمة بالكمبيالات (L.C.R.) التي لم تسدد قيمتها على شريط ممغنط جديد للبنك المستفيد .

وبذلك تتضح مزايا هذه الطريقة من التحصيل بالنسبة للمسحوب عليه .  إذ ليس سوى أن ينتظر إرسال كشف الحساب إليه .  كما أنها تعفي البنك من تداول الكمبيالات ذاتها مما يسهل له قيامه بالعمل  وأخيراً فإن تكلفتها تبدو أقل من طريقة التحصيل العادية .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى