دور الإسلام في حماية العناصر الطبيعية الأساسية المتواجدة في البيئة
2007 في الثقافة والتنوير البيئي
الدكتور ضياءالدين محمد مطاوع
KFAS
دور الإسلام في حماية العناصر الطبيعية الأساسية المتواجدة في البيئة إسلاميات علوم الأرض والجيولوجيا
قضت حكمة الله ان يوظف بعض المخلوقات لخدمة بعضها الآخر فأوضح القرآن الكريم أن كل كائن مما نعلمه وما لا نعلمه في هذا العلام له وظيفتان، هما:
– وظيفة اجتماعية لخدمة الإنسان.
– وظيفة دينية هي كونه آية على وجود صانعه وحكمته وعلمه وإتقانه.
وعندما نتأمل العناصر الطبيعية الأساسية في البيئة، التي أوجدها الخالق سبحانه وتعالى لمنفعة سائر المخلوقات الأخرى نجدها كثيرة ومتعددة، ومنها ما يلي:
1- الماء
جعل الله الماء أصل الحياة ومنشأها إذ يقول الله عز وجل (وجعلنا من الماء كل شيء حي افلا يؤمنون) فالنبات والحيوان والإنسان يرتبط وجودهم بوجود الماء، وقال عز وجل (وما أنزل الله من السماء من ماء فاحيا به الأرض بعد موتها) (البقرة: 164).
ويقول عز وجل (وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنابه نبات كل شيء) (الأنعام: 99). وبالإضافة إلى هذه الوظيفة الحيوية هناك وظيفة اجتماعية دينية هي تطهير البدن والملبس مما يعلق به من أوساخ ونجاسات ليصبح الإنسان مؤهلا للقاء الله، يقول عز وجل (وأنزلنا من السماء ماء طهور) (الفرقان: 48)
كما أرشدنا الله عز وجل إلى وظائف اخرى للماء في البحار والمحيطات، حيث جعل سكنا صالحا هيأ لحياة كائنات اخرى تؤدي دورها في عمارة هذا العالم واستمرار الحياة، قال عز وجل: (وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتتبغوا من فضله ولعلكم تشكرون) (النحل: 14)، ويقول عز وجل (أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيّارة) (المائدة: 96).
إن محاولة تعطيل العنصر عن أداء وظيفته الحيوية والاجتماعية هو تعطيل للحياة بأسرها أو إبطال لها بالكلية سواء كان ذلك بإهداره او تلويثه بمواد تعطل وظيفته في كونه أساس الحياة أو كونه بيئة صالحة لبعض الكائنات الحية أو غير ذلك والقاعدة الفقهية تقول: ما أدى إلى الحرام فهو حرام.
ولأهمية هذا العنصر في استمرار الحياة كلها جعله الله حقا شائعا بين بني البشر، فحق الانتفاع به مكفول للجميع بلا احتكار ولا غضب ولا إفساد ولا تعطيل.
قال عز وجل: (ونبئهم أن الماء قسمة بينهم) (القمر: 289). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الناس شركاء في ثلاث: في الماء والكلأ والنار".
2- الهواء
من مكونات البيئة الذي لا تقل أهميته عن أهمية الماء في استمرار الحياة والمحافظة عليها. وقد تكون للهواء وظائف اخرى غير مرئية للإنسان ولا تثير اهتمامه إلا أنها مقصودة لله عز وجل كما ينبهنا القرآن إليها، فالريح يسوقها الله رحمة وبشرى لأمم أخرى.
كما علق بها القرآن وظيفة حيوية هي وظيفة التلقيح إذ يقول الله عز وجل ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾ (الحجر: 22).
والرياح آية دالة على قدرة الله وإتقان صنعه وكماله كما قال عز وجل: "إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ" (البقرة: 164)
وإذا كان للهواء هذه الوظائف الحيوية والاجتماعية فإن المحافظة عليه نقيا خالصا تعتبر جزءا من المحافظة على الحياة نفسها التي هي مقصد أساسي من مقاصد الشريعة.
ولا شك ان المحافظة على هذا المكون من مكونات البيئة هو أساس المحافظة على الحياة بأشكالها المختلفة سواء كانت حياة نباتية أو حيوانية أو إنسانية، والقاعدة الفقهية تقول: ما لم يتم الواجب إلا به فهو واجب ومحاولة تلويثه أو إبطال وظيفته أو تعطيلها إبطال لحكمة الله في خلقه أو تعطيل لها، كذلك فإن ذلك يعد تعطيلا لبعض وظائف الإنسان وتعويقا له عن أداء دوره في عمارة الكون.
3- النبات والحيوان
لا شك في أن أهمية النبات والحيوان وفوائدهما العظيمة بالنسبة للإنسان، والقرآن الكريم يرشدنا إلى أن هذه المخلوقات لها وظائف جمالية وتزينية بالإضافة إلى وظائفها الاخرى.
وبما أن راحة النفس مطلب ديني ينبغي توفير أسبابه والمحافظة عليه فقد جعل الله في المخلوقات ما يثير البهجة والسرور في النفس حرصا على راحة الإنسان النفسية لما في ذلك من دفع له على العمل لأداء وظيفته.
كما ينبهنا القرآن الكريم إلى وظائف أخرى لهذه المخلوقات قد لا نعلمها ولا نحسها، ولكن القرآن ينبهنا إليها وهي وظيفة العبودية القهرية لله وتسبيحه والسجود له.
قال عز وجل﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ ﴾ (الحج: 18).
ويقول عز وجل﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِنْ لَا تَفْقَهُون تَسْبِيحَهُمْ ﴾ (الإسراء: 44). ويقول عز وجل﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا﴾ (الرعد: 15).
ويحرص الإسلام على بقاء هذه الكائنات حيث تتحرك نحو أداء وظائفها المنوطة بها لأنه يعدها أمما مماثلة لعالم الإنسان، حيث يقول عز وجل ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ﴾ (الأنعام: ٣٨)ٍ.
وعن الرسول صلى الله عليه وسلم قال"عُذِّبَتْ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ فَقَالَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَا أَنْتِ أَطْعَمْتِهَا وَلَا سَقَيْتِهَا حِينَ حَبَسْتِيهَا وَلَا أَنْتِ أَرْسَلْتِهَا فَأَكَلَتْ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ" (صحيح البخاري: 2192).
كما عفر الله عز وجل لإمرأة سقت كلبا، فعن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنَّ امْرَأَةً بَغِيًّا رَأَتْ كَلْبًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ يُطِيفُ بِبِئْرٍ قَدْ أَدْلَعَ لِسَانَهُ مِنَ الْعَطَشِ، فَنَزَعَتْ لَهُ بِمُوقِهَا فَغُفِرَ لَهَا" (صحيح البخاري: 4163).
ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة اتخذوا طائرا هدفا لهم يصوبون إليه ضرباتهم. ومن هنا أوجب المحافظة عليها وتنميتها لذاتها من ناحية ولمنفعة الإنسان من ناحية أخرى.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]