دور وأهمية اكتساب الإنسان لسلوك التربية في مختلف مناحي الحياة
1994 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الخامس
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
سلوك التربية العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
يسعى الانسان منذ نشأته الأولى إلى تحقيق أهدافه في البقاء والاستمرار والتكيف مع بيئته والسيطرة عليها.
والانسان في سعيه نحو بلوغ هذه الغاية يحاول أن يصل بينه وبين الأجيال السابقة واللاحقة.
فهو يتعلم ممن سبقوه ويعمل على نقل ما تعلمه مضافا إليه ما اكتسبه هو من خبرات جديدة إلى الأجيال القادمة.
وتقوم هذه الأجيال بدورها بنقل خبرات السابقين وخبراتهم بعد تنقيتها وتحسينها وتطويرها إلى الأجيال التالية.
وهكذا تتصل الحياة وتستمر الخبرة الإنسانية ويزداد الانسان قدرة، يوما بعد يوم على فهم نفسه والبيئة التي يعيش فيها.
والتربية هي الوسيلة التي تتم من خلالها هذه العملية، أي نقل التراث وتنقيته وتطويره بما يساعد الانسان على البقاء والاستمرار واكتساب القدرة على مواجهة مواقف الحياة دائمة التغير والتطور.
وفي الجتمعات الإنسانية الأولى، كانت الحياة بسيطة.
وكانت الأدوار الوظيفية التي يقوم بها الأفراد واضحة ومحددة وخالية من التعقيد. وكذلك كانت التربية. كان على الأبناء أن يتعلموا الأدوار الوظيفية التي تؤهلهم لحياة الكبار.
وكانت الأسرة تتحمل النصيب الأكبر من هذه المسئولية فالابن يتعلم من أبيه ومن المجتمع ما يجب عليه أن يعمله لكي يتأهل لحياة الكبار عندما يكبر ويصير رجلا.
وكذلك كانت البنت تتعلم دورها من أمها ومن المجتمع الذي تعيش فيه. وتستمر الحياة ليصبح أبناء هذا الجيل آباء الأجيال التالية، وتتصل الخبرة الانسانية جيلا بعد جيل.
ومع تطور المجتمعات الإنسانية زادت جوانب الحياة تعقيدا حيث ازدادت المعرفة الإنسانية بصورة كبيرة، كما ظهرت مهن وتخصصات عديدة وجديدة، بالاضافة إلى التغيرات الاجتماعية التي رافقت النهضة الصناعية والتقدم العلمي والتكنولوجي في كافة مجالات الحياة.
وأمام هذه التغيرات ظهرت حاجات ومتطلبات جديدة لكل من الفرد والمجتمع، وبات واضحا أن الأسرة وحدها لا تستطيع الوفاء بكل هذه الحاجات والمتطلبات.
ومن هنا ظهرت أهمية وجود مؤسسات متخصصة لمساعدة الأسرة في تربية الأبناء. ومن هذه المؤسسات المدارس والجامعات والمعاهد التعلمية المختلفة. وهذه جميعا تعمل على تنمية الفرد من جميع الجوانب.
فهي تربي الانسان من الناحية العقلية بمساعدته على تحصيل المعارف وتدريبه على التفكير العلمي السليم وتنمية ذكائه
وكذلك من الناحية الاجتماعية بتعليمه السلوك الاجتماعي المقبول في مجتمعه، مثل كيفية التعامل مع الآخرين ومعرفة حقوقه وواجباته، ومساعدته على النمو السليم جسميا ونفسيا عملا بالقول المعروف بان العقل السليم في الجسم السليم
وكذلك من الناحية الروحية حيث تزوده بمبادئ الدين وتعاليمه والقيم الاخلاقية السامية، إضافة إلى القيم الجمالية التي تمكنه من تذوق الجمال والاستمتاع بالحياة. هذا كله إلى جانب إعداده لمهنة تتناسب مع ميوله وقدراته لينفع نفسه ومجتمعه.
ومما تقدم يتبين لنا أن التربية عملية إنسانية بمعنى أن جوهرها هو الإنسان. وأن نموه هو غايتها وأنها لا توجد في أي مجموعة أخرى من الكائنات الحية غير المجتمع الإنساني.
وهي أيضا عملية اجتماعية لأنها على الرغم من كونها تسعى إلى تنمية الفرد إلا أنها تفعل ذلك آخذة في الاعتبار ظروف المجتمع الذي يعيش فيه وتسعى في الوقت ذاته إلى تقدم المجتمع ورفاهيته.
وإضافة إلى ذلك فالتربية عملية شاملة تتناول كل جوانب الخبرة الإنسانية من معلومات ومهارات واتجاهات وميول وقيم وطرق تفكير، كما تتناول كل جوانب نمو الفرد جسميا وعقليا واجتماعيا وروحيا وخلقيا وجماليا.
والتربية بهذا الشمول تقوم بها مؤسسات عديدة إلى جانب الأسرة والمعاهد التعليمية، فدور العبادة والنادي ووسائل الاعلام المرئية (التلفاز) والمسموعة (الراديو) والمقروءة (الصحف والمجلات والكتب) والمتاحف والمعارض كلها لها دور في العملية التربوية. وإلى جانب كل ذلك ينبغي ألا ننسى أن التربية عملية مستمرة.
أي أنها تبدأ مع الطفل منذ ولادته وتستمر معه طول حياته. وغايتها إحداث تغييرات مرغوب فيها في سلوك الأفراد مما يمكنهم من المشاركة البناءة في مواصلة الحياة وتقدم المجتمع والبيئة.
وحيث ان المجتمعات تختلف من حيث طبيعتها وظروفها ومشكلاتها وتطلعاتها، ولذلك تختلف التربية من مجتمع إلى آخر.
وفي المجتمع الواحد قد تختلف التربية في مرحلة عنها في مرحلة أخرى وفقا للظروف التي يمر بها المجتمع.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]