راصدو النجوم
2013 أطلس الكون
مور ، السير باتريك مور
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
راصدو النجوم
تحيط بنا السماوات من كل جهة، فلا شك أن أجدادنا ممن سكن الكهوف قد نظروا إلى السماء وتأملوا فيما رأوه، رأوا الشمس تهيمن على سماء الصباح، والقمر يسيطر على سماء الليل، فهل هما إلهان؟ أو لعلهما بيتان للآلهة؟ لم يعرف الأجداد الأولون ولا نتوقع منهم أن يعرفوا، ولكنهم كانوا على الأقل يرصدون السماء، ومع ظهور الكتابة قاموا بتسجيل ملاحظاتهم.
ويمكن القول أن أول من رصد النجوم هم البابليون والصينيون والمصريون، فقد قسم كل منهم النجوم إلى مجموعات أو أبراج ووضعوا تقاويم. وفي عام 3100 ق.م، ومع أن فهم المصريين للكون أعاقه اعتقادهم الخاطئ بأن السماء عبارة عن جسم الإلهة نوت المحدب فقد قدروا طول السنة ب365 يوما. والأهرامات بالطبع مصطفة فلكيا، وبالإضافة إلى ذلك فقد اهتم المصريون كثيرا بصعود نجم الشعري اليمانية المتألق، ووقته هو أول يوم في السنة يمكن فيه رؤية النجم الشعري اليمانية عند الفجر أو الشفق الصباحي، وأهمية هذا الوقت تكمن في دلالته على الفيضان السنوي للنيل والذي اعتمد عليه الاقتصاد المصري آنذاك.أما الفلك الحقيقي فقد جاء مع الإغريقيين، فهم لم يكتفوا بالنظر إلى الأجرام السماوية ولكنهم قاموا بمحاولات جادة لفهمها وتفسيرها. وقد علم الإغريقيون بوجود العديد مما سموها ’النجوم الجوالة’ والتي نعرفها الآن بكواكب عطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل، وأن النجوم بعيدة جدا. و بينوا في مرحلة مبكرة أن الأرض كروية وليست مسطحة، وسجلوا الظواهر النادرة كالكسوف والخسوف وظهور المذنبات. وبعض الفلاسفة وأبرزهم أريستاركوس 230 ق.م وصلت جرأته لأن يقول أن الكرة الأرضية ليست إلا كوكبا يدور حول الشمس، ولكن الإغريقيين رجعوا- لاحقا إلى فكرة مركزية الأرض، وأقروا أن أي فكرة غير ذلك كانت تعتبر هرطقة لا تتفق مع العلم.
عاش بطليموس (كلوديوس بطلميوس) وهو آخر علماء الفلك الإغريقيين العظماء عام 150 م، ولا نعرف عن حياته إلا أن مسكنه كان بالأسكندرية، ولكننا ندين له بالكثير. فقد ألف كتابا يعتبر ملخصا للعلوم القديمة، وقد وصلنا من خلال ترجمته العربية )الماجسطي( الذي أتقن فيه صورة نظام الكواكب بمركزه الأرضي، وأعد فهرسا ممتازا للنجوم ورسم أول الخرائط المعروفة التي اعتمدت على الرصد الفلكي.وبالطبع لم تخل هذه الخرائط من الأخطاء، ففيها تلتصق اسكتلندا بإنجلترا بالمقلوب.
خلت القرون التالية لعصر بطلميوس من أي تقدم في علم الفلك، حتى أحياه العرب ثانية وكان آخرهم هو ألغ بيك الذي شيد مرصدا عظيم في عاصمته سمرقند عام 1420. وبالطبع لم يكن لديه مقاريب و لكنه وبالرغم من ذلك استطاع أن يصدر فهرسا للنجوم فاق في دقته كل من سبقوه. وبدأت – مدرسة الفلك العربية بالاندثار بعد وفاته
ثم جاء ما سمي بالثورة الفلكية العظمى والتي بدأت عام 1543 مع كتاب أصدره القسيس البولندي نيكولاس كوبيرنكوس. وفي كتابه هذا، نزع الأرض من موقعها في مركز الكون ووضع مكانها الشمس، وكان يعلم أن الكنيسة سترفض فكرة كهذه فحرص على تأخير إصدار كتابه ليقارب نهاية عمره، وهو بهذا نقلنا إلى ما نسميه العصر الحديث لعلم الفلك. وفي عام 1600 تم حرق أحد أتباعه جيوردانو برونو في روما، وكانت إحدى جرائمه بالنسبة للكنيسة هي أنه يؤمن بأن الكرة الأرضية تدور حول الشمس.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]