علم الفلك

رحلات إلى المشتري

2013 أطلس الكون

مور ، السير باتريك مور

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

علم الفلك

رحلات إلى المشتري

مرت عدة مركبات فضائية بالمشتري حتى الآن. كانت البداية مع بايونير 10 (ديسمبر 1973) وبايونير 11 (ديسمبر 1974)، وقد أرسل بايونير 11 فيما بعد في مهمة عابرة إلى زحل. و تبع ذلك رحلات فوياجر 1 (مارس 1979) وفوياجر 2 (يوليو من العام نفسه) وقد كانتا مركبتين أكثر تعقيدا بكثير. تم إرسال المركبتين لإجراء دراسات مفصلة حول زحل و نظام أقماره، كما أرسلت فوياجر 2 إلى أورانوس و نبتون أيضا. وجميع هذه المستشعرات الأربع حاليا في طريقها للخروج من مجموعتنا الشمسية بصورة نهائية. ومر مسبار يوليسيس الشمسي بالقرب من المشتري في فبراير 1992، وكان الهدف الرئيسي لذلك هو استخدام قوة جاذبيته لمساعدة المسبار في التحليق بعيدا عن مسار الشمس الذي يسمى دائرة البروج، إلا أن العلماء لم يفوتوا الفرصة الثمينة وأجرى المسبار بعض الملاحظات حول المشتري أيضا. وقد أطلق آخر مسبار يستهدف المشتري بالذات وهو غاليليو في أكتوبر 1990 و وصل إلى وجهته في ديسمبر 1995. ومرت مركبتان أخرتان بالكوكب كلا على حدة أيضا وهما كاسيني ونيو هورايزنز، وقد مرتا بالكوكب في طريقهما إلى زحل و بلوتو والتقطتا صورا لتكوين الغيوم وللحلقات ولبعض الأقمار.

وقد عاد مسبارا فوياجر بنتائج مهمة للغاية، ونال الغلاف المغنطيسي البالغ الاتساع للكوكب اهتماما خاصا. وليس الغلاف كرويا بل له ذيل مغنطيسي يمتد انطلاقا من اتجاه الشمس ويتجاوز مداه 700 مليون كيلومتر بكثير (ما يزيد على 400 مليون ميل) حتى أنه قد يحتوي كوكب زحل في بعض الأحيان. وتوجد مناطق إشعاع تفوق مناطق فان ألين على الأرض قوة، بحيث يقتل وبسرعة أي مستكشف فضاء يدفعه الاستهتار إلى دخولها بتأثير التسمم الإشعاعي. وقد كادت قوة مستويات الإشعاع غير المتوقعة أن تشل أجهزة بيونير 10 وهو أول مسبار يمر بالكوكب، وتم توجيه المسابر اللاحقة بحيث تقطع المنطقة الإستوائية حيث يبلغ الخطر أشده بسرعة. وتم بناء مسباري فوياجر فيما بعد بعناية لتتحمل ضعف مستويات الإشعاع المتوقعة. وفي حين لم يتأثر فوياجر 1 إلا بصورة طفيفة حين أصبح على بعد 350,000 كيلومتر (220,000 ميل) من الكوكب، تعرض فوياجر 2 لمستويات أشعاع أعلى بثلاث مرات حين أصبح على بعد650,000 كيلومتر (400,000 ميل) من المشتري، ويتضح من هذا تفاوت المناطق في قوة الإشعاع بشكل كبير. إن المجال المغنطيسي بالغ التعقيد وهو عكسي بالنسبة للمجال المغنطيسي للأرض، أي أن البوصلة ستشير إلى جنوب الكوكب، ويميل محور المغنطيسية على محور الدوران بعشر درجات.

كما اكتشف نظام مجهول من الحلقات والتقطت صورا رائعة للكوكب تظهر الغيوم المضطربة والبقع زاهية الألوان. وتم رصد ظاهرتي الشفق و البرق في الجانب المظلم للكوكب وتم تسجيل ملاحظات من جميع الأنواع، وتبين أن تغيرا ملحوظا حدث في الزمن الفاصل بين مرور مسابر بيونير وفوياجر وأيضا في الزمن الفاصل بين مرور مسباري فوياجر، حيث اختلف على سبيل المثال شكل البقعة الحمراء.

أطلق مسبار غاليليو في أكتوبر 1989 ووصل إلى المشتري بعد رحلة اتخذت مسارا غير مباشر في ديسمبر 1995. تكوَّن غاليليو من جزئين، مهمة أولهما دخول المجال الجوي للكوكب ومهمة الثاني الدوران حول الكوكب، وقد انفصل الجزءان قبل الوصول إلى الكوكب بزمن طويل. وكان قد خطط للجزء الأول الدخول في غيوم المشتري.

وإرسال بيانات لمدة تزيد عن الساعة حتى يتحطم، أما الجزء الثاني فسيظل يدور في مدار محدد حول الكوكب لسنوات عدة مرسلا صورا للمشتري ولأقماره.

فقدت بعض المعلومات نتيجة لفشل في انبساط هوائي التقاط موجه وهو جزء ذو أهمية خاصة في قناة الاتصالات، إلا أن قدرا كبيرا من البرنامج تم تنفيذه. و غاص مسبار الدخول في الغيوم في الزمن المحدد لذلك و استمر في إرسال البيانات على مدى 75 دقيقة وصل خلالها إلى عمق 160 كيلومتر (100 ميل).

وقد جاءت بعض النتائج غير متوقعة. فعلى سبيل المثال، ساد اعتقاد بأن رياح المشتري القوية محصورة في الغيوم الخارجية وأن شدة الرياح تتناقص بتزايد العمق، إلا أن هذا لم يحدث، وقد ظلت الرياح على شدتها حتى فقد الاتصال بالمسبار. ويشير هذا إلى أن مصدر القوة لم يكن الشمس بل الحرارة المنبعثة من الداخل. كما لوحظ قدر أقل من المتوقع من البرق وأن الغلاف الجوي للمشتري اتسم بالجفاف، مما أثار الاعتقاد بأن مصدر الماء الذي لوحظ بعد الاصطدام مع مذنب شوميكر-ليفي هو المذنب المضمحل أو من مناطق أكثر عمقا من الغلاف. ولكن تحليلا لاحقا أظهر أن غاليليو دخل الغيوم في منطقة جافة على غير العادة من الكوكب، أشبه ما تكون بالصحراء، واتضح بالتالي أن هذا الجفاف لم يكن نموذجيا. وتم بهذا الوصول إلى حل أحد الألغاز المتعلقة بالكوكب على الأقل و لكن مازال يستحيل علينا القول بأننا اقتربنا من المعرفة الكاملة للكوكب من الداخل بأي حال من الأحوال. وبما أننا لا نتوقع اصطداما جديدا بأحد المذنبات، فإنه يتعين علينا نظريا الانتظار لحين التمكن من إدخال متعمد لأحد المسابر إلى غيوم المشتري لنعرف المزيد.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى