رحلات قبائل “الفايكنج” والأدوات المستخدمة فيها
2016 علوم العصر الكلاسيكي وأوائل العصور الوسطى
جون كلارك مع مايكل ألابي وإيمي جان بيير
KFAS
التاريخ المخطوطات والكتب النادرة
المصريون وشعوب بلاد الرافدين هم أول من صنع السفن ذات الأشرعة المربعة.
لكن سفنهم كانت صغيرة جداً ولا تصلح إلا للإبحار على المياه الهادئة مثل نهر النيل ونهر الفرات، أما قبائل الفايكنج من الدول الاسكندنافية فقد طوروا الشراع المربع ليبلغوا به حد الكمال، فأبحروا في سفنهم الكبيرة الطويلة حتى عبروا بها المحيط الأطلسي ووصلوا أمريكا الشمالية.
غزا النورس (قدماء الإسكندنافيين) جزراً قبالة الساحل الإسكتلندي وهولندا في عام 793، وبحلول عام 850 أنشأوا المستعمرات في إيرلندا، وفي حوالي عام 860 استكشف الفايكنج آيسلندا ليستوطنوها بعد 14 عاما من ذلك،
وفي الوقت الذي بدأ زعماء قبائلهم غزو بريطانيا وفرنسا قام بحارتهم برحلات ملحمية على متن سفنهم الطويلة بعبور شمالي المحيط الأطلسي. في عام ٩٨٢ استكشف إيرك ثورفالدسون (٩٥٠ -حوالي ١٠٠٣)، الملقب بإيرك الأحمر، الساحل المتجمد من جزيرة غرينلاند، متبنياً هذا الاسم للأرض التي استكشفها تحفيزاُ لقومه على استيطانها.
وفي عام ٩٨٦ قاد ٤٠٠ مستعمرٍ لاستيطان الجزيرة، في حوالي عام ١٠٠٠ استكشف ابنه ليف إيركسون (حوالي ٩٧٠ -حوالي ١٠٢٠) سواحل أمريكا الشمالية، وخلال رحلته وطئت أقدامه جزيرة هيلولاند (جزيرة بافن) وماركلاند (لابرادور) قبل أن يقضي شتاء تلك السنة في منطقة أسماها فاينلاند (أو «واينلاند»، أي أرض النبيذ، ربما نسبة إلى العنب الذي وجده ينمو هناك).
لانعلم تحديداً موقع منطقة فاينلاند، لكن يُعتقد أنه يقع في مكان ما بين جنوبي لابرادور وولاية نيوجيرسي الحالية. وبعد عام واحد أو أكثر قليلاً قاد إيركسون المستوطنين إلى جزيرة نيوفوندلاند حيث شيدوا البيوت وسقفوا أسطحها بالمروج المكسورة بالأعشاب، وذلك نظراً لعدم وجود أشجار الخشب فيها، وشيد في الجزيرة مستعمرة لانس أوميدوز (مروج خليج لانس او ميدو).
بيد أن المستعمرين أُضطروا للهرب من الجزيرة تحت وطأة المقاومة الشرسة للسكان المحليين الذين أطلقواعليهم مُسمى سكرلنجز (المتوحشون أو البدائيون في اللغة النرويجية).
قطع الفايكنج الأنهار الرئيسة في أوروبا وغزوا معظم القارة، إذ نهبوا مدينة باريس في فرنسا عام ٨٤٥ ثم أعادوا غزوها ونهبها مرة أخرى عام ٨٥٦، وأنشأوا في رحلاتهم طرق التجارة والمستوطنات فاحتلوا نورماندي في شمال فرنسا عام ٩١١ وبقوا هناك حتى عام ١٠٠٠. كما استوطنوا إيرلندا وإنجلترا والدنمارك وألمانيا وروسيا.
يكمن سر النجاح البحري للفايكنج في سفنهم الطويلة ذات الأسطح المفتوحة. تميزت سفن الفايكنج بارتفاع القمة والمؤخرة وتصميم صارية ذات شراع مربع مما وفر لها السرعة والسلاسة في الإبحار، كما وفر صف متواصل من المجاديف على كل جانب القدرة على المناورة على مقربة سواحل الأنهار ومصباتها حيث تنعدم فائدة الأشرعة، علاوة على أن المجاديف ساعدت في زيادة سرعة السفن في المعارك.
وللتحكم في مسارها وضع مجداف تحكم واحد على ميمنة السفينة – سطح القيادة أو جانب التحكم، وقد تعددت مُسميات سفن الفايكنج تبعاً لاستخدامتها، وأطول أنواعها الدراكار، ويعني التنين باللغة النروجية، وذلك نسبة إلى رأسي التنينين المحفورين على طرفيها.
ويبلغ طول الدراكار ١٠٠ قدمٍ (٣٠ م) ويمكنه بلوغ سرعة قصوى تقارب ١٤ عقدة بحرية، ما يعادل ١٦ ميلاً في الساعة (٢٦ كم/ الساعة ).
ولأغراض نقل البضائع والتجارة ونقل المستعمرين شيد الفايكنج سفينة أقصر طولاً وأعرض أسموها كنار، ويتميز هذا النوع بجوانب أكثر ارتفاعاً وبسطحٍ للبضائع في المقدمة والمؤخرة ووجود عددٍ قليلٍ من المجاديف، وتبلغ سعة حمولتها ٢٧ طناً (٢٥ طنا ًمتريا).
استخدم بناة السفن الفايكنج عوارض خشبية مستقيمة متداخلة من شجر البلوط لتصنيع جوانب بدن السفينة وثبتوها في مواضعها بالمسامير. ولبناء الهيكل الداخلي استخدموا قطعاً خشبية متماسكة اختاروها بعناية من أغصان الأشجار ذات الانحناء المناسب.
ولتوفير أكبر قدر من القوة عمد الفايكنج إلى عدم نشر الخشب عبر عروقه لتصنيع الشكل المطلوب. أما الشراع فصنع من الصوف المحاك ولذلك كانت إدارته صعبة للغاية عند تشبعه بالمياه خلال العواصف.
في الرحلات الطويلة اعتمد البحارة على اللحم والسمك المقددين للطعام واستخدموا جلود الحيوانات يتلحفون بها في منامهم على السطح المفتوح للسفينة.
في رحلاتهم البحرية الطويلة كان على الفايكنج حمل المياه العذبة معهم، لكنهم أيضا شربوا الميد، أو ما أسموه نبيذ، وهو شراب كحولي مصنوع من العسل المخمر.
تنبع غالبية معلوماتنا عن سفن الفايكنج الطويلة من مدافنها، مثل مدفن السفينة الملكة آسا في مدينة أوزبيرغ بالنرويج (نُبش المدفن عام ١٩٠٤)، الذي يعود تاريخه إلى عام ٨٣٤. يبلغ طول السفينة ٧١ قدماً (٢١.٦ م) واستدعى دفنها قيام مجموعة من الرجال بسحبها إلى الشاطئ وإنزالها في حفرة ضحلة.
وقد وضع المشيعون بدن السفينة في نعش مصنوع من جذع شجرة ودفنوا معها أثاثها والأواني التي استخدمت خلال رحلاتها، وتم تغطية القبر بالصخور والطين وزرعت فوقها طبقة من الأعشاب، وبقى المدفن ومحتوياته دون انتهاك لأكثر من ١,٠٠٠ سنة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]