رغبة التأليف الكبيرة لدى “ابن النفيس”
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول
صبري الدمرداش
KFAS
ابن النفيس التاريخ المخطوطات والكتب النادرة
كان ابن النفيس في الأيام التي لا يُدعى فيها إلى البيمارستان ينكب على التأليف في الطب آناً وفي علوم الفقه واللغة آونة أُخر.
وكان وهو يؤلِّف يجلس على منضدة واطئة ووجهه إلى الحائط وقد برى له خادمه عشرات الأقلام فقد كان وهو يؤلِّف يتدفَّق في كتابته إملاء من خاطره كالسيل إذا انحدر، فإذا كلَّ القلم رمى به وأمسك بغيره كي لا يضيع الوقت في بري قلم! ولشدة تركيزه فيما يكتب كان ينسى أن يشرب قدحاً حين يظمأ وينسى أن يأكل والطعام مُعد له ومجهزٌ.
كان يؤلف من صدره، وبغير مراجعة، وهو على ثقة بما يكتب، ويلومونه إن أفرط في التأليف، فيجيبهم: لو لم أكن على ثقة من أن مؤلَّفاتي ستعيش من بعدي عشرة آلاف سنة، ما كتبت فيها حرفاً!.
وكانت شهوة التأليف تتملَّكه أحياناً بقوة لا يستطيع منها فكاكاً، فتحفزه إلى رمي ما في يده وحصر كل فكره في الكتابة متأثراً بنوع من الوحي حتى في أغرب الأماكن.
دخل الحمَّام مرة ليغتسل، ولكنه سرعان ما خرج إلى مسلخ الحمَّام وطلب دواة وقلماً وورقاً وأخذ في تصنيف مقالة في النبض، وبعد أن أنهاها عاد ودخل الحمَّام ليكمل غسله!.
ومثلما كانت ذاكرة ابن النفيس باهرة وحاضرة وثقته بنفسه كبيرة ومطلقة، كانت عقليته الناقدة نادرة.
فقد انتقد كلاً من جالينوس وابن سينا، ولم يعارضه أحد أطباء مصر في هذا الانتقاد، فقد كانوا يجلون عمله ويحترمونه ويعتبرونه (ابن سينا الثاني) أو (ابن سينا عصره).
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]