رموز الهندسة

2014 أبجدية مهندس

هنري بيتروسكي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الرياضيات والهندسة الهندسة

رموز الهندسة (Symbols Of Engineering). لمهنة الطب في العالم أجمع رمز شائع جداً يتمثّل في عصا أسكلبيوس  (Asclepius)– وهو صولجان يلتف حوله ثعبان. وهو رمز مشتق من الأسطورة الإغريقية التي تقول إن أسكلبيوس كان إله الدواء والشفاء، وهو متضمن في شعار جماعات تمتدّ من الجمعية الصحية الأميركية إلى المنظمة العالمية للصحة.

المهنة القانونية يرمز إليها في العديد من واجهات دور المحاكم على شكل سيدة العدالة المعصوبة العينين تحمل كفتي ميزان – وأحياناً سيفاً في يدها الأخرى – وهي صورة لها جذورها في الثقافة الإغريقية. ويقال إن سيدة العدالة تمثل إلاهة العدالة والقانون ثميس (Themis)؛ ومهما تكن أصوله فهذا الرمز يرتبط بالمهنة القانونية اليوم.

لا يوجد ما يماثل ذلك عالمياً من رمز عميق الجذور يخص مهنة الهندسة. فصورة أرخميدس (Archimedes) مستعملاً رافعته لتحريك الأرض لها جذورها القديمة، ولكن لسوء الحظ فهي لا ترتبط بمهنة الهندسة عن قرب كما هو حال الصولجان والميزان مع مهنة الطب والقانون.

اعتمد الختم الرسمي للجمعية الأميركية للمهندسين الأميركين عندما تشكلت الجمعية، ويظهر عليه الأرض التي تحركها رافعة تمسك بها يد مجهولة – على الأرجح يد أرخميدس. كما أن ختم الجمعية الأميركية لمهندسي الميكانيك الدولية المحدث يتضمّن رافعة أرخميدس؛ ولكن مثل هذا الختم يستعمل في الوثائق الرسمية فقط. وترويسة رسائل الجمعية الأكثر وضوحاً يأتي من أعلاها شعار من حروف تتضمّن رسماً فنياً لمختصر أحرف الجمعية الأوائل (ASME)، وتظهر الأرض خلف الأحرف، مخسوفة وراءهم. والكرة في أحسن الأحوال هي لتذكير غير مباشر بالرافعة – وبالهندسة.

إن لمهنتي الطب والقانون اختصاصات بديهية، على الرغم من أن هذه الاختصاصات ترتكز على مناهج دراسية مشتركة يلتزم بها ممارسو كل مهنة من هاتين المهنتين. أما التعليم الهندسي فكان يتضمّن منهجاً مشتركاً لسنتين قبل أن تهيمن المناهج الاختصاصية المتعددة. وحتى حدوث ذلك الافتراق، طلبة الهندسة وبصرف النظر عن اختصاصهم، على كل طلبة الهندسة أن يدرسوا الهندسة المكانيكية، التي ربما حسبوا في وظائفهم البيتية القوى المؤثرة في رافعة أرخميدس لتحديد المقدار الكمي لهذه المهمة.

لرافعة أرخميدس إمكانية هائلة لتقبّل كل طلاب الهندسة في رمز واحد لمهنتهم. حتى بعد تفرقهم عن بعضهم لدراسة الهندسة الكهربائية أو الميكانيكية، فيمكن للرافعة أن تبقى كناية مجازية عن كل ما يمكن للمهندسين أن يفعلوه وهو الارتقاء بقوانين الطبيعة لصالح الجنس البشري. قد لا يحركون الكرة الأرضية فقط، ولكنهم يحركون المعلومات حولها، ويزيلون غازات الدفيئات المنغصة عنها.  وبالفعل، فمن خلال العمل معاً في فرق حديثة متعددة الاختصاصات يمكن للمهندسين تحقيق أشياء لم يكن لأرخميدس ومعاصريه أن يحلموا بها.

ربما ابتعدت مدارس الهندسة عن نواة المنهاج الدراسي المشترك. إذ يمكن لطلاب الهندسة في سنتهم الأولى أن يدرسوا الفيزياء والكيمياء والرياضيات ودروس الكتابة المشتركة؛ ولكن أول مواد دراستهم الهندسية تنحو لأن تكون اختصاصية. فاستطاعة رافعة أرخميدس – كما يجري حسابها في أول مدخل عام لمادة دراسية ميكانيكية – كأداة موحدة، وإن كانت رمزية، قد فُقدت، وحرمت مهنة الهندسة رمزاً دولياً له وزن وتقليد وتميّز مماثل رموز مهنتي الطب والمحاماة.

أدخلت جمعية هندسة الطب الحيوي في شعارها رمزاً طبياً وليس هندسياً – عصا أسكلبيوس. أما شعار معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات فيتألف من زوج من الأقواس، يمثلان قاعدة اليد اليمنى في الكهرومغناطيسية على حامل بشكل مَعِين يرمز إلى طائرة بنجامين فرانكلن (Benjamin Franklin) الورقية. إن نظرة سريعة إلى هذا الشعار تذكر بعصا أسكلبيوس. أما الجمعية الوطنية للمهندسين المهنيين التي يتألف أعضاؤها من طيف من الاختصاصات فقد ضمنت في شعارها رمز التكامل الرياضي بدلاً من أي رمز هندسي بديهي. كذلك فإن للأكاديمية المهندسين الوطنية، التي تضم الهندسات كلها، كان رمزها الرئيسي جسراً – من قنوات – يرمز إلى "ربط الهندسة بالمجتمع" بدلاً من حقول هندسية معزولة. وفي حين أن لهذه الرموز المنفصلة منطقها الذي يمكن الدفاع عنه، إلا أنها في مجموعها تمثل فرصة مفقودة لتوحيد الهندسة تحت رمز عالمي عميق الجذور. من مقال: "Symbolizing Engineering," ASEE Prism, April 2008, p. 26.